بقلم الدكتور / محمد النجار
إن كل كلمة ننشرها ستكون شاهدة علينا أمام الله إن لم يكن الله راضيا عنها ، ونستعين بالله ونقول :
إن كل الروابط في تلك الحياة الدنيا ستنقطع وتزول ، فرابط المصالح سينقطع باختلاف المصالح وانتهائها، ورابطة الوطن ستنقطع بالموت ، وحتى رابطة الدم بأقرب الأقربين سواء كان الأب والأم والأخ والأخت والزوجة والابناء وكل الأحباب ايضا ستنقطع ايضا بالموت ..
((يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37 ))
فمن أراد ان يرتبط بأبيه وأمه وأخيه وأخته وزوجته وابناءه في الدنيا والآخرة ويود أن يجمعهم الله في جناته ، فعليه برابطة الدين مع كل هؤلاء رابطة الدين وليست رابطة المصالح والاموال وماديات الحياة ، إن الحياة الحقيقية هي في رضوان الله .
(((فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ))) المؤمنون:101.
ولن تبقى سوى رابطة واحدة تدافع عن الانسان وتأخذ بيده الى رضوان الله !!
إنها رابطة الدين …!!
رابطة الإخوة في دين الله .. بغض النظر عن اللون .. أو المكان .. أو اللغة ..أو الوطن..
يقول الله تعالى ((( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ))) الحجرات من الآية:10
فهذه الرابطة لا يقطعها أي قاطع مثلما تنقطع كل الروابط ، فهي بإذن الله مستمرة حتى يلتقى الإخوة في الله يوم القيامة .
ولنتأمل قول الله تعالى :
((( الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ))) الزخرف:67
ويجمعهم الله بفضله (((وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ))) الحجر:47 .
ومن يود الارتباط حقا بهذه الرابطة عليه ان يشعر بإخوانه المسلمين في انحاء الارض ، فيتألم لآلامهم ، ويبذل كل ما في وسعه من جهد لتفريج كُرُباتهم، ورفع الظلم عنهم ، ويتحدث وينشر عنهم لتعريف الاخرين بقضاياهم وطلب النصرة لهم ، وإذا ما استطاع مساعدتهم لظروف خارجة عن ارادته ، فعلى الأقل لا يغفل عن الدعاء لهم بظهر الغيب.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
• ((مثل المؤمنين في توادِّهم وتعاطُفهم وتراحمهم؛ مَثَلُ الجسد إذا اشتكى منه عضوٌ، تَدَاعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى)) …. رواه مسلم 2586
• (( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا ))… رواه البخاري 481 ، ومسلم 2585
ونذكر بعض المواقف للنبي صلى الله عليه وسلم :
1. جاء قوم من مضر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت عليهم علامات الفقر، فَهُمْ حفاة الأقدام مُمَزَّقوا الثياب ليس لديهم من حطام الدنيا شيء ،تغيَّر وجهه صلى الله عليه وسلم ،وبدت عليه علامات الحزن ، وجعل يدخل ويخرج مهمومًا حزينًا، ثم صعد المنبر، فحرض المؤمنين على الصدقة لكفاية هؤلاء الفقراء، فقال: ((تصدق رجل من درهمه، من ديناره، من صاع بُرِّه، من صاع تمره، ولو بشق تمرة)). فجاء رجل بصُرَّةٍ تعجز عنها يده، وتتابع الناس، عندئذٍ تهلَّل وجهه، وعاد إليه إشراقه وتبسُّمه . رواه مسلم 1017..
2. وموقف آخر للنبي صلى الله عليه وسلم ، عندما مكث شهرًا يدعو للمستضعفين من المسلمين الذين يعانون إيذاء المشركين واضطهادهم، وكان يقول في دعائه:
(( اللهم أنجِ الوليد بن الوليد وعياش بن ربيعة وسلمة بن هشام، اللهم أنجِ المستضعفين من المسلمين)). (رواه البخاري 6200، ومسلم 675 .
3. و كان من اهتمامه بأمر المسلمين أنه : يتحمل عمن مات منهم دَيْنَه حين وسَّع الله عليه، فكان يقول:
((أنا أَوْلَى بالمسلمين من أنفسهم، فمَن مات وعليه دَين؛ فعلينا قضاؤه، ومَن تَرَكَ مالًا فلورثته)) رواه البخاري 2298.
4. وعندما عَلِمَ بوفاة المرأة السوداء التي كانت تَقُمّ المسجد ولم يخبره الصحابة ليشاركهم دفنها والصلاة عليها عاتَبَهم وذهب إلى قبرها، فصلى عليها ودعا لها.
ولدينا مواقف كثيرة للخلفاء الراشدين ومَنْ جاءوا بعدهم نذكر منها :
موقف لعمر بن الخطاب :
يقول عمر بن الخطاب : “والله لو عثرت بغلة بالعراق لخشيت أن يسألني الله عنها: لِمَ لَمْ تسوِ لها الطريق؟”. وقبل وفاته بأيام قلائل يقول : “لئن أبقاني الله لأعملن رأيًا للمسلمين لا تحتاج فيه بعدي أَيِّمٌ -وهي المرأة التي لا زوج لها- إلى رجل”. لكنه مات قبل أن يتم ما عزم عليه.
موقف صلاح الدين الذي لا يبتسم :
كان اهتمام صلاح الدين بأمر المسلمين عجيبًا، فنراه عندما عُوتِبَ لأنه لا يضحك ؟؟؟
فقال: “كيف أضحك والقدس أسير؟”،
فكان يحمل هَمَّ القدس، وهي تحت الاحتلال الصليبي!!
وكان من نتيجة حمله هذا الهَمّ أَعَدَّ العُدَّة، ودرب الجيش وجهزه بالاسلحة والمعدات ، وجهزه أيضا بالإيمان بالله الذي بيده النصر والفوز .. فقد أخذ بالأسباب حتى جاء اليوم الموعود الذي أراد الله أن يكون تطهيرا لبيت المقدس على يدي مَنْ حَمَلَ هَمَّه.
وقد تم تحرير المسجد الاقصى من ايدي الصليبيين بفضل حمل هم هذه الامة ، ورجوعهم الى الله واعداد العدة فكان النصر ،وما النصر الا من عند الله .
لذلك اخي المسلم واختي المسلمة يجب ان يكون الرباط بين المسلمين ارتباطا قلبيا ايمانيا ، حتى يفرج الله هم هذه الامة العظيم التي تكالبت عليها كلاب الارض فنشهوها ،واستولوا على مقدساتها ويحاولون إفساد شبابها ورجالها ونساءها حتى ينسون قضاياهم وتضيع اوطانهم بين اللهو والعبث والخيانة ، ونعوذ بالله من ذلك الشر الذي تكون خاتمته خطيرة ..
غهل تهتم أخي واختي بأمور المسلمين؟
هل تتذكرهم بدعواتك؟
وهل تحمل أخي واختي هَمَّ أُمَّتِك؟
فهل تشاركون اخواني وأخواتي في هذه الرابطة الايمانية التي نحمي بها ديننا ومقدساتنا واوطاننا ، وفي هذه كله حماية لأنفسنا بإذن الله ؟؟؟
والآن اخواني وأخواتي في الله نفس المسجد الاقصى أسير في أيدي الصهاينة ، وجعلوا مسرى نبينا محمد عاصمة لهم ، ويحرقون غز ة بالقنابل والصواريخ والطائرات ، أليسوا إخواننا نرتبط بهم برابطة الدين والعقيدة ؟
فما رأيكم؟؟؟