الجيش السوداني يصف حكومة الدعم السريع بـ”المسرحية الهزيلة”.. وتحركات دولية مرتقبة لحلحلة الأزمة

كتبت: د. هيام الإبس
شنّ العميد الركن نبيل عبدالله، الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية، هجومًا حادًا على إعلان قوات الدعم السريع وتحالف “تأسيس” عن تشكيل حكومة انتقالية جديدة في مدينة نيالا، واصفًا الخطوة بأنها “مسرحية سياسية هزيلة” يقودها “خليط مشوّه من الجهلة والعملاء ومجرمي الحرب”، حسب تعبيره.
وفي بيان رسمي صدر يوم الأحد، اعتبر العميد نبيل أن الهدف من الخطوة هو “شرعنة مشروع إجرامي” يسعى لتنفيذ أجندات خارجية مشبوهة، عبر خداع حتى شركاء الدعم السريع أنفسهم، ضمن مشروع عنصري يستهدف الاستيلاء على السلطة لتحقيق مصالح ضيقة وشخصية.
وأكد أن المشروع الذي تتبناه قيادة الدعم السريع “قائم على النهب والفوضى”، متهماً قادة الميليشيا بالارتهان لقوى إقليمية تستخدمهم كأدوات طيعة، وأن ما يُسمى بـ”الحكومة الانتقالية” لا علاقة لها بمصالح الشعب السوداني.
وشدد على أن القوات المسلحة، مدعومة بإرادة الشعب، ستُفشل تلك المؤامرات وستحبط “محاولات تزييف الشرعية وفرض واقع زائف بالقوة”، مؤكداً أن السودان سيظل موحدًا رغم اتساع دائرة التآمر.
هدسون: واشنطن تستعد لاستضافة اجتماع دولي لإحياء مسار السلام في السودان
في تطور لافت، كشف كاميرون هدسون، الدبلوماسي الأمريكي السابق والمحلل البارز بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، عن ترتيبات تُجرى خلف الكواليس لعقد اجتماع دولي رفيع في العاصمة الأمريكية واشنطن، بمشاركة القوى الإقليمية والدولية، في مقدمتها الرباعية (الولايات المتحدة، السعودية، الإمارات، مصر) إلى جانب بريطانيا وقطر.
وتهدف هذه التحركات إلى إحياء جهود وقف إطلاق النار المتعثرة في السودان، وسط تدهور غير مسبوق في الأوضاع الإنسانية واتساع رقعة النزاع.
وفي تعليقه على إعلان تشكيل الحكومة الموازية بنيالا، اعتبر هدسون أن الدعم السريع يحاول “إعادة تقديم نفسه كطرف سياسي شرعي”، لكنه وصف الخطوة بأنها محاولة مكشوفة لتلميع كيان مسلح ارتبط بانتهاكات جسيمة.
عرمان: السودان يعيش ازدواجية سلطة غير مسبوقة منذ الاستقلال
من جانبه، وصف ياسر عرمان، رئيس “الحركة الشعبية – التيار الثوري الديمقراطي”، إعلان الحكومة الموازية بأنه يعكس دخول البلاد مرحلة ازدواجية سلطة خطيرة، حيث تتنازع حكومتان على الشرعية لأول مرة منذ الاستقلال عام 1956.
وحذر عرمان من أن السودان قد يواجه سيناريو شبيهاً بليبيا ما بعد القذافي، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق عاجل لوقف إطلاق النار، وطرح أسس واضحة للسلام الشامل، مضيفًا أن تعدد مراكز القرار يهدد بتمزيق وحدة السودان بالكامل.
تحالف “تأسيس” يعلن حكومة انتقالية بمجلس رئاسي برئاسة حميدتي
وكان تحالف “تأسيس”، الذي تقوده قوات الدعم السريع، قد أعلن يوم السبت عن تشكيل حكومة انتقالية جديدة تتخذ من نيالا مقرًا لها، ضمّت شخصيات بارزة مثل محمد حسن التعايشي رئيسًا للوزراء، ومحمد حمدان دقلو (حميدتي) رئيسًا لمجلس رئاسي من 15 عضوًا، منهم عبدالعزيز الحلو نائبًا للرئيس، وقيادات أخرى مثل الهادي إدريس، جقود مكوار، فارس النور، ومبروك مبارك سليم.
وأكد المتحدث باسم التحالف علاء الدين نقد، أن هذه الحكومة ستعمل على إدارة شؤون البلاد خلال المرحلة الراهنة، في إطار ما وصفه بـ”هيكلة سياسية توافقية داخل مكونات التحالف”، وتستند إلى إعلان سياسي ودستور انتقالي، يشمل رؤية لتطبيق نظام حكم لا مركزي وفيدرالي ديمقراطي.
مستشار الدعم السريع: الحكومة الجديدة تمثل بداية الاستقرار
في السياق ذاته، صرح عمران عبد الله حسن، مستشار قائد قوات الدعم السريع، أن إعلان الحكومة الجديدة يُعد خطوة مهمة نحو تحقيق الاستقرار في السودان، مؤكدًا أن إيقاف الحرب يمثل أولوية قصوى، في ظل التدهور الأمني والإنساني الراهن.
وأشار إلى أن الحكومة الجديدة منفتحة على كافة القوى السياسية، وتسعى لبناء توافق وطني شامل يفتح الباب أمام السلام والتنمية.
تحديات الداخل والخارج: بين الاعتراف الدولي ومطالب الشارع
ورغم محاولات الدعم السريع وتحالف “تأسيس” فرض واقع سياسي جديد، إلا أن الاعتراف الإقليمي والدولي بهذه الحكومة ما زال غير مؤكد، في ظل استمرار المعارك وتصاعد الرفض الشعبي ورفض القوات المسلحة لأي محاولة لشرعنة الميليشيا.
ويبقى السؤال الأهم مطروحًا: هل تتجه السودان فعليًا إلى تقسيم فعلي للسلطة والشرعية؟ أم أن التحركات الدولية القادمة في واشنطن ستمهد لمرحلة جديدة من التفاوض الشامل والمساءلة الحقيقية؟