السعوديةالمجتمعتقارير وتحقيقات

الإعلام السعودي يشن حملة لمحاربة ‘الهياط الاجتماعي’

البذخ في موائد الطعام
البذخ في موائد الطعام

منذ أيام ووسائل الإعلام السعودي تشن حملة لمحاربة ما يسمى ‘الهياط الاجتماعي’ في المجتمع السعودي، من غسل أيدي الضيوف بدهن العود إلى الولائم التي تذبح فيها عشرات الأغنام والجمال.

ومن آلاف الريالات والذهب التي تفرش على الأرض وتنثر على المواليد، وحتى الرياضة وكرة القدم ومحللوها لم يكونوا بمنأى عن هذا الداء.

ودب ‘الهياط’ دبيب النمل في عمل الخير وصدقة السر لتتناقلها الركبان عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ويعرف السعوديون الهياط بأنه المبالغة لدرجة التطرف في المباهاة والتفاخر بقيم المجتمع السعودي التي يغلب عليها الطابع القبلي كإكرام الضيف والشجاعة.

وتعددت صور ‘الهياط’، لكن البذخ والمبالغة في ولائم الطعام هي المستفز الأكبر لمشاعر السعوديين، مما جعلهم يطالبون بالحد من الإسراف ومعاقبة المبالغين جدا في الكرم، لأن ‘الهياط’ ليس ظاهرة في المجتمع السعودي، بل هو سلوك أفراد دفعهم حب الشهرة لذلك، وساهمت التقنية في نقل ونشر مقاطع تصويرهم.

ويرى متخصصون في علم الاجتماع في السعودية أن الظاهرة تجسد ضريبة التقنية وهيمنة وسائل التواصل الاجتماعي، وفقدان الخصوصية الثقافية والقيمية في ظل زحف العولمة الجارف.

مجتمع الفرجة
في حديث لـ “الجزيرة نت”، يشير أستاذ الاجتماع بجامعة الملك سعود الدكتور عبد السلام الوائل للكتاب الشهير لعالم الاجتماع الفرنسي جي ديبور بعنوانه ‘مجتمع الفرجة.. الإنسان المعاصر في مجتمع الاستعراض’.

ويقول الوائل ‘الفرجة حسب ديبور، هي العالم الذي تتحول فيه كل حياة إنسانية إلى مظهر، أليس هذا هو في حده الأدنى مقاطع في ما بات يعرف في وسائل التواصل الاجتماعي بسناب شات لعائلة في مطعم وهي تصور الأطباق، وهو في حده الأعلى مقاطع الهياط’.

ويضيف المتحدث أن وسائل التواصل الاجتماعي جعلت صناعة الفرجة متاحة للأفراد، وليس حصرا على مؤسسات إنتاج المواد الاستهلاكية، مشيرا إلى أن ‘بعض الأنظمة القيمية تتيح فرصا للشهرة والصعود الاجتماعي الصاروخي عبر حكايات وأمثولات، كما هي قصص عظماء الكرماء أصحاب القصص الأسطورية في إكرام الضيوف’.

ويؤكد الوائل أن ‘الجوال وتطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، والنظام القيمي الفرعي أعلاه يجعل من الصعب منع انتشار مقاطع الهياط والمفاخرة تلك، رغم أن الكثيرين لا ينزعجون منها فقط، بل يسترذلونها أيضا’.

معركة البقاء
وإذا كانت مجمل الآراء تنظر إلى مقاطع ‘الهياط’ بمنظور سلبي، فإن أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك سعود الدكتور خالد الرديعان يقول للجزيرة نت ‘إن ما يقوم به أصحاب المقاطع ليس من الضرورة أن نفسره بطريقة سلبية، مهما كان المقطع مستهجنا’.

ويعتقد الرديعان أن هناك حالة يشعر فيها المجتمع بفقدان الخصوصية الثقافية بسبب العولمة الجارفة، التي شملت كل شيء، معتقدا أن ‘الهياط محاولة للتشبث بالماضي الجميل وقيمه’.

ويدعو الجامعي السعودي لقراءة ما خلف المقاطع لأن أصحاب مقاطع الهياط ‘يودون القول بطريقة مباشرة أو غير مباشرة إن ثقافتنا تتعرض للانقراض بسبب العولمة ومن ثم يأتون بأمثلة متطرفة للغاية لقرع ناقوس الخطر’.

وبينما يتوجس الوائل من إشارة مقاطع الهياط من طرف خفي للخواء وأحاسيس أصحابها بفراغ الحياة من معنى، يرى الرديعان أن تلك المقاطع ‘معركة بقاء ندخلها بأسلحة غير مناسبة.. وبشعور الأفراد باحتضار قيمهم القبلية، يعيدون إحياءها ويرغبون في اللجوء والعودة للهويات الصغرى كالقبيلة والمنطقة’.

الحكومة تحذر
وبعدما ترددت في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي صور البذخ والإسراف في الأطعمة، وجه الملك سلمان بن عبد العزيز بتشكيل لجنة حكومية للحد من هدر الغذاء في المناسبات.

كما وجهت وزارة الشؤون الإسلامية خطباء الجمعة بتوعية المصلين بحفظ النعمة وعدم الإسراف في جمعة اليوم. ويأتي ذلك بعدما ذكرت دراسة أجرتها وزارة الشؤون البلدية والقروية أن كمية النفايات بالسعودية بلغت 14 مليون طن عام 2015، وتمثل مخلفات الأطعمة 28% من مجموعة النفايات التي يكلف جمعها والتخلص منها نحو ١٦٨ مليون دولار سنويا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.