الإستغفار شفاء ودواء لكل داء

بقلم – وليد على

كثير من الناس فى هذه الأيام التى نعيشها يبحث عن  السعادة او الرزق او الولد اوعن أمن وأمان له من هذه الفتن والمحن والابتلاءات التى نعيشها ,ويطرق كل باب ويذهب فى كل طريق وهو لا يدرى ان السعادة والبركه وسعة الرزق والولد فى الاستغفار .

فبالإستغفار تغفر الخطايا والذنوب ، وبالإستغفار تكون البركة فى الأرزاق وبالإستغفار تاتى سعادة الدارين  .

وما أحوجنا ان نعيش مع الإستغفار فيكون على ألسنتنا وفى قلوبنا فتستنير به حياتنا .

فعن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة،[1] رواه البخاري

جمع ﷺ بين الاستغفار والتوبة؛ امتثالاً لأمر الله  -تبارك وتعالى- كما مضى في قوله: والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة.

وعن الأغر بن يسار المزني ، قال: قال رسول الله ﷺ: يا أيها الناس توبوا إلى الله، فإني أتوب في اليوم إليه مائة مرة[1]، رواه مسلم.

الإستغفار شفاء ودواء لكل داء 1

يبين هذا الحديث  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  كان يتوب مائة مرة، فهذا مَن غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فالذي لم يكن له هذا الضمان عند الله تبارك وتعالى، وذنوبه كثيرة، ذنوب القلب، وذنوب اللسان، وذنوب الجوارح، ومع ذلك لو نظر الواحد منا في حاله، وفي توبته، وفي استغفاره أيضاً ولو من غير مواطأة القلب لوجد ذلك يسيراً قليلاً، وهذا لا شك أنه من أعظم صور الغفلة، وهو من أعظم أسبابها في الوقت نفسه، فالإنسان إذا تاب إلى الله تبارك وتعالى واستغفر انجلى قلبه، وذهبت عنه سحب الغفلة، إذا كان ذلك مع مواطأة القلب.

فالعبد بحاجة إلى الاستغفار والتوبة، وإلا فإن الذنوب تسبب له مزيداً من الغفلة، والغفلة تعمي بصيرة العبد، ومن ثَمّ فإنه يبقى على هذه المخالفات والمعاصي والذنوب ولا يرعوي، ولا يشعر بألم المعصية والتقصير، تفوته الصلاة ولا يتألم، ينام عنها مع التفريط ولا يتألم، ينظر إلى الحرام ولا يتألم، يأخذ الحرام ويأكل الحرام ولا يتألم، وهذا يعني أن قلبه قد رانت عليه هذه الذنوب، وأن الغفلة قد غلبت على هذا القلب وعلى صاحبه فلا يتأثر، كالجسد المريض إذا كان مرضه شديداً فإنه قد لا يتأثر بما يقع عليه

ومن رحمة الله عز وجل بنا ان أمرنا  بالاستغفار فى آيات كثيرة من القرآن الكريم ومنها:

قوله تعالى :{ وَاسْتَغْفِرُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ  }([1]) ، وقوله تعالى :{ وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ }([2]).{وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ}

بل وأمرنا بالاستغفار في مواطن مظنة القبول ، وأماكن الرحمة ، وهو طلب الغفران من الله باللسان مع التوبة بالقلب ،انظر الى حجاج بيت الله الحرام بعد ان أدوا هذه العباده العظيمه وهم ما زالوا هناك لم يبرحوا المشاعر المقدسه يأمرهم الله ان يستغفره فى اكثر من موضع بعد الافاضه من عرفات (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)

إذ الاستغفار باللسان دون التوبة بالقلب غير نافع ، وأمروا بالاستغفار ، وإن كان فيهم من لم يذنب .

الإستغفار شفاء ودواء لكل داء 2

ومن فضائل الاستغفار أنه يجلب الخيرات والبركات للعبد ويدفع عنه البلاء يقول الله تعالى: { فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا (12) مَّا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (14) }([13]).

