بسعى البعض للتمييز بين الشغف بالعمل وبين إدمانه، ولكن يبدو الامر صعبا مع سهولة تنقل العمل معنا إلى المنزل من خلال الهواتف الذكية أو الأجهزة المحمولة.
أخذ باحثون من جامعة بيرغن على عاتقهم أن يعرفوا عدد الناس الذين يدمنون العمل بشكل فعلي. فاستطلعوا آلافا من الناس في النرويج مستخدمين “مقياس بيرغن لإدمان العمل،” والذي يستخدم معايير تشخيصية لأنواع كثيرة من الإدمان.
وبحسب شبكة ( سي ان ان ) الاثنين 13 يونية 2016;توصلت الدراسة إلى أن 7.8 في المائة من الناس مدمنين للعمل. وهذا معناه أن هؤلاء الناس كانوا يقضون وقتا أكثر من اللازم بالعمل ليتخلصوا من مشاعر الذنب والقلق، مما أدى إلى إهمالهم لاعتبار الهوايات والرياضة من الأولويات.
وقد علقت الباحثة والأخصائية النفسية، الدكتورة سيسيلي أندريسن، بالقول إن في أنواع الإدمان المعتاد عليها، عادة ما تكمن أسباب — منها أسباب جينية — تلعب دوراً في هذا الإدمان. لكن الموضوع لم يُبحث سابقا في مجال إدمان العمل.
هل من علاقة بين إدمان العمل واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه
حلل الباحثون ردودا من حوالي 16 ألفا و500 عامل بالغ سنهم تتراوح بين الـ16 والـ75، ويمثلون مجموعة متنوعة من الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية. ووجد الباحثون أن 32.7 في المائة من مدمني العمل كان لديهم المعايير التشخيصية لاضطراب ADHD، بينما لا تزيد النسبة بين غير المدمنين على العمل عن 12.7 في المائة فقط.
وهذا بالنسبة للباحثين يشير إلى رابط يستحق الاعتبار بين إدمان العمل واضطراب ADHD
بحلول عام 2011، شُخِّصَ 11 في المائة من الأطفال والمراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين أربعة و17 سنة في الولايات المتحدة باضطراب ADHD، وتتزايد النسب سنة بعد سنة. وفي حين يرتبط الاضطراب بشكل واضح بالأطفال والمراهقين، كثيرا ما يُتغاضى عنه في البالغين.
وقالت أندريسن إنه لم يكن هناك الكثير من المعرفة عن معاناة البالغين من الاضطراب لأنه كان من المعتقد أن الاضطراب متعلق فقط بالأطفال وأنهم يتخلصون منه مع تقدمهم بالسن. ولكنها رجّحت أن العاملين الذين يواصلون العمل بعد ساعات العمل أو بعطلات نهاية الأسبوع قد يعانون من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
ما علاقة إدمان العمل بالصحة العقلية بصورة عامة؟
وجدت الدراسة أيضاً علاقة بين إدمان العمل والوسواس القهري، فحوالي 25 بالمائة من المصنفين كمدمني عمل كان لديهم صفات معاني المرض.
ارتبط إدمان العمل أيضاً بالقلق والاكتئاب. فوجد الباحثون أن حوالي ثلث مدمني العمل كانوا عرضة لمعاناة القلق، و8.9 في المائة كان لديهم المعايير التشخيصية للاكتئاب.
في حين أن النتائج تسلط الضوء على أن الإدمان لا يقتصر فقط على سلوكيات مثل الشرب أو القمار، من المهم أن نلاحظ أن الدراسة لا تؤكد علاقة وطيدة بين الأسباب والتأثيرات، وأن الدراسة شملت مجرد عينة من بعض سكان النرويج. كما أن أهميتها لا تنبع من تركيزها على أنواع من الإدمان غالبا ما لا يلتفت إليها الأطباء فحسب، بل من واقع أنها تشكل فرصة للناس ليقيّموا علاقتهم بالعمل، وربما يتلقوا العلاج إذا وجدوا أن علاقتهم مع العمل زائدة عن حدها.