الصراط المستقيم

الاعتكاف في البيوت.

أما عن الرجال فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الاعتكاف لا يكون إلا في مسجد، لقول ربنا:{ ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد}. ولأن النبي ﷺ لم يعتكف إلا في المسجد، وحكى غير واحد الإجماع على ذلك، كابن عبد البر.(التمهيد.325/8). والقرطبي (جامع الأحكام.333/2). وابن قدامة.(المغني.189/3). ووُهبة.(التفسير المنير.161/2).

لكن ذهب بعضهم إلى أن المسجد لا يشترط للرجال، حكاه القاضي عياض عن ابن لبابة المالكي.(إكمال المعلم.150/4). وابن رشد في (بداية المجتهد.77/2).

قالوا لا دليل على اشتراط المسجد، أما قول ربنا :{وأنتم عاكفون في المساجد} فليس دليلا، لأن النهي عن الشيء مقيد بحال لها متعلق لا يدل على أن تلك الحال، إذا وقعت من المنهيين يكون ذلك المتعلق شرطا في وقوعها.
ونظير ذلك: لا تضرب زيدا وأنت راكب فرسا ولا يلزم من هذا أنك متى ركبت فلا يكون ركوبك إلا فرسا، فذكر: المساجد، إنما هو لأن الاعتكاف غالبا لا يكون إلا فيها، لا أن ذلك شرط في الاعتكاف.(البحر المحيط.221/2).

ولم يوافق على ذلك أحد من أهل العلم، قال ابن رشد:”ولكن هو قول شاذ”.(بداية المجتهد.77/2).

أما المرأة فقد اختلف العلماء في اعتكافها في بيتها، فذهب الجمهور إلى عدم جواز ذلك، واستدلوا :

  • قال ربنا:{ ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد}. وهذا عام، قال عياض رحمه الله:” وفيها أن الاعتكاف لا يكون إلا فى مسجد للرجال والنساء”.(إكمال المعلم.150/4).

-عن أمنا عائشة أن رسول الله ﷺ:” ذكر أن يعتكف العشر الأواخر من رمضان، فاستأذنته عائشة، فأذن لها”.(البخاري2045.مسلم.1173). فلو كان مشروعا في البيت لأمرها النبي ﷺ بالاعتكاف فيه.

  • عن ابن عباس قال:”لا اعتكاف إلا في مسجد تجمع فيه الصلوات”(صحيح رواه عبد الله في مسائله.ص:196).

  • عن ابن عباس رضي الله عنه قال: “إن أبغض الأمور إلى الله البدع وإن من البدع الاعتكاف في المساجد التي في الدور “(البيهقي.8573).

وذهب الحنفية إلى جواز ذلك واستدلوا :

  • قال النبي :” لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهن خير لهن”.(صحيح رواه أبو داود.567). وقالوا النافلة في البيت أفضل والاعتكاف منها.

  • استأذنت بعض أمهات المؤمنين النبي مسجد تجمع فيه الصلوات للاعتكاف أإذن لهن، فإذ بهن اجتمعن، فبصر بالأبنية، فقال: ما هذا؟. قالوا: بناء عائشة، وحفصة، وزينب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: البر أردن بهذا، ما أنا بمعتكف”.(البخاري.2045.مسلم.1173). ووجه الدلالة أن النبي كره ﷺ اعتكفاهن في المسجد.
    وحقيقة هذا الحديث لا دليل فيه على ما قالوا، لأن ﷺ إنما قال ذلك لتنافسهن لا لصلاتهن في المسجد.

فالاعتكاف لا يكون إلا في المسجد، فهو عبادة متعلق بالمسجد، ومن كان معتادا على ذلك فسيكتب له أجر الاعتكاف وإن لم يعتكف، قال النبي ﷺ:”إذا مرض العبد، أو سافر، كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا”.(البخاري.2996). ولقوله ﷺ :”إن أقواما بالمدينة خلفنا، ما سلكنا شعبا ولا واديا إلا وهم معنا فيه، حبسهم العذر”.(البخاري.2839.مسلم.1911). ولقوله ﷺ:”ما من رجل تكون له ساعة من الليل، يقومها فينام عنها، إلا كتب له أجر صلاته، وكان نومه عليه صدقة، تصدق به عليه”.(صحيح رواه أحمد.24340).

منقولة من صفحة قاسم أكحيلات وهو داعية مغربي.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.