الإعلام الرقمي بين الإنسان والآلة: من يصنع الحقيقة؟

بقلم / الدكتورة هناء خليفة
لم يعد الخبر بحاجة إلى ساعات أو أيام ليصل إلى الجمهور؛ في عصر الذكاء الاصطناعي، يولد الخبر وينتشر في ثواني معدودة. لكن التطور الهائل في أدوات الإعلام الرقمي يطرح سؤالاً جوهرياً: من يحدد الحقيقة اليوم؟
الخوارزميات تكتب الأخبار
وفقًا لموقع NewsCatcher (2024)، ما يقارب 7% من الأخبار عالمياً تُنتج بالكامل عبر خوارزميات الذكاء الاصطناعي. وفي بعض المؤسسات الكبرى، أصبحت الخوارزميات عنصراً أساسياً في التحرير والتحليل. ورغم هذه الطفرة التقنية، يظل السؤال مطروحاً: هل تكفي الآلة لصناعة محتوى موثوق؟
ثقة الجمهور تتراجع
-23% فقط من الأمريكيين و15% من الأوروبيين يشعرون بالارتياح تجاه الأخبار الآلية.
-62% من الجمهور يثقون بالصحفيين التقليديين، مقابل 48% فقط بالمحتوى المولّد آلياً.
-43% فقط قادرون على التمييز بين المحتوى البشري و الآلي.
هذه الأرقام تكشف فجوة ثقة كبيرة، وتؤكد أن الصحفي ما زال مركز العملية الإعلامية.
التزييف العميق: تهديد حقيقي
أصبح التزييف العميق من أخطر تحديات الإعلام، حيث تشير التقارير إلى أن 80% من المستخدمين لا يميزون الفيديوهات المزيفة حتى بعد تدريبهم، بينما بلغت الخسائر المالية الناجمة عن هذه التقنية 12 مليار دولار في 2023.
هذه الظاهرة تنذر بخطر حقيقي على سلامة المعلومات والرأي العام.
شراكة الإنسان والآلة
رغم المخاطر، يثبت الذكاء الاصطناعي قيمته في تحليل البيانات الضخمة بسرعة قياسية ومساعدة الصحفيين في التحرير. لكن هذا لا يغني عن التدخل البشري لضمان الدقة والحياد، مما يجعل العلاقة بين الإنسان والآلة شراكة لا منافسة.
كيف نضمن إعلاماً مسؤولاً؟
▪️نشر الثقافة الإعلامية لتمكين الجمهور من كشف التضليل.
▪️تطوير أدوات قوية لمواجهة التزييف العميق.
▪️شفافية استخدام الذكاء الاصطناعي مع بقاء الإنسان في مركز القرار.
خاتمة
الإعلام الرقمي ليس صراعاً بين الصحفي والخوارزمية، بل معركة وعي تحدد مستقبل الحقيقة. التحدي الحقيقي ليس في إيقاف الآلة، بل في تسخيرها لخدمة القيم الإنسانية، وتعزيز دور الإنسان في صناعة الخبر المسؤول.