إيران تنسحب من مفاوضات مسقط النووية وامريكا متمسكة بالمسار الدبلوماسي

كتب – محمد السيد راشد
في تطور خطير ينذر بمزيد من التصعيد في الشرق الأوسط، أعلنت إيران رسميًا انسحابها من الجولة السادسة للمفاوضات النووية التي كان من المقرر عقدها مع الولايات المتحدة يوم الأحد المقبل في العاصمة العُمانية مسقط، احتجاجًا على الضربة الجوية الإسرائيلية واسعة النطاق التي استهدفت منشآت وقادة بارزين في طهران فجر الجمعة.
يأتي ذلك فيما تصرّ الولايات المتحدة على المضي قدمًا في المحادثات، رغم التوتر المتصاعد، وسط تحذيرات من مسؤولين أميركيين من هجوم إيراني محتمل قد “يغمر الدفاعات الجوية الإسرائيلية” ويتسبب بخسائر فادحة.
طهران تحت النار: قادة وعلماء في مرمى الاغتيالات
وبحسب وسائل إعلام رسمية إيرانية، فإن الهجمات الإسرائيلية التي وقعت فجر الجمعة استهدفت منشآت نووية وأحياء يسكنها قادة في الحرس الثوري الإيراني، وأدت إلى مقتل قائد الحرس الثوري “اللواء حسين سلامي”، في ما يُعد أحد أخطر الضربات الإسرائيلية منذ سنوات.
كما أفادت قناة “13” الإسرائيلية بأن العملية شملت محاولات لاغتيال رئيس أركان الجيش الإيراني وعدد من علماء الذرة، فيما نقلت مصادر إسرائيلية أن الضربة حققت “نتائج أفضل من المتوقع”، وقد تؤدي إلى شلّ هيئة الأركان الإيرانية.
انسحاب إيراني مفاجئ من مفاوضات مسقط
بعد ساعات من الهجمات، نقل التلفزيون الإيراني عن مصادر رسمية أن طهران قررت تعليق مشاركتها في مفاوضات مسقط، معتبرة أن ما حدث “عدوان مباشر” ينسف أجواء الثقة التي كانت ضرورية لإنجاح المفاوضات حول البرنامج النووي.
وأفادت وكالة “تسنيم” أن القرار الإيراني جاء احتجاجًا على ما وصفته بـ”صمت المجتمع الدولي وتواطؤ بعض الأطراف الغربية”، في إشارة ضمنية إلى الموقف الأميركي الرمادي من الضربة.
واشنطن متمسكة بالدبلوماسية رغم التصعيد
ورغم إعلان طهران انسحابها، أكدت واشنطن عبر مصادر في وزارة الخارجية الأميركية أن المبعوث الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف لا يزال يعتزم حضور المحادثات التي ترعاها سلطنة عمان.
وقال مسؤول أميركي لوكالة الصحافة الفرنسية:
“نحن لا نزال نعتزم إجراء المحادثات يوم الأحد، المسار الدبلوماسي لا يزال قائمًا رغم التوتر”.
وفي تصريحات لقناة Fox News، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب:
“إيران لا تستطيع امتلاك سلاح نووي. نأمل أن تعود إلى طاولة المفاوضات، وسنرى ما سيحدث.. هناك شخصيات قيادية إيرانية لن تعود”، في إشارة إلى القادة الذين قُتلوا في الهجمات.
تحذيرات من “هجوم إيراني واسع” يغمر الدفاعات الإسرائيلية
وخلال إحاطة مغلقة لأعضاء من الحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ الأسبوع الماضي، قال “ستيف ويتكوف” إن بعض كبار المسؤولين الأميركيين أعربوا عن قلقهم من أن الدفاعات الجوية الإسرائيلية قد لا تصمد أمام هجوم إيراني انتقامي واسع النطاق.
وأوضح ويتكوف أن مثل هذا الهجوم قد:
“يتسبب بخسائر بشرية كبيرة وأضرار جسيمة في مناطق عدة من إسرائيل، في حال قررت طهران الرد بشكل شامل على الضربات”.
وتأتي هذه التصريحات في ظل رفع حالة التأهب في إسرائيل والولايات المتحدة، حيث تم تعزيز منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية بصواريخ أميركية خلال الأسابيع الأخيرة.
واشنطن تنفي المشاركة.. وتؤكد التنسيق المسبق
في محاولة لتبرئة نفسها من الضربة، أكدت إدارة ترمب أنها لم تشارك عسكريًا في الهجمات على إيران، لكنها اعترفت بأنها كانت على علم مسبق بها، وهو ما يُعزز الاتهامات الموجهة لها من طهران بأنها شريكة ضمنية في العملية.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤولين أن الضربة تم تنسيقها بالكامل مع واشنطن، لكن الإدارة الأميركية تعمّدت نفي ذلك علنًا ضمن “خدعة إعلامية” لإرباك إيران.
هل فشلت الدبلوماسية؟ مستقبل غامض للاتفاق النووي
تُعد الجولة التي كان من المزمع عقدها في مسقط هي السادسة في سلسلة من المحادثات غير المباشرة التي تهدف إلى إعادة إحياء الاتفاق النووي لعام 2015. لكن يبدو الآن أن الملف دخل نفقًا مظلمًا.
وبينما تحذر واشنطن من التصعيد، يرى مراقبون أن استمرار الهجمات الإسرائيلية، مع صمت أميركي أو دعم غير مباشر، يقوض جهود السلام ويعزز الخطاب المتشدد داخل إيران، ما قد يدفع طهران لتسريع أنشطتها النووية كرد فعل استراتيجي.
خاتمة: الشرق الأوسط على حافة الانفجار
في ظل انسحاب إيران من المفاوضات، واستمرار تلويح إسرائيل بمزيد من الضربات “الوقائية”، وتمسك واشنطن بالمفاوضات رغم انعدام الثقة، يقف العالم أمام مشهد متأزم:
شرق أوسط مرشح للانفجار، ودبلوماسية تنهار تحت أقدام الطائرات المقاتلة، ومفاوضات قد تتحول إلى ساحة معركة مفتوحة بين طهران وتل أبيب… وربما بمشاركة أميركية عاجلة.