إلغاء الأجازات بدون مرتب للموظفين: خطوة نحو تضييق الخيارات أم إصلاح اقتصادي؟
بقلم / حاتم السروي
تدرس حكومة مصطفى مدبولي بجدية قرارًا لإلغاء الإجازات بدون مرتب للموظفين في الدولة، وسط توقعات بإعلان هذا القرار قريبًا بشكل رسمي. ويثير هذا القرار قلقًا واسعًا بين الموظفين الحكوميين، خاصةً أنه سيؤدي إلى منعهم من تحسين دخلهم من خلال العمل خارج القطاع العام أو السفر للعمل بالخارج، وهو حق يعتبر مشروعًا ومألوفًا في العديد من الدول.
هذا القرار سيجعل الموظفين مرتبطين بوظائفهم الحكومية حتى بلوغهم سن التقاعد، مما يزيد من الشعور بالإحباط تجاه العمل الحكومي، الذي يعاني العديد من موظفيه من تدني الرواتب وقلة الفرص المتاحة لتحسين مستواهم المعيشي. كثير من الموظفين يضطرون للعمل المسائي في القطاع الخاص من أجل تأمين احتياجات أسرهم من مصاريف التعليم، الدروس الخصوصية، وحتى الملابس.
إضافة إلى ذلك، يقدم القرار خيارًا وحيدًا للموظفين الذين يرغبون في التفرغ للعمل الخارجي أو السفر، وهو تقديم الاستقالة. ولكن هذا الخيار يحرم الموظف من مكافأة نهاية الخدمة والمعاش الذي يحصل عليه بعد بلوغ سن الخامسة والستين، وفقًا لقانون الخدمة المدنية الجديد. مما يعزز معضلة الاختيار بين البقاء في الوظيفة الحكومية بكل ما تحمله من قيود، أو المخاطرة بتركها وفقدان الامتيازات الاجتماعية المرتبطة بها.
يرى الكثيرون أن القرار يأتي استجابة لضغوط صندوق النقد الدولي، الذي طالب بإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة وتقليل عدد الموظفين. وبالفعل، من المتوقع أن يؤدي إلغاء الإجازات بدون مرتب إلى تقديم العديد من الموظفين لاستقالاتهم، مما سيساهم في تقليص أعداد العاملين في القطاع الحكومي. لكن بالمقابل، هناك من يرى أن الدولة تستفيد من هؤلاء الموظفين الذين يعملون بالخارج، حيث يدفعون مبالغ كبيرة للتأمينات، بالإضافة إلى تحويلاتهم المالية التي تُعتبر أحد المصادر الرئيسية للدخل في البلاد.
في ظل هذا الوضع المعقد، يتساءل الكثيرون عن الحلول المتاحة في ظل الارتفاع المستمر في تكاليف المعيشة وتراجع قيمة الرواتب الحكومية. وبينما تستمر الحكومة في البحث عن حلول لتخفيف الضغط على الاقتصاد، يبقى الموظفون في حالة من القلق والترقب لما قد يحدث في المستقبل القريب.