السودانشئون عربية

الجيش السودانى يشن هجوماً عنيفاً على مواقع “الدعم السريع” فى شمال كردفان

كتبت/د.هيام الإبس

خلفت العمليات العسكرية المتواصلة في إقليم كردفان موجة نزوح جديدة من المناطق التي تسيطر عليها “الدعم السريع” مثل كازقيل والحمادي والنهود والدبيبات نحو مدينة الأبيض ومدن أخرى بجنوب كردفان، ويواجه هؤلاء النازحون أوضاعاً إنسانية بالغة التعقيد في ظل استمرار القتال لأكثر من عامين، مما أدى إلى تفاقم نقص الغذاء والدواء وغياب الخدمات الأساسية.

وبدأ الجيش السوداني تصعيداً قتالياً جديداً ومباغتاً في محور كردفان، إذ شن طيرانه الحربي أمس السبت هجوماً مكثفاً على مواقع قوات “الدعم السريع” في مناطق بارا وكازقيل وأم صميمة بولاية شمال كردفان في خطوة عسكرية وصفت بالأعنف منذ أسابيع.

وبحسب مصادر عسكرية فإن الهجوم الجوي استهدف مركبات قتالية ومواقع تتخذها الأخيرة مخازن سلاح، إذ تم تدمير عدد من المركبات بكامل أطقمها وتسليحها، فضلاً عن مقتل ما لا يقل عن 20 فرداً يتبعون “الدعم السريع”.

عمليات عسكرية واسعة

وتوقعت المصادر احتدام المعارك في كردفان بعد تلقي قوات الجيش المرابطة في محاور الإقليم المختلفة توجيهات ورسائل حاسمة من قيادته العليا بإطلاق عمليات عسكرية واسعة في ظل التعزيزات العسكرية الضخمة، بخاصة في مجال التسليح والمقاتلين، إذ دفع الجيش خلال الفترة الماضية بتشكيلات مقاتلة متعددة إلى مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان بهدف التقدم نحو مدن كردفان الواقعة تحت سيطرة “الدعم السريع” وتحريرها من قبضة الأخيرة، والانطلاق منها صوب شمال دارفور لفك الحصار الخانق على مدينة الفاشر المستمر منذ مايو 2024، والذي خلف أوضاعاً إنسانية في غاية السوء.

يأتي هذا التصعيد متزامناً مع زيارة نائب القائد العام للجيش شمس الدين كباشي إلى إقليم كردفان، حيث تفقد المواقع المتقدمة للجيش والقوات المساندة له من الحركات المسلحة، مؤكداً عدم توقف العمليات العسكرية إلا بالنصر واستسلام “الدعم السريع”، أو دحرها خارج حدود البلاد.

وكثف الجيش خلال الأسابيع الأخيرة ضرباته الجوية على مناطق شمال وجنوب وغرب مدينة الأبيض، إذ تتمركز قوات “الدعم السريع” منذ أشهر، بهدف تشتيت وإضعاف خطوطها تمهيداً لتقدم القوات البرية التابعة للجيش نحو مناطق جديدة تحت سيطرتها.

في حين خلفت العمليات العسكرية المتواصلة في إقليم كردفان موجة نزوح جديدة من المناطق التي تسيطر عليها “الدعم السريع” مثل كازقيل والحمادي والنهود والدبيبات نحو مدينة الأبيض ومدن أخرى بجنوب كردفان، ويواجه هؤلاء النازحون أوضاعاً إنسانية بالغة التعقيد في ظل استمرار القتال لأكثر من عامين، مما أدى إلى تفاقم نقص الغذاء والدواء وغياب الخدمات الأساسية.

وكان الجيش تمكن في فبراير  الماضي من فك الحصار عن الأبيض عبر عملية عسكرية كبيرة انطلقت من مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض تحت اسم متحرك الصياد.

مواجهات في الفاشر 

وفي محور دارفور تواصلت المواجهات بين الجيش وقوات “الدعم السريع” في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، إذ تبادل الطرفان القصف المدفعي باتجاه المواقع الاستراتيجية، فبادر الجيش بقصف مواقع “الدعم السريع” جنوب المدينة، وردت الأخيرة بقصف مماثل تركز على نواحي الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش، فضلاً عن الأحياء السكنية الواقعة شمال المدينة بصورة عشوائية.

ووفقاً لمصادر عسكرية، فإن مسيًرات الجيش كثفت ضرباتها على مواقع “الدعم السريع” في أطراف الفاشر، لا سيما في المحور الجنوبي الذي شهد توغلات سابقة للأخيرة، وأشارت إلى تمكن الجيش من استعادة مواقع استراتيجية كانت قد سقطت تحت سيطرة “الدعم السريع”، مما يعزز من احتمالات استمرار العمليات بالوتيرة ذاتها خلال الفترة المقبلة.

وعلى منصة “فيسبوك” قال حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي إن أكثر من 900 ألف مدني يعيشون بالفاشر بينهم نازحون بمعسكرات زمزم وأبوجا وأبشوك ظلوا صامدين لمدة عامين بلا دعم أو غذاء، وأشار إلى أنه لا مجال للتراجع، وعلى الجيش والقوات المشتركة التابعة للحركات المسلحة والمقاومة الشعبية العمل على فك الحصار الجائر عن الفاشر.

