البرلمان النرويجي يناقش فرض عقوبات على إسرائيل

كتب /محمد السيد راشد
يناقش البرلمان النرويجي اليوم (الأربعاء) مقترحًا حساسًا يتعلق بإمكانية انسحاب صندوق الثروة السيادي، الأكبر في العالم، من جميع استثماراته في الشركات التي لها أنشطة داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، في خطوة يرى البعض أنها قد تُعيد تشكيل علاقة النرويج بالملف الفلسطيني.
ويُقدَّر حجم الصندوق بحوالي 1.9 تريليون دولار أمريكي، ويُدار وفق توجيهات أخلاقية يقرها البرلمان النرويجي، ويُعتبر أداة نفوذ دولية بسبب ضخامة استثماراته المنتشرة في مختلف الأسواق العالمية.
المراقبون لا يتوقعون أن يحظى المقترح بدعم كافٍ لإقرار مقاطعة شاملة. وتعارض حكومة حزب العمال، التي تحكم بصيغة أقلية، سحبًا كاملاً للاستثمارات، رغم الضغوط المتزايدة من النشطاء الداعمين للقضية الفلسطينية.
موقف الحكومة: الانسحاب المشروط
وفي جلسة المناقشة، قال وزير المالية ينس ستولتنبرج إن بلاده تعتمد نظامًا أخلاقيًا واضحًا لإدارة الصندوق، مضيفًا:
“ننسحب من الشركات التي تساهم في انتهاك إسرائيل للقانون الدولي، لكننا لا نُقاطع جميع الشركات الموجودة على الأرض”.
وتراقب لجنة مستقلة مدى التزام الصندوق بهذه المعايير الأخلاقية، وقد أوصت خلال العام الماضي بسحب الاستثمارات من شركات إسرائيلية مثل سلسلة باز لمحطات الوقود، وشركة بيزك للاتصالات.
انتقادات أممية وضغوط داخلية
النائبة إنجريد فيسكا من الحزب الاشتراكي اليساري انتقدت تردد الحكومة، قائلة:
“بدون أموال صندوق النفط النرويجي، سيكون من الصعب على السلطات الإسرائيلية هدم منازل العائلات الفلسطينية”.
وفي سياق متصل، وجهت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية رسالة رسمية إلى وزير المالية، نبهت فيها إلى “التشابك العضوي بين الشركات الإسرائيلية وآلة الاحتلال”، مؤكدة أن “الشركات الدولية المستفيدة من استثمارات الصندوق النرويجي تُشكل جزءًا من البنية التحتية الاقتصادية للاحتلال الإسرائيلي”.
لكن ستولتنبرج رد بأن الحكومة “واثقة من أن الاستثمارات الحالية لا تنتهك التزامات النرويج بموجب القانون الدولي”، مشددًا على أن عمليات سحب الاستثمارات تستند إلى تقييمات دقيقة تصدر عن هيئة الأخلاقيات التابعة للصندوق.
بين الأخلاق والمصالح: صراع مستمر
تأتي هذه النقاشات في وقت تشتد فيه المطالبات الدولية بمحاسبة إسرائيل على أفعالها في الأراضي الفلسطينية، خصوصًا مع استمرار الحرب في قطاع غزة وتدهور الأوضاع الإنسانية. وبينما تدفع بعض القوى نحو عقوبات اقتصادية على إسرائيل عبر أدوات استثمارية، لا تزال معظم الحكومات الغربية مترددة في اتخاذ خطوات حاسمة.
النقاش في النرويج، رغم أنه قد لا يُفضي إلى قرارات كبرى هذا اليوم، إلا أنه يعكس تحولًا متصاعدًا في المزاج الأوروبي تجاه ما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقد يكون له تأثيرات رمزية على دول وصناديق استثمار أخرى حول العالم.