اتساع فجوة اللامساواة والتنمية البشرية
مازال 1% من سكان العالم يملكون 46% من ثروته إذ ترافق ارتفاع مستويات الدخل في أنحاء العالم مع اتساع فجوة اللامساواة حيث إن الأطفال والنساء هم الأشد تأثراً. تقرير التنمية البشرية في العالم لعام 2016 يشير إلي أن زيادات الدخل حادة لشاغلي قمة توزيع الدخل ورغم التقدم المثير في خفض معدلات الفقر علي مدي 25 عاماً ماضية إلا أنه مازال 766 مليون شخص يعيشون علي أقل من 1.90 دولار في اليوم عام 2013. حيث أسهم توزيع نتائج العولمة وتطبيق سياسات الليبرالية الاقتصادية في تقدم بعض الفئات في المجتمعات وإهمال فئات أخري وكما يوضح التقرير أن هذه السياسات هي ما يمليها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وتتم لصالح الأثرياء وعلي حساب الفئات الفقيرة.
سجل التقرير أنه رغم ارتفاع عدد سكان العالم 2 مليار نسمة أي من 5.3 مليار عام 1990 إلي 7.3 مليار عام 2015 فقد حققت البشرية إنجازات لا تنكر في قطاعات مختلفة حيث انخفضت نسبة العاملين الفقراء الذين يعيشون علي أقل من 1.90 دولار في اليوم إلي 10% من مجموع فقراء العالم أي أقل بمقدار الثلثين مقارنة بعام 2000 حيث سجل معدل الفقر المدقع في الصين انخفاضاً حاداً أي انخفض الفقر من 66.5% عام 1990 إلي 1.9% عام 2013 وبين عام 2000 و2015 انخفض عدد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس في جميع أنحاء العالم بمقدار النصف تقريباً. التقرير أكد أن الفقراء والمهمشين مازالوا خارج التقدم في التنمية البشرية التي يجب أن تركز علي الجودة لا علي الكم. كما هو حاصل في التعليم ببعض الدول والتي تعمل علي الكم بيدأنها تغفل التحسن في نوعية التعليم. الأمر الذي أبقي علي الفوارق الكبيرة بين الفئات المجتمعية.
لم يغفل التقرير حالة مصر وقد أوسمها بظاهرة الانفجار السكاني الذي يمثل عقبة أساسية في التنمية الشاملة عموماً والتنمية البشرية خصوصاً. أفاض التقرير في شأن المواليد بأن العالم قد شهد تغييرات جذرية. حيث سجل انخفاض عدد الولادات لكل 1000 امرأة إلي ما يقارب من النصف للواتي أتممن تعليمهن الثانوي مقابل لا شيء للواتي لم يحصلن علي التعليم. التقرير أعرب عن أمله بأنه لو تمكنت الفتيات من اتمام مرحلة الثانوي فهذا يعكس أثره علي انخفاض معدلات وفيات الأطفال دون سن الخامسة إلي النصف. حيث يرتبط خفض معدلات الوفيات بانخفاض نمو السكان. في هذا الصدد تشير تقارير للبنك الدولي أن كل دولار ينفق علي التعليم ما قبل المدرس يحقق ما بين 6 و17 دولاراً من المنافع العامة ويؤمن بناء قوة عاملة أفضل صحة وأعلي إنتاجية. لهذا الصين تدرس حالياً إمكانية توفير التعليم ما قبل المدرسي لجميع أطفالها.. فهل تتعلم مصر من تجارب الدول وتوجهاتها لتنحو نحوهم وهو الأفضل مما عليه الآن؟
اهتم التقرير ببرامج الوجبات المدرسية مدركاً أن هذا يشجع الأسر الفقيرة والمهمشة علي إرسال أبنائهم إلي المدرسة وإبقائهم فيها لاسيما وأن هذه الوجبة هي الوحيدة المغذية التي يتلقاها الأطفال المتاحة لهم. لهذا يلزم الإدارة المصرية الاهتمام بالتعليم وجودته وليس بالكم. فضلاً عن ضرورة الاهتمام بالوجبات المدرسية التي يتلقاها الأطفال في مدارسهم بعيداً عن الغش والتدليس. والربحية التي يركز عليها أغلب المتعاملين مع المشروعات الوطنية حتي نعبر بمصرنا وبأجيالنا القادمة إلي آفاق أكثر رحابة تنعم بتنمية مستدامة يحصل علي ثمارها كل فئات المجتمع دون استثناءات كما حدث في فترات سابقة.