أراء وقراءاتسوريا

التحديات السياسية في سوريا: رؤية واقعية

 

التمهيد: قيادة دولة في وضع استثنائي.

 

طبيعي، عندما تكون رئيسًا لدولة مثل سوريا، ومُحاطًا بمنظومة دولية عتيقة، وحولك دول إقليمية مؤثرة، وفي الداخل تحديات عظيمة، أن تكون خطواتك محسوبة بعناية. ونظرًا لأنها تجربة جديدة، فطبيعي أيضًا أن يكون فيها بعض الإخفاقات، لأن قيادة دولة كهذه بعد صراع طويل ليس أمرًا سهلًا.

 

التحديات الداخلية المعقدة.

 

هناك تحدّيات كبيرة، مثل وضع الأكراد الذين يطالبون بسلطة غير مركزية، وأن ينص الدستور القادم على أن سوريا جمهورية دون نسبتها إلى العربية، أي (الجمهورية السورية) بدلًا من (الجمهورية العربية السورية).

 

هناك أيضًا الطائفة العلوية والدرزية وغيرهما ممن لهم مطالب فئوية وخاصة.

 

هناك علاقات داخلية وخارجية مع كل الأعداء قبل كل الأصدقاء.

 

هناك مقابلات ومفاوضات مع سائر الطوائف والمراكز والاتجاهات المتنوعة، بكل أطيافها المختلفة، منها العلماني، والnسوى، والاشتراكي، والشيعي، والدرزي، والمسيحي، وغيرهم.

 

هناك توازن بين هؤلاء جميعًا، مما قد يجعل إعطاء مساحات متوازنة لكل هذه الاتجاهات، سواء مساحات نقابية أو حزبية أو في الدستور، أو عن طريق مؤسسات المجتمع المدني أو الجمعيات وغيرها، شيئًا ضروريًا.

 

الانتقادات السطحية من بعض الفئات.

 

وحينها سنجد كثيرًا من الدعاة، الذين لا يدركون خطورة الموقف، ومعهم الشباب المتحمس، يهاجمون السلطة الجديدة في سوريا، ويتهمونها بالتخاذل والتراجع والتنازل بحجة مغريات السلطة!!

 

بل وبعضهم قد يتوقف عند التصوير مع المتبرجات، وثناء بعض الحكام والحكومات على القيادة الجديدة، مما يُحسب عند هذه العقلية أنه “لن يثني عليك العدو إلا إذا كنت عميلاً أو متخاذلًا”!!

 

بل ويعتبرون أن مقابلة أعداء الأمس واليوم، والبشاشة في وجوههم، سقطة ما بعدها سقطة!

 

الفرق بين إدارة الدولة وإدارة التنظيمات.

 

الدولة شيء مختلف، والمساحات المعقدة لا تناسبها عقليات محدودة تعوّدت على النطاقات الضيقة والاختيارات الشخصية.

 

السياسة فنّ الممكن، وليست مجالًا للأحلام المثالية أو القرارات المتسرعة.

 

الحكم يتطلب تقديم تنازلات تكتيكية أحيانًا لتحقيق أهداف استراتيجية كبرى.

 

ليس كل لقاء مع الخصوم ضعفًا، وليس كل مرونة خيانةً، بل قد يكون ذلك جزءًا من إدارة الأزمات.

 

اختبار التيارات الإسلامية في الحكم.

 

ما يحدث اليوم في سوريا قد يكون اختبارًا للنضج السياسي لدى التيارات الإسلامية، فهل تستطيع تقديم نموذج حكم عقلاني وواقعي، أم ستظل أسيرة الشعارات والصدامات الأيديولوجية؟!

 

الخطر ليس فقط في مواجهة الأعداء، بل في الفشل في إدارة الفرصة التاريخية، وعدم إدراك الفارق بين حكم الأمس وحكم اليوم!

 

التفكير بعقلانية لا يعني التنازل

 

كلامي ليس معناه التنازلات المطلقة أو المواجهات الحادة، وإنما النظر للوضع هناك بعقلانية، لأن الفرص تتحول إلى مآسٍ حينما يُساء استغلالها. ومطلوب عدم السماح لعقلية الأبيض والأسود بالدخول إلى هذا المعترك من الأساس، فحكم الدول يختلف تمامًا عن غيره.

 

نصيحة لأصحاب الرأي

 

نصيحتي لكل من هو بعيد عن هذا المعترك، ألا يكون مائعًا أو عنيفًا بالهوى، فالطريق صعب، ويحتاج إلى أهل العلم بالشرع والواقع، ومعهم أمناء من المتخصصين في كل المجالات، فالدول تنمو بالأخذ بالأسباب، وليس بمجرد صلاح الحكومات أو النوايا الصادقة للشعوب.

 

وختامًا، نسأل الله العظيم التوفيق والسداد والهداية لكل من وُلِّي من أمر المسلمين شيئًا.

مختارة من صفحة محمد سعد الأزهري على فيس بوك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.