السودان

الجيش السودانى يكسر حصار الفاشر .. إسقاط جوى يحمل ذخائر وأدوية للمحاصرين

كتبت : د.هيام الإبس

 

نفذ الجيش السودانى عملية إسقاط جوى فى الفاشر بشمال دارفور لتوفير مواد غذائية وطبية وذخائر، بعد حصار دام أكثر من عام فرضته قوات الدعم السريع، مما أدى لتدهور الأوضاع الإنسانية ونزوح السكان.

أعلنت مصادر رسمية وعسكرية سودانية اليوم عن نجاح الجيش السودانى فى تنفيذ عملية إسقاط جوى مهمة داخل مقر قيادة الفرقة السادسة مشاة فى مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور. وتأتى هذه العملية بعد أكثر من عام من الحصار الذي فرضته قوات الدعم السريع (RSF) على المدينة، لتعد هذه العملية هى الأولى من نوعها منذ خمسة أشهر، فى خطوة استراتيجية لتخفيف الحصار المفروض على الفاشر.

 

تفاصيل العملية

نفذ الجيش السودانى العملية فى ساعات الصباح الباكر باستخدام طائرة شحن تابعة لسلاح الجو السودانى من طراز “أنتونوف”، التى تمكنت من تجاوز الدفاعات الجوية لقوات الدعم السريع. وبحسب المصادر العسكرية، فقد وصلت الإمدادات التى أسقطت إلى المقر العسكرى بشكل كامل، بالرغم من التحديات الجوية والدفاعات المعادية.

 

محتويات الإمدادات

شملت الشحنات التى تم إسقاطها ذخائر عسكرية، أدوية ومواد طبية، مؤن غذائية، بالإضافة إلى مبالغ مالية لدعم القوات السودانية والمدنيين المحاصرين فى المدينة. تأتى هذه الإمدادات فى وقت تعانى فيه الفاشر من نقص حاد فى الإمدادات بسبب الحصار المستمر، ما يعكس الأوضاع الإنسانية الصعبة التى يواجهها السكان والجنود على حد سواء.

 

الأهمية الاستراتيجية للعملية

تُعد هذه العملية خطوة مهمة على الصعيدين العسكرى والاستراتيجى، حيث أظهرت قدرة الجيش السودانى على اختراق الدفاعات الجوية لقوات الدعم السريع، التى كانت تعتمد على أنظمة تشويش ودفاع جوى لمنع تنفيذ مثل هذه العمليات.

وأكد الخبراء أن هذه العملية تمثل بداية حقيقية لفك الحصار المفروض على المدينة، وهو ما أثار فرحاً كبيراً بين سكان الفاشر الذين احتفلوا بهذه التطورات مع زغاريد وأصوات إطلاق نار احتفالى.

 

الفرقة السادسة مشاة.. انتصار فى المعركة

فى وقت لاحق من اليوم، أكدت الفرقةالسادسة مشاة بالفاشر نجاحها فى سحق قوات الدعم السريع خلال الهجوم الذى نفذته فجر اليوم على المدينة، فى المحور الشمالى الغربى.

وأوضح بيان صادر عن الفرقة أن قوات الدعم السريع تكبدت خسائر فادحة فى الأرواح والعتاد، حيث قتل العشرات منهم وأصيب آخرون، وتم تدمير وتعطيل عدد من المركبات القتالية.

وأضاف البيان أن فلول قوات الدعم السريع فرت إلى أطراف المدينة الغربية فى اتجاه جبال “وانا”، تاركين خلفهم العديد من القتلى والجرحى.

وكشفت الفرقة فى بيانها عن أن بعض وحدات الدعم السريع التى شاركت فى المعركة كانت قد فرت من محاور أخرى، مثل كردفان، وأجبرت على المشاركة فى القتال فى الفاشر، مما أسفر عن صرعهم جميعاً.

