
كتبت : د.هيام الإبس
الجيش السودانى يستعيد مدينة أم روابة
تخوض الفاشر معارك مستمرة بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع، وسط دعوات لفك الحصار عن المدينة، ويحشد الطرفان قواتهما، بينما تتحرك تعزيزات عسكرية نحو دارفور، وتتباين المواقف بين دعم الجيش وانتقاده، وسط اتهامات للقوات المشتركة بالمحاباة، ويبقى مصير الفاشر معلقاً بين استمرار القتال أو حلول سياسية غير مضمونة..
فك الحصار عن الفاشر” وسم انتشر على مواقع التواصل الاجتماعى، يوجه مناشدة إلى قيادة الجيش السودانى لإنقاذ المدينة التى خاضت حتى الآن 180 معركة ضد قوات الدعم السريع.
المعارك المتواصلة أسفرت عن سقوط المئات من المدنيين والعسكريين، وسط تساؤلات حول مدى قدرة المدينة على الصمود، فى ظل انتظار تدخل حاسم من الجيش لتحويل المعركة من الدفاع إلى الهجوم، فيما يستمر الدعم السريع فى حشد قواته للسيطرة على المدينة التى استعصت عليه لمدة عام كامل.
سباق عسكرى نحو الفاشر
للتوجه نحو الفاشر فى أكبر عملية تعبئة عسكرية لدخول المدينة.
فى المقابل، أكدت مصادر، أن زحف القوات المشتركة سيبدأ قريباً من الخرطوم والجزيرة نحو الفاشر لفك الحصار، ومن ثم التقدم نحو بقية ولايات دارفور.
وبحسب المصادر ذاتها ، فإن القائد العام للقوات المسلحة، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، منح الضوء الأخضر للقوات المشتركة للتحرك غرباً، حيث بدأت هذه القوات بالانسحاب من وسط البلاد والتوجه إلى الفاشر، تمهيداً لبدء عمليات تحرير نيالا والجنينة.
وأضافت المصادر أن أولى التحركات العسكرية انطلقت الأربعاء، نهاية يناير، من ولاية نهر النيل باتجاه فاشر السلطان.
تحركات واستعدادات عسكرية
رئيس حزب التحرير والعدالة، بحر إدريس أبو قردة، أكد أن الدعم السريع يعتمد على “الخطة ب”، التى تستهدف السيطرة على الفاشر، داعياً القائد العام للجيش إلى تحريك ثلاث وحدات عسكرية فوراً لمنع سقوط المدينة.
وقال أبو قردة: “يجب أن تتحرك القيادة العامة اليوم قبل الغد، مع تشكيل غرفة عمليات خاصة بالفاشر يقودها البرهان بنفسه خلال الساعات المقبلة، لقطع الطريق أمام المخطط الكبير الذى يستهدف المدينة”.
وأضاف: “وصلتنا معلومات خطيرة عن تحركات ومؤامرات تحاك ضد الفاشر، ولا نريد أن تضيع الانتصارات التى تحققت، خاصة بعد أن أصبح النصر الكامل قريباً”.
مواقف متباينة حول مستقبل الفاشر
من جهته، أكد القيادى بحركة العدل والمساواة، الشفيع محمد أحمد، ثقته فى الجيش السودانى ودعمه الكامل للقوات المشتركة والفرقة السادسة بالفاشر.
وقال: “الترويج لفكرة تخلى الجيش عن المشتركة لإضعافها مجرد دعاية لأنصار الدعم السريع، الذين فشلوا فى اختراق دفاعات المدينة، حيث تكبدوا خسائر كبيرة أمام القوات المشتركة والمستنفرين والجيش”.
وتابع الشفيع: “لقد خرجنا من موقف الحياد بإرادتنا بعد الانتهاكات المتكررة التى مارستها المليشيات ضد المدنيين. كنا نعلم أن المعركة صعبة، لكن الوقوف مع الحق مسألة أخلاقية ودينية. سيطرة الدعم السريع على الفاشر تعنى قيام حكومة متسلطة وعنصرية، ونحن لن نسمح بذلك”.وفقاً لـ”منصة التغيير”
جدل حول دور القوات المشتركة
الكاتب والمحلل السياسى، جمعة عيسى، اتهم القوات المشتركة بأنها “قبضت الثمن” من الجيش للقتال ضد الدعم السريع، مشيراً إلى أن موقفها الحيادى السابق كان مجرد انتظار لمعرفة من سيدفع لها أكثر، حسب قوله.
وقال عيسى: “الدعم السريع رفض دفع الأموال للمشتركة، لأن المعركة بالنسبة له معركة استعادة الديمقراطية والتخلص من الكيزان” الإسلاميين”، فاختارت المشتركة التحالف مع الجيش بعد أن قبضت الثمن.
