الصراط المستقيم

 الإخلاص والاستمرار في الطاعة: مفتاح القبول وسبيل الكمال

كتب – عصام زايد 

في زمن تتسارع فيه الأعمال وتتنافس فيه الأرقام، تأتي حكمة ابن عطاء الله السكندري لتعيد ترتيب الأولويات الروحية، وتضع معيارًا واضحاً للقبول عند الله: “العِبْرَةُ لَيْسَتْ فِي كَثْرَةِ الأَعْمَالِ، بَلْ فِي اسْتِمْرَارِهَا مَعَ الإِخْلَاصِ”. هذه المقولة ليست مجرد عبارة بل منهج حياة، يربط بين دوام العمل وصفاء النية، ويؤسس لفهم عميق لمعنى العبودية الحقة لله سبحانه وتعالى .

 المعنى الإجمالي للحكمة

يرى ابن عطاء الله أن قيمة العمل لا تقاس بكثرته، بل بمدى استمراريته وإخلاص صاحبه فيه. فالقليل الدائم خير من الكثير المنقطع، والعمل القليل إذا صاحبه إخلاص يفوق في الأثر والقبول العمل الكثير الذي يشوبه الرياء أو التذبذب.

لماذا الاستمرار أفضل من الكثرة؟

يشرح ابن عجيبة في كتابه “إيقاظ الهمم” أن الاستمرار في الطاعة يحمل دلالات عميقة:

  • يدل على صدق العبودية، لأنه يشبه ديمومة العبد في خدمة سيده.
  • يربي النفس على الالتزام والانضباط.
  • يقهر الشيطان، إذ تتحول العبادة إلى عادة ثم إلى طبيعة.

 خطر الانقطاع في الطاعة

الانقطاع عن الطاعة لا يمر دون أثر، بل يترك بصمات سلبية على النفس والروح منها :

  • يُضعف العزيمة ويعود النفس على الكسل.
  • يفتح باب الوساوس والإحباط.
  • يُفقد العمل السابق بركته إذا لم يُستمر عليه.

 الجمع بين الإخلاص والاستمرار: طريق الكمال

  • لا قيمة لاستمرار بلا إخلاص، فهو كالشجرة بلا ثمر.
  • ولا قيمة لإخلاص بلا استمرار، كالمطر على صخر لا ينبت.
  • الجمع بينهما هو طريق الكمال في العبودية، وهو ما يسعى إليه السالكون في طريق الله.

 أقوال مأثورة تلخص المعنى

  • ابن عجيبة: “القليل الدائم بركة، والكثير المنقطع حسرة”.
  • سفيان الثوري: “ما عالجت شيئاً أشد علي من نيتي، لأنها تتقلب علي”.
  • الحسن البصري: “كانوا يطلبون الإخلاص في أعمالهم كما تطلبون الضالة من دراهمكم”.

وصية عملية

يقول ابن عجيبة: “خير العمل ما كان مدوماً عليه، مع مراقبة القلب فيه، ومحاسبة النفس عليه.” فالمداومة مع المراقبة والمحاسبة هي ثلاثية النجاح في طريق الطاعة.

 الدعاء الختامي

“اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، واجعل عملي كله صالحاً، واجعله لوجهك خالصاً، ولا تجعل لأحد فيه شيئاً.”

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى