كتبت : د.هيام الإبس
بدأ الجيش السودانى اليوم الخميس عملية عسكرية كبيرة ..وأكدت مصادر ميدانية، أن قوات الجيش، يتقدمون بثبات فى جميع المحاور المختلفة بالخرطوم، مشيرةً أن القوات انفتحت على جميع أهداف المليشيا.
ويحرز الجيش السودانى تقدماً يعتمد على
تكتيك “عنصر المباغتة” فى منطقة المقرن وسط الخرطوم، باللجوء إلى العمليات النوعية بانتقال الجنود على الأرض بخفة شديدة بدلاً من شن المعارك العنيفة طوال الوقت، هذه العمليات ربما تساعد على الوصول إلى قلب المدينة والسيطرة على مقار القصر الجمهورى، والمؤسسات السيادية، ومجلس الوزراء.
ويعتقد مراقبون عسكريون أن العمليات النوعية الغرض منها إضعاف الخصم، ولاحقاً يتعرض لضربة ساحقة سرعان ما تفقده تماسكه ويضطر إلى الانسحاب مع خسائر فادحة.
الأولى من نوعها منذ اندلاع الحرب
لم يجرب الجيش هذه الخطط منذ بداية القتال منتصف أبريل 2023، مع اعتماد الطرف الثانى على عنصر السرعة، والتمويه، والمفاجأة. فقد فعلت قوات الدعم السريع هذا التكتيك فى مناسبات عديدة، أبرزها فى سنجة وجبل موية بولاية سنار.
بالمقابل، هذا العام اختلف وضع الجيش على الميدان، إذ يتوسع قليلاً مع الاستماتة فى الحفاظ على المكاسب الميدانية.
فمنذ 26 سبتمبر 2024، أطلق الجيش عملية عسكرية استحوذ فيها على جسرين رئيسيين بين الخرطوم بحرى وأم درمان، وبين الأخيرة ووسط العاصمة، حيث قلب السوق العربى، المركز التجارى الأبرز فى البلاد، والذى تحول إلى ركام ومتاجر منهوبة بعد عام ونصف من سيطرة قوات الدعم السريع.
ففى الخرطوم، يتواجد الجيش فى منطقة المقرن واضعاً جسر الفتيحاب إلى أم درمان خلف ظهره، وفى هذه المدينة أيضاً يتحصن الجيش بمقر وزارة الدفاع والقيادة العامة شمالاّ، وجنوباً يتوسع جيش المدرعات ويثبت قدميه فى منطقة اللاماب، وهذا يعنى فك حصار قوات دقلو الذى استمر لأكثر من عام.
إذا سيطر الجيش السودانى على السوق العربى ومنطقة وسط الخرطوم، فهذا يعنى فعلياً السيطرة على مركز القرار السياسى للدولة، ما يعنى تكبد قوات الدعم السريع، علاوة على الخسائر الميدانية والعسكرية، خسارة سياسية فى الوقت ذاته.
لذلك، تستميت قوات الدعم السريع فى البقاء وسط العاصمة بحشد المقاتلين من الجبهات الأخرى ونقلهم لوقف توسع الجيش.
ومع ذلك، فإن ضمانات الحصول على الإمداد لهذه القوات غير كبيرة، مع رغبة الجيش فى إغلاق المنافذ البرية التيف تصلها إلى قلب الخرطوم.
فقد اعتمدت قوات الدعم السريع فى “معاركها الكبرى” على نقل الجنود من منطقة إلى أخرى، إذ حققت انتصارات على بعض حاميات الجيش بكثافة النيران.
ومهما بلغت خسائرها من الجنود، فإن أولوية السيطرة على الحامية العسكرية التابعة للقوات المسلحة “مقدمة على كل شيء” بالنسبة لقائد الدعم السريع لتحقيق المكسب التفاوضى والسياسى.
فالعمليات الجارية فى الخرطوم ربما توضح رغبة الجيش فى وضع قوات الدعم السريع بين خيارين: إما التراجع جنوباً إلى ما وراء جبل أولياء، أو البقاء وانتظار معارك ساخنة، فرص حسمها لصالحها تبدو ضئيلة قياساً بالمعطيات على الأرض.
تُنسب لقائد الجيش السودانى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان عبارة أطلقها بالعامية السودانية رداً على سؤال حول موعد حسم الحرب عسكرياً: “نحفر بالإبرة”، فى إشارة إلى أن العمل العسكرى غير متعجل مع الوضع فى الاعتبار تفوق الجيش فى نهاية المطاف، على حد تعبيره.
كما تعكس إجابة عبد الفتاح البرهان، الأعمال الحربية التيف تنفذها القوات المسلحة فى جبهات القتال، وقد تكون الأسباب مرتبطة أيضاً بالتسليح، والاستعدادات، والمساعدات الخارجية الناتجة عن التحولات الإقليمية.
وقد حدث هذا الأمر مع الجيش أكثر من مرة فى حرب منتصف أبريل 2023.