لكن الجيش قد يتخلى عنها قريباً، وحينها لن يكون لها وجود عسكرى على الأرض بسبب طاحونة المعارك التى ستلتهمها”.
وأضاف: “هؤلاء مجرد طلاب سلطة، ليس لديهم مبادئ. قاتلوا الإسلاميين سابقاً تحت شعار الحرية والعدالة، لكنهم الآن يتحالفون معهم من أجل المناصب، حتى لو انتصر الجيش، فلن يكون لهم سوى الفتات”. حسب تعبيره.
مواقف متضاربة حول الإمداد العسكرى
العميد (م) محمد يوسف سخر من الحديث عن عدم تقديم الجيش إمدادات للقوات المشتركة وتركها تواجه الدعم السريع بمفردها.
وقال: “معظم جنود وضباط الجيش الذين انسحبوا من نيالا والضعين وزالنجى والجنينة انضموا إلى الفرقة السادسة بالفاشر وخاضوا معها أكثر من 180 معركة، استشهد البعض، وأصيب آخرون، لكنهم لا يزالون صامدين”.
وأضاف: “الإمدادات العسكرية لم تتوقف، وهناك إسقاط جوى وغارات لسلاح الطيران، كما أن القيادة العسكرية ستنفذ عمليات التطهير بالفاشر، تماماً كما حدث فى العاصمة الخرطوم، العملية بدأت بالفعل من أم روابة، وسيتم فك الحصار قريباً”.
وحول مستقبل القوات العسكرية فى دارفور، أكد يوسف أن فكرة “القوات الموازية” لن تتكرر بعد القضاء على الدعم السريع، مشيراً إلى أن قيادات الحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش تدرك أهمية وجود جيش واحد فى البلاد.
مقترحات لحل النزاع فى الفاشر
الكاتب جمعة عيسى حمل القوات المشتركة مسؤولية الوضع الحالى فى الفاشر، مؤكداً أن المعارك قد تستمر لسنوات.
وقال: “هناك حل كان يمكن تطبيقه، وهو مقترح الجبهة الثورية بسحب الجيش والمشتركة من الفاشر وتسليمها لقوى محايدة. الجيش وافق، لكن المشتركة رفضت بحجة أن خروج الجيش سيفتح الباب أمام انفصال دارفور”.
وتابع: “الواقع على الأرض يؤكد أن دارفور لا تزال جزءاً من السودان، رغم انسحاب الجيش من أربع ولايات، هذه الحرب قد تطول، لكن حسمها لن يكون سهلاً لأى طرف”.
وعلى الصعيد الميدانى ، أعلن الجيش السودانى، أنه استعاد السيطرة على مدينة رئيسية فى ولاية شمال كردفان من قوات الدعم السريع التى كانت تسيطر عليها منذ مايو 2023.
وقال الجيش فى بيان: “طهَّرت قواتنا المسلحة مدينة أم روابة من ميليشيا آل دقلو الإرهابية وكبدتهم خسائر فادحة”.
تقع أم روابة على طريق سريع استراتيجى يربط شمال كردفان بوسط السودان، وهى ثانى أكبر مدن الولاية، وتبعد نحو 480 كيلومتراً جنوب غرب العاصمة الخرطوم.
وتأتى استعادة السيطرة على أم روابة فى وقت أعلن الجيش أيضاً إحراز تقدم فى قطاع الخرطوم الشمالى (بحرى).
وقال مصدر عسكرى، “أكمل الجيش السيطرة على وسط وجنوب بحرى حتى جسر المك نمر الرابط ما بين بحرى ووسط الخرطوم”.وفقاً لـ”وكالة الصحافة الفرنسية”
الأسبوع الماضى زار قائد الجيش السودانى عبد الفتاح البرهان مقر القيادة العامة فى العاصمة الخرطوم، بعد يومين من استعادة جيشه المبنى الذى كانت تحاصره قوات الدعم السريع منذ اندلاع الحرب فى أبريل 2023.
وتعد استعادة الجيش لمبنى القيادة العامة أكبر انتصار له فى العاصمة منذ استعادة أم درمان، المدينة الواقعة على الضفة الغربية للنيل، قبل نحو عام.
وأضاف الجيش أن قواته تمكّنت من طرد (قوات الدعم السريع) من مصفاة الخرطوم للبترول بالجيلى.
ويشهد السودان منذ أبريل 2023 نزاعاً دامياً بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوَّات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو الملقب “حميدتى”.
ويواجه طرفا النزاع اتهامات بارتكاب جرائم حرب، لا سيما استهداف المدنيين وشنّ قصف عشوائى على منازل وأسواق ومستشفيات، وعرقلة دخول المساعدات الإنسانية وتوزيعها.
وأدَّى النزاع فى السودان إلى كارثة إنسانية مع مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 12 مليون شخص بينما الملايين على حافة المجاعة.
