الإعلام ليس الجاني الوحيد في تدهور القيم
✍️ بقلم: المهندس منصور أمان
في عصرٍ تهيمن فيه المنصات الرقمية على الوعي الجمعي، لم يعد الإعلام مجرد أداة نقل، بل أصبح قوة ناعمة تُعيد تشكيل المفاهيم وتوجيه السلوك الجمعي. وهنا يُطرح السؤال بجرأة:
هل الإعلام يعكس الواقع… أم يعيد تشكيله؟
الإعلام بين الترفيه والتأثير
الإعلام اليوم لم يَعُد مجرد ناقل محايد للخبر، بل بات صانعًا للرأي ومُهندسًا للثقافة العامة، وذلك عبر أدوات مثل التكرار، والتضخيم، وانتقاء ما يُعرض ويُخفى.
الإعلام يحدد أجندة التفكير، لا بالضرورة المضمون، وفقًا لنظرية “وضع الأجندة”.
«الإعلام لا يقول لك ماذا تفكر، لكنه يقول لك فيمَ يجب أن تفكر» — مقولة تُلخص الدور العميق والخفي للإعلام في توجيه الانتباه العام.
أين تتدهور القيم؟
تُظهر العديد من الدراسات كيف يُمكن للإعلام أن يُسهم في إضعاف البنية القيمية داخل المجتمعات من خلال:
-
تطبيع العنف والمشاهد الإباحية، ما يُؤثر على الحس الأخلاقي العام.
-
ترويج أنماط استهلاكية فارغة تعزز القشور على حساب الجوهر.
-
إعادة إنتاج الصور النمطية، لا سيما المتعلقة بالمرأة أو الطبقات المهمشة.
-
تضخيم “التفاهة” عبر التريندات، وتهميش الفكر والنقاش العميق.
الإعلام ليس الجاني الوحيد
الإعلام، في كثير من الأحيان، يُلبّي ما يطلبه الجمهور، لكنه أيضًا يُوجّه هذا الطلب ويُعيد تشكيله.
إنها علاقة تبادلية دقيقة ومعقدة، قد تؤدي إلى نتائج سلبية إذا غابت المسؤولية والوعي:
🧠 جمهور غير ناقد + إعلام غير مسؤول = بيئة خصبة لتدهور القيم.
ما الحل؟ خارطة طريق لاستعادة التوازن
لمعالجة هذه الإشكالية، لا بد من تظافر الجهود بين صانع المحتوى والمتلقي، عبر:
-
تعزيز الوعي النقدي لدى الجمهور، خاصة بين فئة الشباب.
-
تشجيع الإعلام البديل الهادف، الذي يوازن بين الجاذبية والمضمون.
-
الدعوة إلى مساءلة إعلامية تحاسب على الانحرافات القيمية، لا فقط نسب المشاهدة.
-
إعادة تمكين المثقف، ليكون صوته حاضرًا كمرشد ومنتقد موضوعي.
خاتمة: الإعلام بين المقبض والحد
الإعلام ليس شرًّا مطلقًا، بل أداة، يتوقف أثرها على من يُمسك بها.
في يدٍ مسؤولة، يكون الإعلام قوة لبناء الوعي والقيم.
وفي يدٍ مستهترة، يتحول إلى معول هدم للثوابت.
المجتمع الواعي هو من يُمسك بالمقبض، لا بالحد.
شاركوني آراءكم:
هل ترون أن الإعلام يعكس واقعنا أم يُعيد تشكيله؟
وهل ما زال هناك أمل في إعلام يُعيد القيم إلى الواجهة؟
منصور أمان
مهندس اتصالات مهتم بقضايا الفكر والإعلام
