إسرائيل تشدد الرقابة العسكرية على النشر الإعلامي لأجداث الحرب في غزة
كتب – محمد السيد راشد
بقوانين الطوارئ التي تعود للانتداب البريطاني، تفرض إسرائيل رقابتها العسكرية على وسائل إعلامها، بحيث لا تنشر وسائل الإعلام الإسرائيلية أي مادة تتعلق بالأمن قبل الحصول على إذن بنشرها من رقابة الجيش.
ويشدد الرقيب العسكري الإسرائيلي التابع لشعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي من قبضته خلال الحروب الإسرائيلية التي لا تنتهي، إذ إن أي معلومة أو صور تتعلق بالجيش والأمن واجتماعات الحكومة خلال الحروب لا تنشر إلا بعد إجازتها من الرقيب، كما تحظر تلك القوانين نشر أي مواد سرية من الأرشيف القومي الإسرائيلي إلا بعد ربع قرن في الأقل.
ويخوض الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي معركة إعلامية موازية للحرب الميدانية الدائرة حالياً، بهدف رفع معنويات شعبيهما، وتجنيد الرأي العام المحلي والعالمي لصالحهما.
حظر نشر
ومع إعلان الحكومة الإسرائيلية حالة الحرب إثر هجوم حركة حماس في الـسابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، منع الرقيب العسكري نشر أي تسريبات عن اجتماعات الحكومة الإسرائيلية أو المداولات السياسية السرية، لذلك غابت تلك الأخبار عن إعلام تل أبيب الذي دخل في حالة حرب، وتجند بالكامل في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
ومنذ بداية الحرب الحالية يتجنب الإعلام الإسرائيلي نشر أو بث صور أو فيديوهات للخسائر المادية والبشرية التي يتكبدها الجيش الإسرائيلي الذي يحرص على توزيع فيديوهات جوية تظهر غاراته على مواقع في قطاع غزة، ولقطات مصورة لتوغل قواته البرية في شمال القطاع.
ويتجنب الإعلام الإسرائيلي نشر أو بث المواد الإعلامية التي تبثها كتائب عز الدين القسام التابعة لحركة “حماس” للهجمات التي تشنها على آليات وقوات الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة.
ويبعث المراقب العسكري لوسائل الإعلام الإسرائيلية قوائم المواضيع التي يجب عرضها على الرقابة قبل النشر.
ويحق للرقيب العسكري وفقاً لمواد قانون الدفاع وقت الطوارئ رقم 87 و97 أن يصدر أوامر بعرض كتب للمراجعة قبل نشرها، في حين يقتضي تقديم المواد الصحافية المتعلقة بـ”أمن الدولة” للفحص قبل نشرها، وتشمل تلك المواد السلم والنظام المجتمعي في إسرائيل، أو المتعلقة بالضفة الغربية وقطاع غزة، وكذلك العلاقات العربية- الإسرائيلية.
مقص الرقيب
وبين عامي 2011 و2016 حظرت الرقابة العسكرية نشر 2000 مادة إعلامية وفق تقرير لـ”الحركة من أجل حرية المعلومات” الإسرائيلية، كما عدلت في الفترة نفسها وفقاً للتقرير 14 ألف مادة إعلامية لكي تكون “صالحة للنشر من ناحية أمنية”، فيما تعرضت 20 في المئة من المواد الإعلامية لـ”مقص” الرقيب سواء من خلال الحظر المطلق أو التعديل.
وبحسب التقرير، فقد طلبت الرقابة العسكرية خلال السنوات الست من وسائل الإعلام حذف 256 مادة إعلامية نشرت من دون إطلاعها عليها، وتبين أنها “ذات حساسية أمنية”. وأشارت إلى أن 40 في المئة من المواد الإعلامية ذات الطابع الأمني الحساس يتم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي في حين تنشر وسائل الإعلام التقليدية 60 في المئة من هذه المواد.
ولذلك فإن الرقابة العسكرية طلبت من عشرات الصفحات على “فيسبوك”، والحسابات على “تويتر” أن تعرض عليها المواد ذات الطبيعة الأمنية قبل نشرها.
ويرى الباحث في الشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت أن الرقابة العسكرية في إسرائيل يتضاعف عملها أثناء الحروب، مشيراً إلى أن “كل الأخبار التي تنشرها وسائل الإعلام الإسرائيلية المتعلقة بالحرب تمر عليها قبل نشرها”.
ضبابية إعلامية
أضاف شلحت أن إسرائيل “تمارس حالياً سياسة الضبابية والغموض التي تفتح المجال للتضليل الإعلامي، بهدف عدم إثارة التململ في المجتمع الإسرائيلي بسبب خسائر الحرب المادية والبشرية”، مشيراً إلى أن جميع الأخبار المتعلقة بسقوط القتلى في الجيش الإسرائيلي يجب أن يجيزها الرقيب العسكرية تحت عنوان “سمح بالنشر”.
واعتبر المتخصص في الشؤون الإسرائيلية عادل شديد أن الإعلام الإسرائيلي بجميع أنواعه “مجند حالياً كله خلف جيش تل أبيب”، مشيراً إلى أن الصحافيين الإسرائيليين يعملون حالياً وكأنهم على جبهة القتال، موضحاً أنه “لا ينشر أي معلومة عن الحرب مهما كان حجمها ويوميات تلك الحرب من دون أن تمر على الرقيب العسكري”.
وأوضح شديد أن الصحافة في وقت الحرب تمارس دوراً “للرفع معنويات الجنود الإسرائيليين والجبهة الداخلية الإسرائيلية، بهدف إبقاء المجتمع العبري متماسكاً خلف الجيش ودعماً للحرب”، مؤكداً أن الإعلام “يعمل على نشر أخبار ترفع من معنويات الإسرائيليين”، مضيفاً أن الجندي لا يستطيع القتال إذا شعر أن مجتمعه لا يدعمه”.
أخبار موجهة
وأشار المتخصص في الشؤون الإسرائيلية إلى أن الإعلام العبري يحرص على بث أخبار موجهة إلى الفلسطينيين والعرب بهدف تفتيت جبهتهم الداخلية، وخلق الفوضى بينهم والتحريض على المقاومة، وإثار الإحباط”. وتابع القول “إسرائيل لا تنشر أي شيء عن الخسائر الناجمة عن الصواريخ التي تسقط على مدنها، فالإعلام الإسرائيلي يفرض التعتيم بخصوص ذلك كي يحبط مطلقي تلك الصواريخ، ولكي لا يثير الرعب في المجتمع”.
وأشار المحلل السياسي عصمت منصور إلى أن الصور التي نشرها الإعلام الفلسطيني والدولي بخصوص توغل دبابات إسرائيلية إلى شارع صلاح الدين شمال قطاع غزة قبل أيام لم ينشرها الإعلام الإسرائيلي إلا بعد إجازتها من الرقيب العسكري.
وأوضح منصور أن الصحافة الإسرائيلية حتى لو حصلت على “تسريبات من جلسات الحكومة الإسرائيلية فإنها لا تنشرها في ظل تسخير كل الطاقات لخدمة المعركة”.
وقد تواترت من قبل محللين إسرائيلين أن هناك نصائح قدمت من مخابرات عربية بالتشديد علي الصحف العبرية ، ظننا أن التشديد هو مفتاح نصر إسرائيل ، وتقويض القضاء
رأي المحرر
التشديد علي الإعلام والصحف وسياسة نتنياهو في تقويض السلطة القضائية والنيابية، ستعجل بزوال إسرائيل الذي هي استراحة للجنسيات وليست وطن فإذا كانت مستبدة فسيستغنون عنها .