السودان

الجيل الجديد يرفض العودة إلى الوراء

موقف الشباب السودانى من الحكومة الموازية المقترحة

كتبت : د.هيام الإبس

 

يثير مقتر مح الجبهة الثورية السودانية بتشكيل حكومة فى المناطق الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع جدلاً واسعاً فى الأوساط السياسية، ولا سيما بين الناشطين السودانيين من الشباب، الذين يعارض معظمهم هذه الخطوة، واصفين إياها بحكومة “الدعم السريع”.

وتؤيد الجبهة الثورية الفكرة، بينما تعارضها غالبية قوى تنسيقية “تقدم”، وفى ظل رفض دولى متوقع، تواجه الحكومة المقترحة تحديات كبيرة فى الحصول على الشرعية، بينما يظل موقف المجتمع الدولى معلقاً بين تحالفات سياسية وعسكرية متناقضة.

 

تعميق الانقسامات

 

وفى هذا السياق، يرى عبد الرحمن محمد أن تشكيل حكومة موازية فى البلاد سيعمق الانقسامات ويستنزف الموارد فى ظل الأزمة الحالية. وأضاف، أن الحل يكمن فى توحيد الصفوف، ودعم مبادرات السلام، وتعزيز الخدمات الإنسانية لمعالجة معاناة الشعب.

 

بينما يرى محمد أحمد، أن الحكومة المرتقبة ليست حكومة موازية، بل هى حكومة “جنجويد”، وفق وصفه. وأكد، أن قرار تشكيلها سيقلل من فرص التوصل إلى حل لإنهاء الحرب الحالية التى أثرت بعمق على النسيج الاجتماعى السودانى، وخلقت انقسامات اجتماعية واضحة، وأضاف أن خطوة التشكيل ستعمق هذه الانقسامات، بما فى ذلك الجانب السياسى، مما يعزز موقع “الدعم السريع” على الساحة المدنية، ويوفر لها واجهة سياسية على المستوى الدولى.

 

من جانبه يرى همام حسين، أن تشكيل الحكومة قد يؤدى إلى تفاقم الأوضاع، وأوضح أن لذلك آثارً اقتصادية خطيرة، أبرزها تعقيد توزيع الموارد بين حكومتين، كما حذر من تبعات عسكرية قد تؤدى إلى توسع الحرب، خاصة إذا صحت الأنباء عن صفقات أسلحة تدعم الأطراف المتحاربة، وبالأخص قوات الدعم السريع، ومن جانب آخر، أشار إلى أن هذا التشكيل قد يقود إلى انفصال سياسى أكثر منه اجتماعياً، حيث بدأ يظهر ذلك جلياً فى الميديا من خلال تصاعد خطاب الكراهية بين السودانيين.

 

ردة فعل

وبحسب محللين سياسيين، تُعتبر فكرة تشكيل الحكومة الموازية فى الوقت الراهن خطوة مثيرة للجدل ولها تداعيات سياسية واجتماعية عميقة، إذ تعتمد نتائجها على السياق الذى تُنفذ فيه وأهداف الأطراف التى تدفع باتجاهها.

جدير بالذكر الإشارة إلى أن التكلفة السلبية التي ستتحقق على الأرض ستكون أكبر من حجم العوائد الإيجابية المرجوة على الصعيدين السياسى والاجتماعى.

 

فى السياق، اكد الباحث الثقافى والناشط السياسى موسى إدريس إن خطوة تشكيل حكومة موازية تعكس ردّة فعل تجاه سياسات سلطة البرهان، إلا أنها تعقد المشهد السياسى أكثر ولا تملك تأثيراً كبيراً على الأرض، وهو ما يفسر حالة التردد فى المضى قدماً بإعلانها. مشيراً إلى أن الحل الحقيقى يكمن فى التمسك بشعارات الحرية والسلام والعدالة، مستنداً إلى قوة النسيج الاجتماعى الذى يظل متماسكاً رغم الأزمات المتفاقمة.

 

وأضاف إدريس أن هناك تناقضات واضحة داخل فكرة تشكيل هذه الحكومة، إذ تضم مكونات اجتماعية وقبلية ومصلحية متعددة لا يجمع بينها تفاهم على أسس أوسع للتوافق. كما طرح تساؤلات حول إمكانية تحويل هذه الحكومة إلى واقع فعلى، سواء فى مناطق سيطرة قوات الدعم السريع أو كحكومة منفى، مشيراً إلى اختلاف الآراء بين الأطراف المعنية وعدم وجود رؤية موحدة تدعم مثل هذا التوجه.

 

تعقيد التفاوض

وأوضح الباحث فى قضايا السلام والنزاع فى السودان، أكرم عبد النبى، أن تشكيل حكومة موازية فى ظل الحرب الحالية يرجح أن يؤدى إلى تعميق الانقسامات السياسية والاجتماعية بدلاً من معالجتها، مشيراً إلى أن مثل هذا التوجه يعقد جهود التفاوض والمصالحة المستقبلية، ويفاقم التوترات الاجتماعية، خصوصاً إذا حملت الحكومة الموازية طابعاً قبلياً أو مناطقياً.

وبينما تمضى الحرب فى تمزيق أوصال السودان، تظل قضية الشرعية السياسية محوراً للجدل والانقسام بين الأطراف المختلفة وسط تباين فى المواقف المحلية والدولية بشأن مقترح تشكيل حكومة جديدة.

ومع تضاؤل فرص نجاح أى حكومة تُشكَّل فى ظل هذه الظروف، تبرز الحاجة الملحة إلى توافق سياسى شامل يكون قادراً على إنهاء حالة الصراع ووضع أسس قوية لسلام دائم ينقذ البلاد من دوامة التدهور المتسارعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.