إثيوبيا: افتتاح سد النهضة في سبتمبر.. وبناء 20 سداً جديداً وسط رسائل لمصر والسودان

✍️ كتبت: د. هيام الإبس
في تطور جديد ومثير في ملف سد النهضة، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أن بلاده ستفتتح السد رسميًا في سبتمبر المقبل، عقب انتهاء موسم الأمطار، مؤكداً أن إثيوبيا ستوجه دعوة رسمية إلى حكومتي مصر والسودان لحضور هذا الحدث الذي وصفه بـ”التاريخي” و”المعبر عن روح التعاون الإقليمي”.
وفي كلمة له أمام البرلمان الإثيوبي، شدد آبي أحمد على أن السد “لا يُشكل تهديدًا على دولتي المصب”، في إشارة إلى مصر والسودان، مؤكداً أن “سد أسوان لم يفقد حتى لتراً واحداً من المياه بسببه”، حسب ما نقلته وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية.
Table of Contents
Toggle20 مشروعاً جديداً للسدود
لم يقتصر حديث رئيس الوزراء على سد النهضة فحسب، بل كشف عن خطة طموحة تشمل بناء 20 سداً جديداً في مختلف أنحاء إثيوبيا، ستُستخدم في ري أكثر من 220 ألف هكتار (نحو 500 ألف فدان) من الأراضي الزراعية. ومن المقرر أن يتم افتتاح ستة من هذه السدود أيضاً في سبتمبر المقبل.
وأكد أن هذه السدود جزء من استراتيجية وطنية لتقليل الاعتماد على الأمطار، وزيادة الإنتاج الزراعي، في محاولة لتحويل إثيوبيا إلى مركز زراعي إقليمي، وتحقيق الأمن الغذائي وتقليص الفجوة التنموية بين المناطق المختلفة.
رسائل سياسية في توقيت حساس
في سياق متصل، أوضح آبي أحمد أن بلاده “ستمضي قدمًا في استكمال مشروعها الوطني رغم المحاولات الرامية لعرقلة افتتاح السد”، دون أن يحدد الجهات المقصودة. وأبدى في الوقت نفسه استعداد حكومته لاستئناف الحوار مع مصر، معتبرًا أن المشروع يجب أن يكون فرصة للتعاون الإقليمي وليس للصراع.
هذا الإعلان يأتي في ظل توقف المفاوضات بين الدول الثلاث منذ فشل الجولة الأخيرة، والتي وصفتها القاهرة بأنها وصلت إلى “طريق مسدود”، متهمة أديس أبابا باتباع سياسة فرض الأمر الواقع فيما يتعلق بملء وتشغيل السد دون اتفاق ملزم.
مصر ترفض المساس بحقوقها التاريخية
من جهتها، أكدت مصر على لسان وزير الخارجية د. بدر عبد العاطي أنها “لن تسمح تحت أي ظرف بالمساس بحقها التاريخي في مياه النيل”، مشيراً إلى أن القاهرة تحتفظ بـ”حق الدفاع عن النفس” إذا ما تعرضت مصالحها المائية لأي تهديد.
وأوضح عبد العاطي أن مصر تعاني بالفعل من عجز مائي حاد، إذ إن احتياجاتها السنوية تتجاوز 90 مليار متر مكعب من المياه، بينما تحصل فقط على 55.5 مليار متر مكعب من نهر النيل.
وأشار إلى أن مفاوضات سد النهضة خلال السنوات الماضية “لم تُفضِ إلى أي نتائج”، وتم استخدامها من قبل إثيوبيا لـ”فرض أمر واقع دون اتفاق ملزم”.
اتفاق عنتيبي يزيد التوتر
في تطور موازٍ، دخل “اتفاق عنتيبي” بين عدد من دول حوض النيل حيّز التنفيذ في أكتوبر الماضي، رغم اعتراض مصر والسودان، مما يعزز من النفوذ الإثيوبي في ملف المياه.
ورغم أن الاتفاق يهدف إلى “إدارة عادلة ومستدامة لمياه النهر”، إلا أنه أثار تحفظات مصرية شديدة، نظراً لعدم تضمينه ضمانات واضحة لحقوق دول المصب التاريخية.
سد النهضة بالأرقام
-
التكلفة: 4.2 مليار دولار
-
الموقع: على بعد 30 كم من الحدود السودانية
-
الارتفاع: 145 متراً
-
الطول: 1.8 كيلومتر
-
السعة التخزينية: 74 مليار متر مكعب
-
القدرة الإنتاجية: أكثر من 5000 ميجاوات (أكبر سد كهرومائي في إفريقيا)
وقد بدأت إثيوبيا توليد الكهرباء من السد في فبراير 2022، ويتوقع أن يضاعف إنتاجها الحالي من الطاقة عند التشغيل الكامل.
مخاوف دولية من التصعيد
ومع اقتراب موعد التدشين الرسمي، تتصاعد التحذيرات الدولية من التوترات الإقليمية، خاصة في ظل غياب أي مؤشرات لاستئناف المفاوضات، واستمرار الإجراءات الأحادية من جانب إثيوبيا، ما قد يؤدي إلى مزيد من التصعيد في ملف بالغ الحساسية يتداخل فيه الأمن القومي والمائي والسيادة الوطنية لدول المنطقة.
وفي ظل حالة الجمود السياسي، يظل التساؤل المطروح: هل يشكل سبتمبر بداية تعاون جديد.. أم تصعيداً جديداً؟