الصراط المستقيم
الإعجاز اللغوي والبياني والمعنى الصحيح لبعض الكلمات في القرآن الكريم
18 ديسمبر، 2024
0
إعداد: الشيخ/ محمد محمود عيسى
أولًا: جمال البيان في منع العذاب عن الأمة
قال الله تعالى:
(وما كان الله ليعذِّبَهم وأنت فيهم؛ وما كان الله معذِّبَهم وهم يستغفرون)
(سورة الأنفال: الآية 33).
في هذه الآية الكريمة، يتجلى الجمال البياني البارع في اختيار الألفاظ وتناسق المعاني.
- العبارة الأولى:
(وما كان الله ليعذِّبَهم وأنت فيهم)
جاءت كلمة “ليعذِّبَهم” بصيغة الفعل، لأن الفعل يدل على انتهاء الحدث بانتهاء سببه. والمعنى أن الله سبحانه وتعالى يمنع العذاب عن المشركين طالما كان النبي ﷺ حيًا بينهم. فوجود النبي ﷺ يمثل رحمة تمنع نزول العذاب حتى وفاته. - العبارة الثانية:
(وما كان الله معذِّبَهم وهم يستغفرون)
جاءت كلمة “معذِّبَهم” بصيغة الاسم، لأن الاسم يدل على الثبات والاستمرار. أي أن الاستغفار هو سبب دائم في رفع العذاب عن أمة النبي محمد ﷺ، وهذا الأمر ممتد إلى يوم القيامة.
ثانيًا: المعنى الصحيح لكلمة “أولياءه”
قال الله تعالى:
(وما لهم ألّا يعذّبَهم الله وهم يصدّون عن المسجد الحرام وما كانوا أولياءه، إن أولياؤه إلا المتقون ولكن أكثرهم لا يعلمون) (سورة الأنفال: الآية 34).
هناك التباس شائع في فهم معاني كلمتي “أولياءَه” الأولى و**”أولياؤه”** الثانية:
- يظن كثير من المسلمين أن الضمير في الكلمتين يعود على المسجد الحرام، بمعنى أنهم أولياء المسجد الحرام.
- لكن المعنى الصحيح أن الضمير يعود على الله تعالى، أي أنهم ليسوا أولياء الله، لأن أولياء الله هم المتقون الذين يخافون الله ويتبعون أوامره.
إيضاح الفرق بين الكلمتين:
- أولياءَه (الأولى):
المقصود أن المشركين ليسوا أولياء الله تعالى. - أولياؤه (الثانية):
المعنى أن أولياء الله تعالى هم فقط المتقون، وليس أولئك الذين يدّعون قربهم منه بغير حق.
هذا التدبر في آيات القرآن الكريم يظهر الإعجاز اللغوي والبياني في اختيار الألفاظ التي تحمل معاني دقيقة وعميقة. نسأل الله أن يوفقنا لفهم كتابه العزيز والعمل بما جاء فيه.
والله أعلم وهو العلي الحكيم
الشيخ/ محمد محمود عيسى
منشاة سلطان – منوف – المنوفية
مرتبط
18 ديسمبر، 2024
0