الاقتصاد غير الرسمي وثقافة الفوضي.. بقلم : عبد الغفار مصطفى


الإنسان يصنع حضارته وإذا تولدت فيه الرغبة يقهر المستحيل وتندثر أمامه الصعوبات ويقتحم الخطر ويحقق قيمة حقيقية لمعني حياته.. وهنا يدرك ذاته ومن ثم يواجه الزلازل والأعاصير.. إذ أن الإنسان هو المخلوق الوحيد المدعو للدفاع عن كرامته وإنسانيته.
وبرصد مجتمع مصر بتأمل أحواله أنه مجتمع يستطيع أن يقهر المستحيل ويواجه الصعوبات ويقتحم المخاطر وإن كانت امكاناته المادية ضعيفة لا تؤهله لأن ينفذ كل برامج حياته ليعيش آمناً مستقراً مزدهراً.
المشكلة التي أري طرحها اليوم علي قرائي فهي ليست جديدة. فقد أشرت إليها في مقال سابق.. ولأن كل شيء في مصر إلا من رحم ربي لا يجد له طريقاً للحل.. إلا أن الاقتصاد غير الرسمي يتكاثر ويتناسل وأضحي خطراً يهدد اقتصادنا الكلي.. رغم ما طرحناه سابقاً أن الاقتصاد غير الرسمي يمكنه المساهمة في سد عجز الموازنة بل ويصبح بها فائضاً وربما يغنينا عن القروض الداخلية والخارجية.
معروف أن الاقتصاد غير الرسمي عرفته مصر منذ ثمانينيات القرن الماضي وتولد عبر ثقافة الفوضي والعشوائية التي شهدتها مصر خلال هذه الفترة واستمرت هذه الثقافة في التوسع حتي أضحي الاقتصاد غير الرسمي يحتل أكثر من 40% من الاقتصاد الكلي للبلاد. ولغياب الرؤية فمازال يساهم الاقتصاد غير الرسمي المطروح علي الرصيف وفي الساحات وبير السلم في تدمير الاقتصاد الكلي الرسمي الذي يواجه تخبطاً بسبب هواه يصنعون قراراته بعيداً عن العلمية والكفاءة التجريبية.
الأسواق في مصر تعج ببضائع مهربة وغير محددة المنشأ ودون هوية ولا تخضع لأي نوع من الضريبة في الوقت الذي تحقق هامشاً ربحياً قد يبلغ نحو 150%.
كافة المصادر تري أن البضائع الملقاة علي الأرصفة وفي الساحات والمهربة تبلغ تكلفتها نحو 2.5 تريليون جنيه تباع من خلال 1200 نقطة عشوائية منتشرة في ربوع البلاد وبها نحو 8 ملايين بائع متجول فيما تشير الدراسات إلي أن هذه البضائع غير الرسمية تهدر نحو تريليون جنيه ضرائب سنوية رغم أنها تستفيد من كافة الخدمات.
وفي الاقتصاد غير الرسمي حيث البلطجة والتهريب ورداءة المعروض وغياب الرقابة يسيطر الباعة الجائلون علي الميادين والشوارع حيث الأسواق العشوائية غير الحضارية الأمر الذي يستدعي الحلول السريعة والحاسمة دون المؤقتة.
وعودة لمقدمة الطرح فإن الإنسان هو من يصنع حضارته إذا تولدت فيه الرغبة والقيمة الحقيقية لمعني الحياة.. هنا تندثر أمامه الصعوبات ويواجه الزلازل والأعاصير إذ أن الإنسان هو المخلوق الوحيد المدعو للدفاع عن كرامته وإنسانيته