الإبداع صناعة ممكنه
بقلم / الدكتور أمين رمضان
مازال الحديث عن الإبداع موصول…
بينت في مقال سابق أن الإبداع .. مهارات .. يمكن اكتسابها وتعلمها
حديثي في هذا المقال عن سؤال مهم هو: هل الأطفال الذين يولدون في البلاد المتقدمة، مختلفين عن غيرهم من الأطفال؟ وبالتالي يكون الإبداع والتخلف قدر محتوم على المجتمعات؟.
نعم كما تردد في عقلك الآن … مستحيل أن يكتب الله سبحانه وتعالى على الناس التخلف أو الإبداع.
وفي نفس الوقت، أرى شريط التاريخ البشري وهو يمر في ذهنك لترى أن الحضارات دول، فلم تقتصر على أمه دون غيرها، فمرة روماني، ومرة إسلامي، ومرة صيني، وهكذا.
وأراك تتذكر الكثير من العلماء الذين ينتمون لبلاد متخلفة، لكنهم أفادوا البشرية وقدموا المخترعات التي غيرت واقع العالم، لحظة من فضلك، لعلك تقول أنهم لم يفعلوا ذلك في بلادهم، بل فعلوه عندما ذهبوا لبلاد العالم المتقدم، أو لظروف حياة مختلفة، والحقيقة أن أكثر العلماء في أمريكا مثلاً هم من الأجانب، والكثير منهم حصلوا على الجنسية الأمريكية ليستمروا في العطاء والولاء، سيكون الحديث عما دار في عقلك تحت عنوان بيئة الإبداع، أو البيئة التي تحفز الناس على الإبداع، في مقال مستقل.
عدل الربوبية
أعود الآن للتعليق على السؤال الثاني، الله سبحانه وتعالى رب الناس جميعاً، ومن عدل الربوبية، أن أي مولود، يولد وهو يحمل نفس عدد خلايا المخ تقريباً، 100 بليون خلية عصبية، كل منها يعتبر كمبيوتر معجز، نعم تأمل العدد مرة أخرى، ثم بعد الولادة تبدأ رحلة بناء العقل، وتشكيله، من خلال التعليم والتربية والحياة الاجتماعية والسياسية، والتحديات التي يواجهها، والظروف التي يعيش فيها، وبعد أن يتشكل العقل، يصبح هو القائد والموجه والمتحكم في مصير الإنسان، فهو الذي يشكل حياته المهنية والاجتماعية، من خلال قدرته على التفكير بكل أنواعه، والذكاءات التي تمت تنميتها فيه (ابحث عن الذكاءات المتعددة لجارنر إذا أردت أن تعرف المزيد).
نقطة البداية
المخ داخل رأس المولود هو التربة الأولى أو نقطة البداية، وكل خلية عصبية في الدماغ تشبه شجرة، للتقريب دعونا نشبه المخ بأرض فضاء واسعة يكمن فيها فرص لا متناهية، فيمكن بناء شبكة معقدة جداً من الطرق التي تسير فيها وسائل المواصلات، فتسهل الحركة ونقل الناس والبضائع، كذلك المخ، يمكن لكل خلية أن تصنع شبكة مع 10 آلاف خلية أخرى، وهكذا، هذه الشبكات العصبية، تمثل خبراتنا ومعلوماتنا ومعارفنا ومشاعرنا الخ…، باختصار تمثل شخصياتنا، هذه التشابكات من الأعصاب هي طرق المعلومات بكل أنواعها، وكلما كانت الخلايا العصبية غنية بتشعباتها وفروعها، وكلما زادت التشابكات بين الخلايا العصبية، كلما ازدادت قدرة المخ على التفكير، وهذا هو الذي يمثل جانب الرعاية المهم في بناء العقول.
بناء العقول المبدعة
إذا بناء العقول المبدعة صناعة ممكنة في أي مكان، وهو مسئولية الدولة التي تسعى لرخاء أبناءها، وحماية مصالحها، ونيل حريتها واستقلالها، وعلامات ذلك عندما يتقدم المبدعون ركب الازدهار، ويقودوا قاطرات الابداع في كل مجالات الحياة، وتتحول مؤسسات التعليم إلى مصانع للمبدعين، وينال الوظائف الأكفاء، من الخريجين الجدد، عندها سيعم خير الإبداع ومنتجاته على الجميع، في صورة حلول محلية لمشاكل واحتياجات المجتمع، وستحقق الدولة المكانة اللائقة بها على خارطة العالم المتقدم، فينال كل فرد فيها المكانة التي يستحقها وفق كفاءاته وقدراته في صناعة ازدهارها.
وللحديث بقية…
الدكتور أمين رمضان
عضو مجلس إدارة مركز الوعي العربي
للدراسات الاستراتيجية – القاهرة