إن الله عز وجل كرم الإنسان بأن جعله خليفة له في الأرض. ولتحقيق هذه الخلافة أمره بعمارتها حق العمارة: (هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب ) هود/ ٦١. والعمارة الصحيحة تكون بأداء الأمانة، والتكفل بالقيام بها. بعد أن عرضها الله عز وجل …. (إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفق منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا) (الأحزاب/ ٧٢. (إن قام بها أحسن قيام كان محسنا، وإن ضيعها خان العهد، ونقض الميثاق، وكان ظلوما جهولا.
فما هي الأمانة؟؟
الأمانة أم الفضائل ومنبع الطمأنينة، وهي من أبرز علامات الإيمان ودلائل التقوى، بل إن الإيمان نفسه أمانة في عنق العبد، فلا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له. الأمانة صدق في القول وإخلاص في العمل، وحسن في المعاشرة ورفق في المعاملة. وهي الحفاظ على ما عهد به إليه، مع الحذر من الإخلال به سهوا أو تقصيرا، حتى لا يوصف من يفعل ذلك بالتفريط والتضييع، أو التهاون، وينعت بالخيانة. بالأمانة يسود الأمن، وتعطى الحقوق، وتؤدى الواجبات. لقد أمر الله تبارك وتعالى المؤمنين بالمحافظة على الأمانة، وأدائها إلى أهلها: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها …)، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم:” أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك” . إن الإسلام حين يأمر المسلمين بالتحلي بصفة الأمانة، يدرك أن الأمين هو الذي يلتزم طاعة ربه، والخائن هو الذي ينحرف ويعصي الله؛ لأنه يتخلى عن العهد وينقض الميثاق اللذين يربطانه بالله الواحد القهار وقد وعد الله تبارك وتعالى الملتزمين بالأمانة، أمانة الطاعة خيرا وجنات عدن:” الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق… جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار) (الرعد/٢٠-٢٣ ( فالله تبارك وتعالى عدد صفات المؤمن الموفي بالعهد، المحافظ على الميثاق، بعد أن ذكر الأمانة والعهد. فيفهم من هذا أن الفرد لن يكون مؤمنا حق الإيمان، ولن ينال الأجر الكبير، ولن يدخل جنات عدن، ويكرم معه أهله…حتى يكون أمينا، ملتزما بشرع الله التزاما شاملا، من دون نقصان. من جهة أخرى عد النبي صلى الله عليه وسلم الخيانة علامة بارزة من علامات النفاق، فقال: ” آية المنافق ثلاث، إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان. وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم ” وقال أيضا: ” إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة”.