الصراط المستقيم

الاحتفال بالمولد النبوي بدعة حسنة

من اختيارات الكاتب الصحفي محمد يوسف رزين *

الخلاف الدائم على  الإحتفال بالمولد بدعة محدثة أو لا كل سنة  أمر دائر بين طلبة العلم.

أقول هى بدعة محدثة لا شك فى ذلك

الخلاف هنا هل هذه البدعة المحدثة حسنة مستحبه ام هى ضلالة فى النار 

الرأى الاول ملخصه أنه محدثة لم يفعلها نبينا صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة الكرام فهى بدعة محدثة وهى ضلالة

الرأى الثانى هو رأى المخالف له ومن الإنصاف  أن يساق رأى المخالف وخاصة إذا كان قال به العلماء المعتبرين أئمة مجمع عليهم مثل الامام السيوطي وابن حجر والسخاوى وابن تيمية .

واليكم رأيهم:

رأي شيخ الاسلام ابن تيمية في إظهار الفرح والسرور بمولد المصطفى صلى الله عليه وسلم  ليس منافيًا لكلام بقية أئمة الإسلام في هذا الأمر من أمثال: السيوطي، والحافظ ابن حجر، وأبو شامة، وابن عابدين، والحافظ السخاوي وغيرهم؛ لأنهم جميعًا قد اتفقوا على أنه بدعة! لكن علماء الإسلام قالوا: بدعة مستحبة، وابن تيمية استحب الأعمال المشروعة وحكم بالأجر لفاعلها، مع قليل من التحفظ المتعلق بتخصيص يوم معين لتلك الأعمال المشروعة.

وأكتفي من أقوال هؤلاء الأعلام فى هذا المقام بكلام الإمام أبو شامة شيخ الإمام النووي رحمهما الله، حيث قال:

ومن أحسن ما ابتُدع في زماننا ما يُفعل كل عام في اليوم الموافق ليوم مولده صلى الله عليه وآله وصحبه وسلّم من الصدقات والمعروف، وإظهار الزينة والسرور، فإنّ ذلك مع ما فيه من الإحسان للفقراء مشعر بمحبته صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وتعظيمه في قلب فاعل ذلك، وشكرًا لله على ما منّ به من إيجاد رسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم الذي أرسله رحمة للعالمين.

ومن المعلوم أن البدع تعتريها الأحكام التكليفية الخمسة (الوجوب، الاستحباب، الحرمة، الكراهة، الإباحة) فليست كل بدعة هي بدعة ضلالة بالضرورة، والحديث الوارد في هذا ينبغي فهمه في ضوء غيره وفي ضوء فعل الصحابة الذين هم أفهم الخلق لمعاني الشرع.

وقد حكم هؤلاء العلماء بأن إظهار الفرح والسرور، وذكر سيرته الشريفة، والإكثار من الصلاة على رسول الله، وإطعام الطعام، والاجتماع لدروس العلم، وقراءة القرآن ونحو ذلك في هذه الأيام من البدع الحسنة.

فهي (بدعة) لأن السلف الصالح رضي الله عنهم لم يخصصوا هذه الأيام بمثل هذه العبادات!وهي (حسنة) لأنها أمور من الدين وليست خارجة عنه، ونص الحديث: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه..» والخارج عن الدين ما نهى عنه رسول الله أو دلت القواعد على بطلانه، أما ما دخل في أصل شرعي أو دلت عليه القواعد فلا يعد بدعة؛ ومن ثم فهذه الأمور من الدين، وهي مطلوبة في كل وقت، في يوم مولده وفي غيره.

وكلام ابن تيمية إذا تأملته -رحمه الله- ستجد أنه بعد أن اتفق مع ما ذهب إليه علماء الإسلام من بدعية المولد = أرجع الأمر إلى نية المحتفل، وحَكَمَ بأن هذا المحتفل إذا فعل ذلك «سرورًا وفرحًا» بمولد الرسول فهو مثاب مأجور، وإن فعله «تقليدًا وتشبهًا بغير المسلمين» فهو موزور من ناحية التشبه مأجور من ناحية ما يقوم به من أعمال صالحة.

وتصحيح النية واجب قبل كل عمل حتى يكون مقبولًا عند الله تعالى، لا في الاحتفال بمولد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقط، وتأمل تفريقه الواضح في أول كلامه حين يقول: «ما يحدثه بعض الناس إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى – عليه السلام – وإما محبة للنبي – صلى الله عليه وسلم – وتعظيمًا. والله قد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد، لا على البدع من اتخاذ مولد النبي – صلى الله عليه وسلم – عيدًا».

لاحظ: إما، وإما. وتأمل قوله: «واعلم أن من الأعمال ما يكون فيه خير، لاشتماله على أنواع من المشروع، وفيه أيضًا شر، من بدعة وغيرها، فيكون ذلك العمل خيرًا بالنسبة إلى ما اشتمل عليه من أنواع المشروع، وشرًا بالنسبة إلى ما اشتمل عليه من الإعراض عن الدين بالكلية كحال المنافقين والفاسقين. وهذا قد ابتلي به أكثر الأمة في الأزمان المتأخرة»، وإنكاره هنا على أحوال بعض المحتفلين خارج مسألة البحث.

*مدير تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.