وفى وقت لاحق، استمر القصف المدفعى على المدينة من جانب قوات الدعم السريع خلال النهار، إلا أن الفرقة أكدت أن الوضع فى الفاشر الآن مستقر، مؤكدةً على استمرار النضال حتى النصر.

 

الوضع العام فى الفاشر

تعد مدينة الفاشر آخر معقل رئيسى للجيش السودانى فى دارفور، وهى محاصرة من قبل قوات الدعم السريع منذ أبريل 2023، فى إطار الحرب الأهلية السودانية التى اندلعت بين الجيش وقوات الدعم السريع.

المدينة تضم أكثر من 260,000 نازح وتواجه أوضاعاً إنسانية مأساوية، حيث يعانى السكان من نقص حاد فى الغذاء والمساعدات الطبية.

 

وحذرت منظمة الأغذية العالمية (WFP) من أن الوضع فى المدينة قد يتسبب فى كارثة إنسانية إذا لم تفتح ممرات إغاثية قريبة فى المستقبل القريب، وهو ما يزيد من الضغط على الفرق الإغاثية والحكومة السودانية.

 

التطورات الأخيرة فى الفاشر

فى الأسابيع الماضية، شهدت مدينة الفاشر هجمات مكثفة من قوات الدعم السريع، بما فى ذلك قصف مدفعى وهجمات بالطائرات المسيرة (الدرون)، مما أسفر عن مقتل العشرات من المدنيين، بما فى ذلك هجوم شهير على مسجد فى 19 سبتمبر 2025، أسفر عن مقتل 78 شخصاً.

 

وفى المقابل، رد الجيش السودانى بغارات جوية مكثفة على مواقع الدعم السريع، مما أدى إلى تدمير العديد من المعدات العسكرية، إلا أن الحصار المفروض على المدينة لا يزال يعيق إمدادات الإغاثة البرية، مما يزيد من تعقيد الوضع الإنسانى.

 

الجهود الدولية

فى الساحة الدولية، تبنت الأمم المتحدة فى يونيو 2024 قراراً يطالب بوقف الحصار المفروض على مدينة الفاشر، بهدف تخفيف المعاناة الإنسانية المتزايدة، ومع ذلك، فإن المفاوضات الدبلوماسية التى جرت فى جنيف بين الطرفين المتحاربين فشلت فى تحقيق تقدم ملموس بسبب تعنت الطرفين ورفضهما التوصل إلى تسوية.

 

وكانت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، قالت الأسبوع الماضى، إن عدد الضحايا المدنيين فى السودان، ارتفع كثيراً فى النصف الأول من العام الجارى، فى ظل تصاعد العنف على أساس عرقى.

ووفق تقرير جديد أصدره مكتب مفوض الأمم المتحدة السامى لحقوق الإنسان، لقى ما لا يقل عن 3384 مدنياً حتفهم فى الفترة بين يناير ويونيو الماضيين، معظمهم فى دارفور.

وذكرت المفوضية، أن غالبية عمليات القتل نجمت عن قصف مدفعى، بالإضافة إلى غارات جوية وطائرات مسيرة فى مناطق مكتظة بالسكان.

وأشار التقرير إلى وقوع كثير من الوفيات خلال هجوم قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، وكذلك على معسكرات زمزم وأبو شوك للنازحين فى أبريل.

 

وخلص التقرير، إلى أن “نحو 990 مدنياً تم قتلهم فى عمليات إعدام صدرت الأحكام فيها وفق إجراءات موجزة خلال النصف الأول من العام، مع تزايد العدد ثلاثة أمثال فى الفترة من فبراير إلى أبريل الماضيين”.

ومن جانبها، فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى عقوبات على قادة من الطرفين المتحاربين فى محاولة للضغط من أجل إنهاء القتال، لكن الحصار على الفاشر لا يزال مستمراً، مما يزيد من تعقيد الوضع الإنسانى فى المنطقة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى