الصراط المستقيم

إنهيار الأسرة … وبغض الأخ لأخيه

كتب – وليد على

فى الاسبوع الماضى كتبت عن صرخة إنطلقت من فؤدى الى الذين ضيعوا صلة الأرحام حتى هجر الأخ أخاه بل وعاده حتى وصل الأمر الى القتل ولا حول ولا قوة إلا بالله وقولت بأعلى صوتى من هنا ومن على منبر رسول الله أن الاخ لا يعوض .

وبينت فضل صلة الرحم وحكمها وأثم من قطعها ويبقى السؤال ؟؟

ولكن ما السبب وراء هذه القطيعه بين أفراد البيت الواحد ولماذا كل هذا البغض والتباعد  ؟

وللاجابة على هذه الاسئلة أدعوك بالرجوع الى الوراء لسنوات قليله قرابة ثلاثون اوأربعون سنة وانظر داخل اى بيت من بيوتنا الجميله التى كانت لا تزدحم بالشاشات ولم يكون فيها هذه الموبايلات والانترنت ووسائل التفرقه التى خدعونا حينما أسموها بوسائل التواصل ولم يكن هناك وسائل اللهو التى باتت تملاء جنبات بيوتنا لان البيوت وقتها كانت مملؤه بالحب والتأخى والتفاهم على قله مورادنا كان يعوض كل هذا دفء المشاعر وجمال الابتسامه وطيب الكلام .

وهناك قصة اسطورية تبين ما وصلنا اليه فى بيوتنا ، حدث زلزال رهيب وتشققت الأرض وإنقسمت الجزيرة الواحدة إلى عدة جزر  حتى إنقسم السرير الواحد وعليه الزوجان فبات كل منهما في جزيرة وحيداً، أب وإبنه كانت أيديهما متشبثة ببعضها، إنقسمت الأرض من تحتهما، وتباعدت الجزيرتان حتى أفلتت الأيادي .

إنهيار الأسرة ... وبغض الأخ لأخيه 4

في البداية، بكى الجميع وأخذوا ينظرون ويلوحون لبعضهم لكن في ما بعد، توقف البكاء وإعتاد الجميع الوضع الجديد فأدار كبير العائلة في جزيرته ظهره للجميع وإنشغل بزرع أرضه ولم يعد ينظر إلى العائلة وصار الأجداد في جزيرة وحدهم والأولاد في جزيرتهم فرحون بالحرية بعيداً عن العائلة والأب والأُم في جزيرة وصار بعض الآباء والأُمّهات كل في جزيرة وحده.

لكن بعد مدة قالت أم لزوجها : ألا نعبر إلى أولادنا في الجزيرة الأخرى؟

فقال: بل هم مَن عليهم العبور إلينا، فنحن الكبار.

وقال أخ لأخيه: أنا لست سعيداً هنا فأنا أمتلك الحرية لكني لا أمتلك الأمان ألا نعبر لأبينا وأمنا؟

فأجابه : دعنا نبقَ هنا، فالحرية أحلى .

و صارت غرفة كل منا جزيرة منعزلة لم يمتْ أحد، ولكنهم بانعزالهم صاروا كالأموات.

هي قصة أسطورية، ولكنها واقعية وحصلت في بيوتنا وفي أسرنا الا ما رحم الله .

ونحن هنا لا نتكلم عن الطلاق، أو الخلافات الزوجية، أو العنف الأسري أبداً

بل نتكلم عن التفكك والتباعد، وانعدام اللغة، والاهتمامات المشتركة، وبرود العلاقات وتجمدها.

فصار البيت الجميل مثل الكهف المظلم او السجن الذى ليس فيه اى معنى من معانى الحياة اللهم غير الطام متفرقين والنوم الطويل وهذا لا يدرى شىء عن حال اخيه ولا عن أبية او أمه .

حتى صرنا كالقوقعة، تظن أن بداخلها كنزاً، لأنّ المفترض أنّ الجنة فعلاً في بيوتنا لكنك تفاجأ حين تفتح القوقعة بأنها خالية، حتى إنّ البعض يتكلمون بالأوراق التي تلصق على باب الثلاجة والبعض يتكلمون بالإيميل .

وحدثنى ذات مرة أب مكلوم ماتت زوجتة وكبر أبنائه فمنهم من هم معه ومنهم من تزوج وخرج من البيت وهو قد كبر فى السن وتعترية أمرض الشيخوخة من سكر وضغط وقلب وغيرها .

يقول لى قمت ذات مرة من نومى لأذهب الى الحمام وأقضى حاجتى وأشرب قليل من الماء وأعود الى سريرى وانا فى طريقى الى الحمام سقت على الارض فى غيبوبة لم افق منها الا فى اليوم التالى قلت له وأبنائك قال لى كانوا موجودون فى المنزل كلا فى غرفته هذا نائم وهذا يعود من عمله متاخرا ولم يدرى بى أحد حتى قمت بصعوبة من الارض وذهبت الى سريرى حتى استعدت قوتى و ذهبت الى الحمام .

تعجبت وقتها وقلت فى نفسى بعد ان واسيته هل يعقل هذا وهل أصبحت بيوتنا منعزلة الى هذا الحد وهل ترك الحب بيوتنا حتى سارت خرابا لا جمال فيها .

ومن هنا يجب أن ننتبه الى هذا الخطر الذى يدمر بيوتنا ومجتمعاتنا ولا نجعله يخرب بيوتنا العامرة ويزرع الفتن بين افرادها وان يحرص كلا منا على حب إخوته وأفراد أسرتة .

اللهم احفظ بيوتنا من الفتن و املاءها بالحب والصلة يا ارحم الراحمين .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.