الأهداف الاقتصادية ومشروعية الوسائل..بقلم : عبد الغفار مصطفى
بدون التشكيك في النوايا مصر في حاجة إلي توافق جمعي ليس فقط علي مستوي الأهداف. بل علي مستوي وسائل تحقيق تلك الأهداف. وهو ما يتوازي إن كنا مجتمعاً جاداً فعلاً في إصلاح ما أفسده الدهر أو ما تسببنا كمجتمع في إفساده.
الراصدون للحالة التي عليها مصر الآن يلحظون فجوة بين الأهداف والوسائل.. وهذه ملاحظة كم هي مشروعة لماذا؟ لأنها تتعلق بتساؤلات عديدة في قضايا مصر الكبري وهي النمو الاقتصادي المستدام – العدالة الاجتماعية – ارتباط الاقتصاد بالسياسة.
لاشك أن مصر عن بكرة أبيها تريد الخير لنفسها وذلك عن طريق معدلات نمو مرتفعة لسنوات قادمة علي كافة الأصعدة وهذا بالضروري أن يستشعره المواطن ويقطف ثماره. سيما أن النمو الاقتصادي يخلق حالة من الوفرة الإنتاجية ومن ثم ازدهاراً في معيشة المواطنين وتوفير فرص عمل لهم. فضلاً عن قدرتهم الشرائية لمواجهة احتياجاتهم بأسعار معتدلة وموضوعية. كما من شأن النمو ايضا خفض حالات الفقر. وتوفير موارد للخزانة العامة للانفاق علي المؤسسات العامة والخدمية.
ايضا لابد أن نعالج الاختلالات الاقتصادية بما فيها الدين العام حتي يصبح آمناً علي الأجيال القادمة وهذا يتأتي من ضرورة تشجيع وتحفيز الإنتاج لأنه المدخل الوحيد والقادر علي حل كافة الاختلالات الهيكلية في المنظومة المالية والنقدية المصرية.
إن الإنتاج يساهم وبشكل فعال في رفع معدلات التصدير لمنتجات مصرية قادرة علي غزو الأسواق الخارجية نتيجة جودتها واهتمامها بالمواصفات القياسية والفنية التي من شأنها إقناع المستهلك الأجنبي في الأسواق عنده بشراء هذه المنتجات وتفضيلها علي منتجات أخري منافسة.
إن الإنتاج للتصدير يتفق عليه أغلب الاقتصاديين في العالم حيث يرونه هو الحل الأمثل ونماذجهم في ذلك ما حدث في الطفرات الاقتصادية الناجحة في معدلات النمو لكل من الصين والهند مؤخراً واليابان وكوريا الجنوبية في فترة سابقة.
أما العدالة الاجتماعية والتي لا تعني المساواة بين الجميع إذ لا يعقل أن الزيادة الأخيرة والسابقة في أسعار الوقود يشتريها الغني والفقير بنفس السعر. فمثلاً.. هل من العدالة أن تشتري السفارة الأمريكية ونظيراتها من السفارات سعر الوقود بنفس السعر الذي يشتري به المصري الراكب لسيارة شعبية وبسعة أقل. كما لا يعقل أن يشتري صاحب السيارة التي تزيد سعرها عن ربع مليون جنيه بنفس السعر لصاحب السيارة البالغة بنحو 50 ألف جنيه.. ناهيك عن مصانع الحديد والأسمنت والسماد التي لم يطبق عليها الزيادة الجديدة والتي تحصل علي الغاز بتخفيض 50% رغم ارتفاع أسعار هذه المنتجات علي المواطنين وتصديرها للخارج. وعلينا أن نفرق بين العدالة الاجتماعية والحماية الاجتماعية. وهو ما يسوقنا إلي ضرورة الاسترشاد بتجارب الدول الأخري والتي حققت طفرات ناجحة في نموها المستدام.
ايضا الراصدون يثيرون علامة استفهام حول علاقة الاقتصاد بالسياسة علماً بأن الجميع يريد الخير لمصر.. لكن ولأن الله قد خلقنا مختلفين فهناك من يري أن الاقتصاد يسبق السياسة والإصلاح فيها وهناك من يري أن الإصلاح السياسي أولاً ثم الاقتصاد.. ونتيجة لهذا الاختلاف الذي يجب أن يكون اختلافاً محترماً وموضوعياً فيه تتجاذب الرؤي وتتناغم وتتسابق لصالح الوطن بكل مستوياته ولا فضل لأحد علي آخر إذ إن الكل في واحد.. منظومة تتناغم حلقاتها تسمي مصر للجميع