وعلى الصعيد الإنسانى تتفاقم معاناة المدنيين المحاصرين داخل الفاشر وسط انعدام شبه كامل لوصول المساعدات والمواد الغذائية، إذ باتت جميع المنافذ المؤدية إلى المدينة مغلقة، مما أدى إلى ارتفاع جنوني في الأسعار ونفاد معظم السلع الأساسية، في ظل غياب أي حلول إنسانية عاجلة.

وتقول مصادر حكومية مسؤولة إن أكثر من 80 في المئة من مستشفيات الفاشر أخرجت عن الخدمة بسبب القصف المدفعي والقتال بالمدينة.

إغلاق مداخل الخرطوم

اتخذت السلطات المتخصصة في العاصمة الخرطوم قراراً بإغلاق جميع مداخل المدينة وتفعيل نقاط تفتيش على الطرق المؤدية إليها على أن يكون الدخول مسموحاً فقط لمن يبرز الهوية الوطنية ويهدف هذا الإجراء إلى تعزيز الأمن وضبط الحركة داخل العاصمة.

وأعلنت لجنة سيادية عن تدابير مشددة لحفظ الأمن وبسط هيبة الدولة في العاصمة من أهمها عدم التعامل مع الأجانب الذين لا يحملون وثائق إقامة رسمية.

وكان قائد الجيش عبدالفتاح البرهان شكل لجنة لتهيئة البيئة لعودة المواطنين إلى ولاية الخرطوم، والتي خلصت إلى قرارات عدة من أبرزها منع حمل السلاح وارتداء الزي العسكري في الأحياء والأماكن العامة في الخرطوم، ومنع استخدام الدراجات البخارية والسيارات غير المقننة داخل الولاية، نظراً إلى أن غالب دعاوى السطو المقيدة في مراكز الشرطة تستخدم فيها هذه الوسائل.

وتزايدت شكاوى النهب المسلح وجرائم القتل في الخرطوم، بينما تعمل السلطات جاهدة على إعادة خدمات المياه والكهرباء والصحة والتعليم، وإعادة إعمار البنية التحتية التي تعرضت لدمار واسع خلال سيطرة “الدعم السريع” على الولاية.

وعملت السلطات في ولاية الخرطوم على إبعاد الأجانب، بخاصة اللاجئين، إلى معسكرات على الحدود، بعد تورط عدد منهم، لا سيما الآتين من جنوب السودان، في القتال إلى جانب “الدعم السريع” ضد الجيش.

وقادت سلطات ولاية الخرطوم حملة لإزالة المناطق العشوائية الجديدة، مشددةً على أنها لن تتراجع عن قرار منع السكن العشوائي من أجل محاربة الظواهر المهددة للأمن ومنع انتشار الممنوعات.

ونشطت ولاية الخرطوم في إزالة المساكن والمحال العشوائية في الأحياء السكنية والأسواق والمستشفيات.

اتهام جديد للإمارات

من جهته، قدم مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة الحارث إدريس وثائق جديدة إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي تشير إلى تورط الإمارات في تجنيد مرتزقة أجانب لمصلحة قوات “الدعم السريع”.

وأوضح إدريس في رسالته إلى رئيس مجلس الأمن كيم سانجين والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش أنه “يحيل أدلة مقلقة وموثقة جيداً في شأن التدخل المباشر للإمارات، بما في ذلك تجنيد وتمويل ونشر مرتزقة أجانب للقتال مع (الدعم السريع) بناءً على تعليمات الحكومة السودانية”.

وأشار إلى أن هذا التدخل الذي أطال أمد الحرب ودمر البنى التحتية الحيوية وتسبب في معاناة لا توصف للمدنيين يعد انتهاكاً جسيماً لسيادة السودان والقانون الدولي الإنساني، فضلاً عن كونه يمثل تهديداً مباشراً للسلم والأمن الإقليميين.

وأوضح إدريس أن سلطات بلاده جمعت أدلة تظهر أن شركات أمنية خاصة مقرها الإمارات جنَّدت ما بين 350 و380 مرتزقاً معظمهم من الجنود والضباط المتقاعدين في الجيش الكولومبي، إذ تم التعاقد معهم بصورة خادعة تحت ذريعة تقديم خدمات وأمن وحماية، لكن في الواقع نُقلوا إلى السودان للقتال.

ونوه بأن المرتزقة نقلوا جواً من الإمارات إلى مدينة بوصاصو في إقليم بونتلاند بالصومال، وصولاً إلى بنغازي في ليبيا تحت إشراف أشخاص تابعين للجنرال المتقاعد خليفة حفتر، قبل نقلهم عبر الصحراء، مروراً بتشاد إلى داخل السودان.

وأوضح مندوب السودان الدائم، أن أول دفعة من المرتزقة الكولومبيين والبالغ عددهم 172 وصلت إلى الفاشر في نوفمبر 2024، تلتها دفعات أخرى لاحقاً، إذ شاركوا في الحصار العسكرى الحالى والهجمات على المدينة.

ولم يفصل مجلس الأمن في شكوى السودان التي رفعها ضد الإمارات في الـ29 من مارس 2024، وطالب فيها باتخاذ إجراءات تجبر أبوظبي على وقف دعم ورعاية وإسناد “الدعم السريع”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى