إنسان ولكن …
بقلم / ممدوح الشنهوري*
كان لي صديق قادم من المانيا كنت قد تعرف عليه في معابد الأقصر منذ سنوات، وابلغني برساله علي بريدي الإلكتروني بقدومة الي مصر لقضاء إجازة أخري ثانية لحبه وولعه الشديد بمصر وتراثها التاريخي .
وفي يوم قدومه إستقبلته بالمطار ومن بعدها للفندق الذي سيقيم فيه، وفي اليوم التالي وبعد قمنا بزيارة معالم القاهرة وأسوان ، وفي أثناء سيرنا للفندق الذي نسكن عرضت عليه، الذهاب معي الي بلدتي التي هي بإحدي قري الصعيد، لقضاء يومين معي ليري جمال الريف وتلك الأماكن الخلابة من من خضرة وجمال وبساطة.
وقبل أن أنهي حديثي معه كنا قد وصلنا الي الفندق وسرعان ما قام بحزم حقائبة وإتجهنا الي الصعيد حيث الخضرة والجمال، ووصلنا الي بلدتي وكانوا الأهل قد اعدوا المضيفة الخاصة بالضيوف لإستقبالة بعد إتصال تليفوني مني ، وبعد ان إستراح من عناء السفر وإنتهاءه من وجبة الغداء.
خرجنا للتنزه في الحقول، وما أبدعه الله فيها من جمال يفوق الوصف، وفي أثناء سيرنا. قال إنه في غاية السعادة لتلك الزيارة ورؤيتة لتلك المناظر الجميلة والخلابة في صعيد مصر.
فقولت له :لهذا الحد، هل في المانيا لا توجد هذه المناظر الجميلة أو هذا هذه الحياة ، قال: بالطبع توجد ولكن نادر ما يعطيك العمل فرصة حقيقية لتتفقد جمال هذه المناظر أو هذه الحياة، الإ بين الحين والأخر أي وقت العطلات الإسبوعية، ويوم عٌطلة واحد يكاد يكفي للنوم. فقولت له لهذا الحد أيضا ؟!
قال لي : يا صديقي العمل والعلم عندنا في المانيا هما أساس التقدم لنا، ولأي دولة أخري في العالم. والعمل والعلم هما أساس الحياة، وهما تلك التذكرة التي ستنقلك من قطار الدرجة الثالثة الي قطار الدرجة الأولي الممتازة.
فقولت أريد أن أطرح عليك سؤال..؟ ولكن أرجوك أن تجاوبني بمصداقية تحمل نوع من المنطق!
فقال أسأل..
فقولت له ما سبب تقدم الغرب، وتأخر الشرق عندنا في الكثير من مجالات الحياة.
فقال لي ” الإنسان ”
فضحكت! وقولت له وهل ما تراه أمامك ليس بشرأ أم هم مخلوقات غريبة!؟
فرد علي لم أقصد ذلك صدقني، ولكن اقصد الإهتمام بالإنسان. فالإنسان مثل ماكينة التصنيع عندنا في المانيا ” Manufacturing Machine ” .فإن إهتممت بها أعطتك كل ما هو جيد لك ولبلدك ، وإن أهملتها فلن تجد منها الإ مل ما هو رديئ وسيء في الحياة .
وهكذا البشر يا صديقي فإن إهتتمت بهم في كل ما يخص حياتهم المعيشية والصحية والعملية لن تجد كل ما هو جميل منهم من تقدم وإزدهار في كل مجالات الحياة من صناعة وزارعة وعلم وتكنلوجيا ورقي كالذي يحظي به الغرب.
” فالحضارات يا صديقي لا تبني علي بطون فارغة وعقول تافهة “.
فصمت برهة من الوقت ببني وبين نفسي أفكر فيما قاله لي صديقي الألماني عن سعادة الإنسان وشقاءه .
وإستمر بنا السير بين الحقول والمزارع الي أن مشارف قرية صغيرة في طريقنا وإذا بي المح عن بعد مدرسة للتعليم الأساسي قديمة ومتهالكة وكأنها بٌنيت من آلاف السنين، فنظرت لها وضحكت ولكن كانت ضحكة حزن .! فقال لي ما الذي يضحكك يا صديقي !؟ فقولت له تذكرت خبر كان مكتوب في إحدي الجرائد منذ أيام، فقال لي وما هو، قلت له هو رسوب 70٪ من طلبة الفرقة الأولي من كٌليتي ” طب ” بجامعتي أسيوط وقنا لدينا في مصر من جراء وصولهم لهذه لهذه الكليات بالغش. وقد كشف عن الغش عميد كلية طب قنا بقوله: ” بالتدقيق في اماكن اقامة الطلاب الراسبين ومدارسهم الثانوية تبين انهم ادوا الامتحانات في لجان بعينها ومدارس بعينها “. اي لجان كان يسودها الغش الجماعي .
*عضو المنظمة المصرية والدولية لحقوق الإنسان