Site icon وضوح الاخبارى

التعليم الفني وتعزيز قدرات الاقتصاد المصري

التعليم الفني وتعزيز قدرات الاقتصاد المصري 3

بقلم / الدكتور محمد الشاعر

يكتسب التعليم الفني أهمية خاصة باعتباره أحد السبل الرئيسية لتحقيق خطط وبرامج التنمية الشاملة، ويعد التعليم الفني القاعدة التي يمكن أن تستند عليها خطط التنمية الشاملة للوصول إلى بناء مجتمع إنتاجي متطور، كما أنه المحرك الأساسي لعجلة التنمية الاقتصادية وأحد أهم وسائل الاستقرار والسلم الاجتماعي، إذ إنه يلعب دوراً بارزاً في مكافحة الفقر والبطالة، وتحسين مستوى الدخل.

كثير من الدول المتقدمة أولت التعليم الفني والتقني جل اهتمامها، مثل ألمانيا، إذ أصبح أحد الأسباب الرئيسة التي قادت إلى نهوضها من أنقاض الحرب العالمية الثانية، وأصبح التعليم والتدريب المهني جزءاً أساساً مكملاً للحياة، بل وينظر إليه باعتباره وسيلة رئيسة لتحسين المجتمع ورفع مستواه. إن هناك العديد من طلاب المدارس العليا في ألمانيا التي توازي الثانوية في معظم بلدان العالم يتركون المدرسة عند هذا المستوى التعليمي، وفي سن التاسعة عشرة، ليلتحقوا بمؤسسات التعليم المهني أو الاتجاه نحو تعلم بعض المهن على نظام الدراسة المزدوج. في هذه المدارس المهنية التي تعرف (بمدارس التعليم للعمل) يتم تقديم برامج أولية للإعداد المهني.

يواجه التعليم الفني في مصر مجموعة من التحديات منها علي سبيل المثال عدم ربط المناهج الدراسية بالتقنيات التكنولوجية الحديثة وباحتياجات السوق المحلي، وقيام بعض المعلمين بتدريس تخصصات غير تخصصاتهم، واتباع النظام التقليدي القديم في التدريس دون تطوير الأساليب التدريسية  لعدم توافر الأدوات والوسائل التعليمية للمعلمين. فهناك أيضاً عجز في تأهيل المعلمين المؤهلين، وضعف عام في برامج التنمية المهنية الفعالة، بالإضافة إلى ضعف مرتبات المعلمين.

ومن ناحية أخرى، نجد سوء حالة بعض المباني وتهالكها وانخفاض مستوي طلاب التعليم الفني، فهناك ضعف في مستوى التحصيل؛ حيث لا يجيد كثير منهم القراءة والكتابة بالقدر الكافي، واتساع الفجوة بين الدراسة النظرية والتطبيق الميداني، وقلة فرص الاستثمار المقدمة من قبَل رجال الأعمال، وعدم وضوح الرؤية لأعداد الطلاب المراد التحاقهم بالمدارس الفنية.

التعليم الفني وتعزيز قدرات الاقتصاد المصري 1

وجهت الحكومة المصرية اهتمام خاص لتطوير منظومة التعليم الفني واتخاذ خطوات جادة لتحديث تخصصاته والارتقاء بمستوى جودته، وتطويع مخرجاته لتتوافق مع متطلبات سوق العمل، انطلاقاً من إدراك الحكومة المصرية لأهمية التعليم الفني ودوره في تلبية احتياجات سوق العمل.

حيث  تم إنشاء عدد من الجامعات والكليات التكنولوجية والفنية والتطبيقية، والتعاون في وضع خطة متكاملة للتعليم الفني والمهني في مصر، ووضع جهة لاعتماد التعليم الفني والهيئة المصرية لضمان الجودة والاعتماد، وتحويل جميع البرامج الدراسية وفقا للجدارات المهنية، ووصع منصة المهارات القطاعية وتحديد التخصصات.

تم التعاون مع اتحاد الصناعات والشركاء الدوليين لتأسيس مجلس خاص بالمهارات القطاعية، وزيادة الملتحقين بالتعليم الفني من ٤٥% إلى ٦٥% بحلول ٤ سنوات قادمة، فضلا عن تغيير الصورة الذهنية لدى المجتمع وعن خريجي التعليم الفني، وإنشاء برامج وكليات معتمدة مرتبطة بالمصنع والورشة والجهد لربط صاحب العمل.

وزيادة عدد مدارس التعليم الفني في مناطق مختلفة، وإنشاء ٦ جامعات تكنولوجية، كما أن هناك خطة للتوسع سنويا بالشراكة مع القطاع الخاص، إضافة إلى أنه تم إنشاء وحدة سياسات سوق العمل لتزويد المهارات المطلوبة لتقليل الفجوة الموجودة ووجود وحدة بكل بيانات سوق العمل والتخصصات لتتواكب مع التكنولوجيا.

ومن جانبها، أشادت وكالة فيتش عام 2022، بتقديم مصر استراتيجية وطنية لإصلاح وتطوير التعليم الفني، من خلال تطوير المناهج والبرامج التدريبية والأكاديمية، وتدريب المعلمين إلى جانب تطوير مهارات المتعلمين من خلال تطوير ورش العمل والتدريب المهني.

ولتحقيق ذلك، نحن بحاجة إلى مزيد من الاستثمار في التعليم الفني  من خلال تطوير  البنى التحتية وتطوير وتأهيل الكوادر البشرية من المعلمين والاداريين وعلينا أيضا أن نستعين بأساليب مرنة لتقديم الخدمات التعليمية وبتكنولوجيات رقمية ومناهج دراسية حديثة والاستفادة من الخبرات الدولية الناجحة في مجال التعليم الفني، مع العمل في الوقت نفسه على ضمان الدعم المستمر للمعلمين و  تحسين النظرة المجتمعية للتعليم الفني والمهني بالمشاركة الفعالة مع المجتمع ومساواته بالتعليم الجامعي.٨

التعليم الفني وتعزيز قدرات الاقتصاد المصري 2

الدكتور / محمد الشاعر
دكتوراة الاقتصاد والمالية العامة
عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والاحصاء والتشريع

Exit mobile version