أراء وقراءات

الباحث مصطفى خضري يكتب:الكيان الصهيوني بين التصعيد المسلح واستراتيجية الهايدرا.. تقدير موقف

 

بعد أن أثبتت حماس وحلفاؤها من الفصائل المجاهدة تطورا في رؤيتها السياسية على المستويين المحلي والدولي، وأصبحت رقما صعبا في الصراع خاصة مع الدعم الذي تقدمه تركيا؛ وجد الكيان الصهيوني نفسه في عزلة دولية، وبدأت أصوات أصدقائه في الهمس بضرورة الخروج من هذا الفخ، الذي أوقعته فيه الفصائل الفسطينية.

ومع استمرار الضغط لابد وأن يلجأ الكيان الصهيوني لاستراتيجيات مضادة، وهناك ٣ استراتيجيات يمكن أن يستخدمها الاحتلال في الوقت الحالي:

١- استراتيجية التصعيد المسلح

حيث ستعمد قيادات الكيان إلى استفزاز حماس والفصائل الفلسطينية بعمل عسكري يجبرها على التصعيد المسلح، لكن هذا الخيار وإن كان له وجاهته وسيكبد حماس وغزة خسائر كبيرة؛ إلا أن القيادة السياسية في الكيان الصهيوني تعلم جيدا حجم المخاطرة التي يمكن أن تتعرض لها نتيجة هذا التصعيد، خاصة مع امتلاك حماس لصواريخ ( 9M133 Kornet) المضادة للدروع والمروحيات، والتي استخدمتها في تدمير أسطورة الدبابة الميركافا الصهيونية شديدة التدريع قبل ذلك، بالإضافة إلى التخوف المطرد لدى الصهاينة من امتلاك حماس لمضادات جوية حديثة يمكن أن تحيد الطيران الصهيوني الحربي، فمازال السقوط المحتمل لطائرة F16 على يد القسام هو الرعب الذي يقض مضاجع قادة الكيان، لو حدث ذلك ستتوازن الكفة العسكرية، ويصبح العامل البشري في صالح الفلسطينين.

٢- استراتيجية الضغط السياسي المتعدد

حيث ستعمد قيادات الكيان – بالتعاون مع الأنظمة العربية الحليفة لها- على إزكاء تفاقم الأزمة الإنسانية الخانقة لأهل غزة، عن طريق غلق المعابر وتجفيف المنابع بالتزامن مع منع أبومازن الرواتب عن موظفي القطاع، ثم الضغط السياسي على حماس للتخفيف من مسيرات العودة أو تفريغها من محتواها.

لكن هذا الاستراتيجية تصطدم بصخرة اللوجستيات السياسية التي جهزتها حماس جيدا مع حلفائها بالخارج خاصة تركيا، فالأزمة الإنسانية في غزة أصبح لها صدى عالمي، أحرج حلفاء الكيان الصهيوني- خاصة بعض الأنظمة العربية العميلة- وجعلهم غير قادرين على الاستمرار الفج في دعمه.

٣- استراتيجية الهايدرا

الهايدرا هي أفعى خرافية متعددة الرؤوس تتحد في جسد واحد، وكلما قُطعت لها رأسا ينبت لها غيره.
تلك هي إحدى الاستراتيجيات التي يمكن أن يستخدمها الكيان الصهيوني في الصراع، حيث يعمد إلى فتح أكثر من جبهة للصراع في آن واحد، فيستخدم الأسرى الفلسطينيين بسجون الاحتلال كورقة ضغط، مع تنفيذ سلسلة اغتيالات موجهة ومركزة، بالإضافة إلى تفعيل عملائه في الداخل الفلسطيني كدحلان ورجاله؛ لصناعة حالة من الانقسام السياسي المجتمعي، بالتزامن مع صناعة واقع سياسي جبري؛ بنقل سفارات أخرى إلى القدس على غرار السفارة الأمريكية، ويمكن أن يتطور الأمر لطرد العرب( مسلمين ومسيحيين) من النطاق الجغرافي لمدينة القدس.

لكن هذه الاستراتيجية – وإن كان لها قوتها-؛ فقد سبق تنفيذ بعض خطواتها ولم تؤت الهدف المرجو منها، حيث أن الشارع الفلسطيني أصبح أكثر وعيا، بالإضافة إلى أن التنسيق المحترف والتضامن العالي بين الفصائل الفلسطينية المسلحة بقيادة حماس؛ سيرفع التكلفة التي سيتحملها الكيان الصهيوني من فتح أي جبهات صراع جديدة.

ومع تطور الأحداث؛ يمكن للكيان الصهيوني استخدام أي استراتيجية من الثلاث، أو خليطا منهم حسب التكلفة والعائد، لكن ذلك سيتوقف على قدرة الفصائل الفلسطينية على ضبط النفس، وعدم الانجرار للفخاخ التي يمكن أن ينصبها الصهاينة؛ لقياس ردود الأفعال تجاه كل استراتيجية قبل تنفيذها.

اللهم انصر أهلنا في فلسطين ومدهم بمددك فإنك نعم المولى ونعم النصير.

#راجعين
#مسيرةالعودةالكبرى
#مليونية_العودة

٢١/٥/٢٠١٨
الباحث مصطفى خضري
رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام ” تكامل مصر”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.