بقلم / د. محمد رجب
دائما الفطرة الطيبة و النقية تتقبل الحياة، وتكون متوافقة مع الحياة، لأن الفطرة تعيش بالحب.
الحب بمعناه الواسع حب الله تعالي، حب الرسول صلى الله عليه وسلم، حب النفس، حب الخير والجمال، والحق، والعدل، والتغافل عن زلات الناس، وإقالة عثراتهم، ومساعدتهم علي الوقوف من جديد.
وحب الفطرة هو الحب الخالص لله سبحانه وتعالى الذي ينبع من قلب مؤمن، ونفس مطمئنة لعطاء الله، راضية بما قسمه الله لها من الخير.
وهذا الحب يتمثل في اللين ، وفى الذوق الرفيع، ويكون مع الكلمة الحلوة، والنفس المتواضعة.
وما دمت كذلك فأنت في صف العظماء من أفراد الإنسانية الطيبين، الذين يسعون في الأرض بالصلاح والإصلاح، والقيم النبيلة، والعطف والأخذ بيد المسيئين إلي طريق الخير
ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) فالحب وعد من الله لعباده ، قال تعالي ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} المائدة (54).
والوعد دين، والدين لا يوفيه إلا رب العباد، والمخلصين من الرجال، والمخلصات من النساء الأوفياء قال تعالي ( وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ۚ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} الأنفال (63) فهذه الألفة والمحبة والمودة الفطرية هي من الله سبحانه وتعالي.
والحب والرحمة والفطرة النقية التى لم تلوث بعوامل وظروف الحياة السيئة، هى منحة من الله سبحانه وتعالي، وحينما ينحرف الإنسان عن هذه الفطرة تجده عبوسا، مغضبا، كارها للحياة وللناس.
وليس هذا بمستغرب فما نجده في بعض أوقات الحياة من أفعال يشيب لها الولدان، من جحود الأبناء لأبائهم ووضعهم في دور المسنيين، وعدم ذكر أى جميل لهم، أو فضل، أو شئ طيب فعله الآباء معهم طوال حياتهم.
إننا في زمان ملئ بالقتل فنمسي ونصبح علي رجل قتل امراته، أو صديق لصديقه أو زميله، أو صديقة لصديقتها، أو زميل لمحبوبته كما يدعى هو !!!!؟؟
كل هؤلاء لم يعرفوا الحب، ولم يتعلموا معنى حب الفطرة.
فهيا بنا نتعلم حب الفطرة السوية التي قال تعالي عنها في القرآن الكريم قال تعالى ( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) الروم (30).
هذه الفطرة تتمثل في الرجوع إلي الدين الصحيح، والفهم الوسطى المستنير المنضبط بقواعد الدين الأصلية ، وفهم مقاصد الشريعة الإسلامية، وقبول الآخر، والتعايش السلمى، وحب الانتماء والولاء للبلاد والأوطان كى يزداد الإيمان في قلوب المؤمنين
لأنه حينما قلت حرارة الإيمان في قلوب الناس فسدت الحياة بابتعادهم عن الحب والرحمة والمودة
فبالحب نصنع الجمال والخير والعدل ،كما قال الشاعر:
كن جميلا ترى الوجود جميلا
فكن من أهل الحب و صُناع الجمال و ناشرى الرحمة والمودة ـ وكفي ما بالحياة من صراعات ـ
قال يحي بن خالد البرمكى عن أهل الجمال :
كانوا يكتبون أحسن ما يسمعون،
و يحفظون أحسن ما يكتبون،
و يتحدثون بأحسن ما يحفظون.
اللهم اجعلنا من أهل القول الحسن، والفعل الطيب ، والحب، والرحمة، والمودة ، وصناع الجمال، و ناصرى الحق، والعدل، والخير.
اللهم آمين بجاه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم
د. محمد رجب
مدير ادارة الفتوى بوزارة الأوقاف