التجارة العربية من عجز إلي عجز..!!
بقلم : عبد الغفار مصطفى
في آخر تقديرات لصندوق النقد الدولي.. يتوقع أن تشهد تجارة السلع والخدمات العربية البينية نمواً بمعدل 5.1% بما قيمته 2135 مليار دولار عام 2017 ثم يقفز هذا المعدل بنحو 2% بما قيمته 2220 مليار دولار العام القادم 2018 هذا علي صعيد السلع البينية بين منطقة تشهد غياب الاستقرار وصعود الأزمات بل يغيب عنها الحرية والإدارة الرشيدة حيث منطقة نمو وتكاثر فيروسات الفساد والبعد عن كل سبل الإصلاح بل من أزمة إلي أزمة.. وهكذا.
وفي هذا المقام أناقش قضية تجارة الخدمات في المنطقة العربية بعيداً عن تجارة السلع. إذ ان تجارة الخدمات هي قائمة علي الاقتصاد الريعي حيث لا تتصالح هذه المنطقة مع الركائز الأساسية للاقتصاد الإنتاجي وهو الاقتصاد الذي يبني النمو المستدام ويحقق الرخاء للشعوب وتزدهر حياتهم.. أما الاقتصاد الريعي فهو اقتصاد قائم علي تجارة الخدمات التي يمتد نموها من حسن الإدارة الرشيدة. وقابل للهزات والكوارث ومن ثم التدهور في أي وقت.
حصة التجارة الخدمية في الدول العربية تبلغ نحو 23% من إجمالي تجارة السلع والخدمات.. وبينما هكذا الوضع فقد شهدت تجارة الخدمات تراجعاً منذ عام 2014 عن 457.8 مليار دولار إلي 390.8 مليار دولار عام .2016
هذا التراجع يتماشي مع الاتجاه العالمي في التجارة الخدمية التي شهدت تراجعاً ايضا من 5078 مليار دولار إلي 4808 مليارات دولار من عام 2014-2016 وهنا تراجعت حصة التجارة الخدمية العربية من نحو 9% إلي 8.1% عام 14/.2016
إذا رصدنا بالتحليل هذه المعدلات صعوداً وهبوطاً نجد أن مصر غير مدرجة في هذه المعدلات عام 2016. بيد أن الإمارات تصدرت القائمة بقيمة 144.6 مليار دولار بنسبة 37% من الإجمالي. تلتها السعودية 66.2 مليار دولار. ثم جاءت قطر 44.3 مليار دولار.
من خلال هذا الترتيب وما يتسم به من تراجع. فإن الصادرات الخدمية التجارية لا تمثل سوي 16% عام 2016 حيث تراجعت هذه النسبة بين عام 2014/2016 إلي متوسط مستوي بلغ 3.6% وهكذا تراجعت حصة الصادرات الخدمية العربية من الإجمالي العالمي من نحو 3.3% إلي 3.1%. وجاءت السعودية والعراق وقطر ضمن قائمة أعلي الدول نمواً في صادراتها الخدمية بين عام 2014/2016 بنسب 8.5 و5.8 و4.4% علي التوالي. وقد حلت الإمارات في المرتبة الأولي كأكبر مصدر عربي للخدمات التجارية بقيمة 62.5 مليار دولار عام 2016 وبحصة بلغت 42.2% تلتها السعودية 15.3 مليار دولار ثم المغرب 17.7 مليار دولار وغابت مصر عن هذه الساحة ولم تدرج في قوائمها!!
ايضا شهدت واردات الخدمات التجارية العربية تراجعاً سنوياً بلغ 6.1% عام 14/2016 من 292.7 مليار دولار إلي 242.7 مليار دولار وهذا مع تراجع حصة الواردات الخدمية العالمية من 5.9% إلي 5.2%. فيما تصدرت الكويت والبحرين قائمة أعلي الدول نمواً في وارداتها الخدمية بنسب 4.4% و2.5% علي التوالي 14/2016. بينما جاءت الإمارات في المرتبة الأولي كأكبر مستورد عربي للخدمات بقيمة 82 مليار دولار بحصة بلغت 33.8% من الإجمالي العربي تلتها السعودية 21% ثم قطر 12.3%.
أما علي صعيد الميزان التجاري فنجد أن المنطقة العربية في مجموعها مستورد دائم للخدمات من العالم بوجود عجز تجاري نجم عن زيادة قيمة الواردات عن الصادرات بقيمة 94.6 مليار دولار عام 2016 بعدما كان 127.5 مليار دولار عام .2014
وبالدخول في تفاصيل الميزان التجاري الخدمي نجد أن 5 دول فقط حققت فائضاً من تجارتها الخدمية الخارجية وهي المغرب والأردن والبحرين وتونس والسودان بقيم تراوحت بين 7.3 مليار دولار في المغرب 1.0 مليار دولار في السودان. بينما حققت 8 دول عجزاً هي موريتانيا ومصر والعراق والجزائر وقطر والإمارات والكويت والسعودية بدرجات متفاوتة.
وعلي مستوي خدمات النقل تصدر الدول العربية بـ 37.2 مليار دولار فيما تستحوذ علي حصة 36% من الصادرات الخدمية العربية وحصة تبلغ 4.2% من إجمالي الصادرات الخدمية العالمية وقيمتها 876 مليار دولار لعام 2015 وتصدر خدمات سفر بقيمة 50.1 مليار دولار وتتصدر الإمارات ومصر ثم قطر المراكز الثلاثة الأولي بقيمة 10.3 و9.7 و7.4 مليارات دولار علي التوالي. فيما تستورد المنطقة العربية خدمات نقل بقيمة 94.7 مليار دولار بنسبة 38.4% و8.7% بقيمة 1090 مليار دولار من الخدمات العالمية لعام .2015
وبالرصد النهائي نجد أن الدول العربية قد حققت عجزاً في تجارة الخدمات بقيمة تبلغ 103 مليارات دولار. وفي خدمات النقل بلغ عجزها 57.6 مليار دولار. بينما في خدمات السفر فعجزها بلغ 13.2 مليار دولار.. وهكذا علي كافة الأصعدة نلاحظ التراجع الشديد في صعيد الاقتصاد الريعي حيث تغيب كما أسلفت الإدارة الرشيدة والرؤية العلمية الصحيحة.
