كتب/أبو عائش د.عبد المنعم إبراهيم.
عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم –
صام يوم عاشوراء وأمر بصيامه.
متفق عليه.
وقال الله تعالى:
((وَأَنجَيْنَا مُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ ثُمَّ أَغْرَقْنَا ٱلأَخَرِينَ))
أي: أنجينا موسى وبني إسرائيل ومن اتبعهم على دينهم، فلم يهلك منهم أحد، وأغرق فرعون وجنوده، فلم يبق منهم رجل إلا هلك.
وروى ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا شبابة، حدثنا يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبد الله، هو ابن مسعود: أن موسى عليه السلام حين أسرى ببني إسرائيل، بلغ فرعون ذلك، فأمر بشاة فذبحت، وقال: لا والله لا يفرغ من سلخها حتى يجتمع إليّ ستمائة ألف من القبط، فانطلق موسى حتى انتهى إلى البحر، فقال له: انفرق، فقال له البحر: قد استكبرت يا موسى، وهل انفرقت لأحد من ولد آدم، فأنفرق لك؟ قال، ومع موسى رجل على حصان له، فقال له ذلك الرجل، أين أمرت يا نبي الله؟ قال: ما أمرت إلا بهذا الوجه، قال: والله ما كذب ولا كذبت، ثم اقتحم الثانية فسبح ثم خرج، فقال: أين أمرت يا نبي الله؟ قال: ما أمرت إلا بهذا الوجه. قال: والله ما كذب ولا كذبت، قال: فأوحى الله إلى موسى: أن اضرب بعصاك البحر، فضربه موسى بعصاه، فانفلق، فكان فيه اثنا عشر سبطاً لكل سبط طريق يتراءون، فلما خرج أصحاب موسى، وتتام أصحاب فرعون، التقى البحر عليهم فأغرقهم.
تفسير ابن كثير
“ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ فِي حِكْمَةِ اسْتِحْبَابِ صَوْمِ تَاسُوعَاءَ أَوْجُهًا: أَحَدُهَا: أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ مُخَالَفَةُ الْيَهُودِ فِي اقْتِصَارِهِمْ عَلَى الْعَاشِرِ. الثَّانِي:أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ وَصْلُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ بِصَوْمٍ (حتى لا يفرد بالصيام) , كَمَا نَهَى أَنْ يُصَامَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَحْدَهُ. الثَّالِثَ:الاحْتِيَاطُ فِي صَوْمِ الْعَاشِرِ خَشْيَةَ نَقْصِ الْهِلالِ, وَوُقُوعِ غَلَطٍ فَيَكُونُ التَّاسِعُ فِي الْعَدَدِ هُوَ الْعَاشِرُ فِي نَفْسِ الأَمْرِ”
المجموع (6/38)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ” لماّ قيل له قبيل وفاته: إِنَّهُ يَوْمٌ [عاشوراء] تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى ، أمر بمخالفتهم، بضم يوم آخر إليه، وعزم على ذلك، ولهذا استحب العلماء أن يصوم تاسوعاء وعاشوراء وبذلك علّلت الصحابة رضي الله عنهم”*
(اقتضاء الصراط المستقيم (1/284)،مجموع الفتاوى (25/311) ، (21/170)، ورجحه ابن حجر في الفتح (4/245). )
“فَعَلَى هَذَا [التعليل] ، لَوْ لَمْ يَصُمِ التَّاسِعَ مَعَهُ ، اسْتُحِبَّ أَنْ يَصُومَ الْحَادِي عَشَرَ”
روضة الطالبين للنووي( 2/ 387).
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: « لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع» .
رواه مسلم.
فيه: استحباب صيام تاسوعاء مع عاشوراء مخالفة لأهل الكتاب، لأنهم كانوا يصومون اليوم العاشر فقط ويقولون إنه يوم نجى الله فيه بني إسرائيل من فرعون وقومه، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: «نحن أحق بموسى» ، فصامه وأمر الناس بصيامه، وقال: «خالفوا اليهود صوموا يوما قبله أو يوما بعده» .
[تطريز رياض الصالحين]