إشكالية السياسة والدين

بقلم/ إيمان أبوالليل

في الثقافة العربية، يرتبط الدين بالسياسة بشكل وثيق، حتى أن هذا الارتباط أصبح جزءًا لا يتجزأ من الممارسة السياسية.

ولطالما اعتبرت السياسة في المفهوم التقليدي وسيلة لإصلاح سلوك وأخلاق المجتمع، وتوجيهه نحو المثالية في الدنيا ورضا الله في الآخرة.

ابن سينا، كفيلسوف إسلامي، أشار إلى هذا الاتجاه، إذ يرى أن السياسة تندرج تحت الحكمة العملية، وهدفها تحقيق الخير للإنسان في الدنيا والآخرة.

وعلى الرغم من وجود فئة تعتقد أن المجتمع يمكن أن يزدهر بعيدًا عن الدين، معتبرين أن العقل وحده قادر على توجيه الأخلاق دون الحاجة إلى الشريعة، إلا أن هذه الرؤية تظل موضع نقاش.

السياسة، كعلم، تركز على دراسة القيادة، وأنواع الحكم، وتنظيم المجتمعات المدنية، في حين أن الفلاسفة مثل الفارابي حاولوا التوفيق بين الدين والفلسفة. الفارابي دمج بين العلوم المدنية كالسياسة والأخلاق مع علوم الفقه واللاهوت تحت ما أسماه الحكمة العملية، التي تهدف إلى تنظيم السلوك البشري للوصول إلى مجتمع فاضل.

ورغم أن هذه الرؤية قد تبدو مقبولة عند ممارسة “السياسة النقية”، إلا أن الواقع الدولي يعكس غير ذلك. فالساحة السياسية مليئة بالصراعات والمصالح، وهو ما يجعل من الصعب تطبيق مبادئ مثالية في ظل واقع مليء بالتحايل والنفاق.

أسئلة هامة 

وهنا تبرز عدة أسئلة هامة: هل نحتاج اليوم إلى ممارسة السياسة من خلال الدين لتوجيهها نحو الخير؟ أم أن السياسة، في جوهرها، لا يمكن أن تنفصل عن المصالح والصراعات، بغض النظر عن غطاء الدين؟ وهل يمكن للدين أن يظل نقياً في وسط مستنقع السياسة المعاصرة؟

 

Exit mobile version