الاستثمار البيئي.. من المخاطر إلى الفرص في عصر التغير المناخي

بقلم. د. منار جمال الدين
محاضر ومستشار بيئى
من مخاوف إلى فرص- الاستثمار البيئي حل لتغير المناخ والتلوث البيئي.
في ظل التحديات البيئية التي تواجه العالم اليوم، تحولت المخاوف من تغير المُناخ والتلوث البيئي والتدهور البيئي إلى فرص استثمارية واعدة. حيث أصبح الاستثمار البيئي أحد أهم المجالات التي تجذب إنتباه المستثمرين والشركات والمؤسسات الحكومية.
يعتبر تغير المُناخ أحد أكبر التحديات البيئية التي تواجه العالم اليوم. حيث يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة، وذوبان الجليد، وارتفاع مستوى سطح البحر، مما يهدد الحياة على الأرض- ومع ذلك- فإن هذا التحدي يمثل فرصة للاستثمار فى العديد من المجالات:-
أولاً: الطاقة المتجددة (Renewable Energy)
الطاقة المتجددة هى الطاقة المستمدة من موارد طبيعية وتتجدد باستمرار، مما يقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري ويساهم في مكافحة التغيرات المُناخية- وتعد مصدراً رئيسياً للطاقة النظيفة.
تُعد الطاقة الشمسية (Solar Energy) من أهم مصادر الطاقة المتجددة، حيث يتم التقاط الإشعاع الشمسي وتحويله إلى كهرباء باستخدام الخلايا الكهروضوئية (Photovoltaic cells). ويمكن استخدامها لتوليد الكهرباء على نطاق واسع في محطات الطاقة الشمسية أو على أسطح المنازل والمنشآت لتلبية الاحتياجات المحلية. وتتميز بأنها متوفرة بغزارة في معظم أنحاء العالم وتكاليف تركيبها آخذة في الانخفاض بشكل مستمر.
وتُستغل أيضاً طاقة الرياح (Wind Energy) عن طريق تحويل الطاقة الحركية للرياح إلى طاقة كهربائية باستخدام توربينات الرياح الضخمة.. حيث يتم تركيب مزارع الرياح في المناطق ذات السرعات العالية للرياح، سواء على اليابسة أو في البحر .. وتُعد طاقة الرياح مصدراً فعالاً ونظيفاً لتوليد الكهرباء، مع ضرورة مراعاة تأثيرها المحتمل على الطيور والحياة البرية.
وتعتمد الطاقة الكهرومائية (Hydroelectric Energy) أيضا على قوة المياه المتدفقة أو الساقطة لتشغيل التوربينات وتوليد الكهرباء، وغالباً ما يتم ذلك عن طريق بناء السدود على الأنهار. وتُعد مصدراً موثوقاً ومستقراً لتوليد الطاقة، حيث يمكن التحكم في تدفق المياه. ومع ذلك، يجب الأخذ في الإعتبار تأثير بناء السدود على النظم البيئية للأنهار والمجتمعات المحلية.
ثانياً: النقل المستدام (Sustainable Transportation)
يُهدف إلى توفير خيارات نقل صديقة للبيئة وفعالة من حيث التكلفة وآمنة، مع تقليل الانبعاثات الكربونية والازدحام المروري.
وتتمثل فى السيارات الكهربائية (Electric Vehicles – EVs) خطوة محورية نحو النقل المستدام، حيث تعمل بالكامل أو جزئياً على الكهرباء المخزنة في البطاريات بدلاً من الوقود الأحفوري.. وتتميز بانعدام الانبعاثات المباشرة من العادم، مما يساهم في تحسين جودة الهواء في المدن. يعتمد مدى استدامتها الكلي على مصدر الكهرباء المستخدم لشحنها، لذا يُشجع على استخدام مصادر الطاقة المتجددة لشحنها.
ويشمل أيضاً النقل العام المستدام (Sustainable Public Transit) على شبكات النقل الجماعي التي تقلل من عدد المركبات الخاصة على الطريق، مثل الحافلات الكهربائية أو التي تعمل بالهيدروجين، والقطارات السريعة، وخطوط المترو الفعالة. يقلل النقل العام المستدام من استهلاك الطاقة الإجمالي، ويخفف من الازدحام المروري، ويوفر خياراً اقتصادياً للسكان، وله دور كبير في تصميم المدن التي تركز على الإنسان بدلاً من المركبة.
ثالثاً: البنية التحتية المستدامة (Sustainable Infrastructure)
هى عبارة عن تصميم وبناء وتشغيل الأنظمة والمرافق التي تدعم المجتمع بطريقة تقلل من التأثير البيئي، وتزيد من الكفاءة، وتعزز المرونة.
كَتصميم المباني الخضراء (Green Buildings) لتقليل استهلاكها للطاقة والمياه والمواد الخام على مدار دورة حياتها بأكملها. ويتم تحقيق ذلك من خلال استخدام مواد بناء مستدامة، وتحسين العزل الحراري، وتصميمات تسمح بدخول أقصى قدر من ضوء الشمس الطبيعي، وتركيب أنظمة عالية الكفاءة في التدفئة والتبريد وإدارة المياه. شهادات مثل “لييد” (LEED) – وهي معايير عالمية لتقييم استدامة المباني.
والمدن المستدامة (Sustainable Cities) هي تجمعات حضرية يتم التخطيط لها وإدارتها لتقليل البصمة البيئية وتحسين جودة حياة السكان. ويتم ذلك عن طريق دمج شبكات النقل العام الفعالة، وإدارة النفايات والمياه بشكل مستدام، وتوفير المساحات الخضراء والحدائق، واستخدام الطاقة المتجددة على نطاق واسع. والهدف هو خلق بيئات حضرية صحية ومرنة ومقاومة لتأثيرات التغيرات المناخية.