” أي إذا تبتم إلى الله واستغفرتموه وأطعتموه، كثر الرزق عليكم، وأسقاكم من بركات السماء، وأنبت لكم من بركات الأرض، وأنبت لكم الزرع، وأدر لكم الضرع، وأمدكم بأموال وبنين، أي: أعطاكم الأموال والأولاد، وجعل لكم جنات فيها أنواع الثمار، وخللها بالأنهار الجارية بينها ، وفي هذا دلالة على عظم فوائد الاستغفار وكثرة خيراته وتعدد ثمراته.

وبالاستغفار يأمن العبد من عذاب الله فى الدنيا  فعن أبو مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَانَ فِيكُمْ أَمَانَانِ : وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ، وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ، فَأَمَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ مَضَى وَالِاسْتِغْفَارُ كَائِنٌ فِيكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. فإذا ذهب هلكنا

(وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون)

قَالَ الضَّحَّاكُ وجماعة: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ مُقِيمٌ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ. قَالُوا: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو مقيم بمكّة، خَرَجَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ وَبَقِيَتْ فيها بَقِيَّةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَسْتَغْفِرُونَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ، فخرج أولئك من بينهم فعذّبوا وأذن الله لهم فِي فَتْحِ مَكَّةَ، فَهُوَ الْعَذَابُ الذي وعدهم اللَّهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا: لَمْ يُعَذِّبِ اللَّهُ قَرْيَةً حَتَّى يَخْرُجَ النَّبِيُّ مِنْهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا وَيَلْحَقَ بِحَيْثُ أُمِرَ. فَقَالَ: ﴿ وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾، يَعْنِي الْمُسْلِمِينَ. فَلَمَّا خَرَجُوا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ، فَعَذَّبَهُمُ اللَّهُ يَوْمَ بَدْرٍ.

قال الإمام القرطبي رحمه الله : والاستغفار المطلوب هو الذي يحل عقد الإصرار ويثبت معناه في الجنان ، لا التلفظ باللسان. فأما من قال بلسانه : أستغفر الله ، وقلبه مصر على معصيته فاستغفاره ذلك يحتاج إلى استغفار ، وصغيرته لاحقة بالكبائر.

وروي عن الحسن البصري أنه قال : استغفارنا يحتاج إلى استغفار.

وللاستغفار أوقات يستحب فيها و يجب على المسلم ان يتحينها وان يكون فيها من المستغفرين وذلك لفضلها ولعظم شأنها عند الله .

قال الله تعالى {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ} دَلّ على فضيلة الاستغفار وقت الأسحار

وقد قيل: أن يعقوب عليه السلام، لما قال لبنيه {سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي} إنه أخرهم إلى وقت السحر([5]).

وقال تعالى :{ وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ }([6]).

{ وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } وصفهم بأنهم يحيون جُل الليل متهجدين ، فإذا أسحروا أخذوا في الاستغفار من رؤية أعمالهم. والسَحر : السدس الأخير من الليل ، وفي بناء الفعل على الضمير إشعار بأنهم الأحقاء بأن يُوصفوا بالاستغفار ، كأنهم المختصون به ، لاستدامتهم له ، وإطنابهم فيه([7]).

قال أنس بن مالك رضي الله عنه: أمرنا أن نستغفر بالسحر سبعين استغفارة.

وقال سفيان الثوري رحمه الله : بلغني أنه إذا كان أول الليل نادى مناد ليقيم القانتون فيقومون كذلك يصلون إلى السحر فإذا كان عند السحر نادى مناد : أين المستغفرون فيستغفر أولئك ويقوم آخرون فيصلون فيلحقون بهم فإذا طلع الفجر نادى مناد : ألا ليقم الغافلون فيقومون من فرشهم كالموتى نشروا من قبورهم .

اللهم اجعنا من المستغفرين واجعنا من التأبين واجعنا القانتين .. اللهم أمين

 

وليد على

المحرر بكتاب الجمهورية

الإستغفار شفاء ودواء لكل داء 3

 

Exit mobile version