الاستقطاب وتدمير المستقبل: تأملات بقلم د. أمين رمضان
مزق نسيج الوطن الواحد، وحوله إلى غابه، بل أشرس، بعد أن أصبح للإنسان أنياب وأظافر.
تجد هذا الاستقطاب في كل شرائح المجتمع، بل في الأسرة الواحدة، تجده في الداخل والخارج، في مواقع التواصل الاجتماعي، بصورة مقززة تجعل الإنسان يشعر بالغثيان والخوف والقلق، نعم القلق على الوطن ومستقبل الأجيال القادمة.
والطامة الكبرى، أن من كان يجب عليهم أن يطفئوا نيران هذا الاستقطاب المشتعلة هنا وهناك، هم من يصبوا عليها البنزين، بل هم من أشعلوها، ويشعلون كل يوم حرائق جديدة، تأكل الأخضر واليابس.
خطورة الاستقطاب أن كل طرف يرى وجودة في نفي الآخر وقتله واستباحة ماله وعرضه، والاستمرار في ذلك نذير شؤم وحرب أهلية، أدعوا الله أن يجنب أوطاننا شرورها.
كانت الحرب الأهلية في جنوب أفريقيا تأكل الأخضر واليابس، حتى نجح نيلسون مانديلا في إرساء سلام اجتماعي، تقدمت في ظله جنوب إفريقيا تقدماً مذهلاً بعد ذلك.
“مكث مانديلا 27 عاماً في السجن، أولاً في جزيرة روبن آيلاند، ثم في سجن بولسمور وسجن فيكتور فيرستر. وبالموازاة مع فترة السجن، انتشرت حملة دولية عملت على الضغط من أجل إطلاق سراحه، الأمر الذي تحقق في عام 1990 وسط حرب أهلية متصاعدة. صار بعدها مانديلا رئيساً لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي ونشر سيرته الذاتية وقاد المفاوضات مع الرئيس دي كليرك لإلغاء الفصل العنصري وإقامة انتخابات متعددة الأعراق في عام 1994، الانتخابات التي قاد فيها حزب المؤتمر إلى الفوز. انتخب رئيساً وشكل حكومة وحدة وطنية في محاولة لنزع فتيل التوترات العرقية، ثم أسس دستوراً جديداً ولجنة للحقيقة والمصالحة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في الماضي.” [1]
ولا شك أن الجميع في جنوب أفريقيا تجاوز نيران الغضب والانتقام، وأطفئوها بمظلة عدالة نشرت ظلالها على ربوع الوطن، فوقف على قدميه وسار قطار النهضة للمستقبل وانتشرت ثماره في مناحي الحياة كلها.
أكبر جريمة في حق الوطن أن يتحول فيه كنز التنوع الذي يحتاجه من أجل البناء، إلى نيران تقذف لهيبها على رؤوس الجميع، وأن تشرع الطوائف الأكثر قوة حرابها في قلب الوطن، فتصادر الحريات، وتستحوذ على المقدرات، وتلغي المؤسسات، وتزرع في قلوب الأجيال الأحقاد، لتمتد نيران الحاضر للمستقبل، فتأكل الأمل في الحياة في ظل وطن واحد، وعدالة وحرية ينعم بها الجميع.
عندما يتحول الوطن إلى عربة طائشة تنحدر بأقصى سرعة إلى الهاوية، يحتاج إلى من يكبح جماح هذه العربة، قبل أن يغرق الجميع، ولات ساعة مندم. تضييع الوقت في التنابذ سيؤجل أو يضيع الفرصة.
المرجع رقم ١
[1]https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%86%D9%8A%D9%84%D8%B3%D9%88%D9%86_%D9%85%D8%A7%D9%86%D8%AF%D9%8A%D9%84%D8%A7
كبر جريمة في حق الوطن أن يتحول فيه كنز التنوع الذي يحتاجه من أجل البناء، إلى نيران تقذف لهيبها على رؤوس الجميع، وأن تشرع الطوائف الأكثر قوة حرابها في قلب الوطن، فتصادر الحريات، وتستحوذ على المقدرات، وتلغي المؤسسات، وتزرع في قلوب الأجيال الأحقاد، لتمتد نيران الحاضر للمستقبل، فتأكل الأمل في الحياة في ظل وطن واحد، وعدالة وحرية ينعم بها الجميع.نعم هذه الطامة و القضية التي يستخدمها المستعمر ليعيش هو تحياتي لكم و لتحليلاتكم القيمة