السودان

الحقائب الوزارية.. مشاورات مطوّلة وصراعات خلف الأبواب المغلقة

المسيرات تُشعل نيالا.. ضربات دقيقة لمواقع المليشيا في مجمع موسيه والمنطقة الصناعية

كتبت : د.هيام الإبس

 

تتواصل المشاورات السياسية بين مختلف القوى السودانية بشأن استكمال التشكيل الوزارى المرتقب، وسط حالة من البطء والغموض تلف المشهد، بالرغم من إعلان عدد محدود من الحقائب خلال الفترة الماضية. ويتصاعد الجدل داخل الغرف المغلقة بين القوى السياسية والحركات المسلحة، حول من يتولى بقية الوزارات في الحكومة التى يترأسها الدكتور كامل إدريس.

دعوة سابقة.. وجمود لاحق

وكان رئيس الوزراء كامل إدريس قد تعهد سابقًا بعقد لقاء جامع يضم القوى السياسية المختلفة، بهدف التفاكر حول تشكيل حكومة مدنية شاملة تضم أكبر طيف سياسى ومجتمعى فى البلاد، لكن، وبرأى مراقبين، فإن هذه المبادرة اصطدمت ببطء اتخاذ القرار وتأخر إعلان التشكيلة النهائية للحكومة، رغم مرور فترة طويلة على تكليفه.

وعلى الرغم من الإعلان عن تعيين وزراء لثلاث حقائب حتى الآن – هى وزارات الصحة، والتعليم العالى، والزراعة والرى – فإن مستقبل الوزارات الأخرى ما زال ضبابيًا، بينما تسربت أنباء عن تدخل من رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان لحسم بعض الوزارات السيادية، وعلى رأسها المالية  والمعادن.

أنباء عن تدخل البرهان.. جبريل ونور الدائم في الواجهة

تشير بعض المصادر إلى نية إعادة تعيين الدكتور جبريل إبراهيم وزيراً للمالية، مع إسناد وزارة المعادن للقيادى نور الدائم طه، فى محاولة لكسر الجمود وتسريع عملية استكمال الحكومة، التى لم يُعلن منها حتى الآن سوى 5 وزارات من أصل 22.

تأخر مقلق.. ومخاطر متعددة
ويرى محللون أن استمرار التأخر فى إعلان التشكيلة الكاملة قد تكون له تداعيات سياسية واقتصادية وأمنية خطيرة، فى وقت تحتاج فيه البلاد إلى سلطة تنفيذية فعالة قادرة على قيادة المرحلة وتجاوز  التحديات.

وبحسب المراقبين، فإن الوفاق الوطنى بين القوى السياسية يظل العائق الأكبر، فى ظل الانقسامات العميقة داخل الكتل والتحالفات، ما يجعل عملية اختيار الأسماء الوزارية عملية معقدة وشديدة  الحساسية.

صراع الكفاءات والمصالح

المحلل السياسى الدكتور عبد اللطيف سعيد قال إن التأخير “لا مبرر له”، لكنه أشار إلى خلافات بين رئيس الوزراء والحركات المسلحة، خاصة مع سعى هذه الحركات لفرض أسماء معينة على الوزارات السيادية، وأوضح أن رئيس الوزراء قد يكون مصراً على تعيين كفاءات من خارج البلاد، فى محاولة للسيطرة على التوازنات  السياسية.

وأضاف سعيد أن رئيس الوزراء لا يملك تفويضاً شعبياً، ما يجعله فى موقع معقد بين الضغوط العسكرية من جهة، ورغبات الحركات المسلحة من جهة أخرى، معتبراً أن كل هذه التعقيدات تفسر التأخير غير المعتاد في إعلان الحكومة.

لا وقت لإضاعة المزيد

من جانبه، شدد الخبير الاقتصادى الدكتور هيثم محمد على ضرورة اختيار شخصيات قادرة على التعامل مع ملفات حساسة، أبرزها: إعادة إعمار الاقتصاد، وعودة اللاجئين والنازحين، وحماية الأمن القومى، وتحسين الخدمات الأساسية.
ورأى هيثم أن الظروف الحالية تتطلب شخصيات قوية وذات كفاءة، معترفاً بأن بعض التكنوقراط يرفضون الترشح للمناصب خوفاً من الفشل فى بيئة مضطربة، وهو ما يمثل تحدياً إضافياً.
وأكد أن الشعب السودانى يدفع ثمن هذه التحديات، مشيراً إلى أن تأخير تشكيل الحكومة يزيد من هشاشة المشهد الداخلى، ويؤثر سلباً على علاقات السودان الخارجية، ويزيد من عزوف الكفاءات عن قبول المناصب.
وأعرب عن أمله فى أن تكون الحكومة القادمة
مزيجاً من التكنوقراط والسياسيين، وقادرة على الاستجابة لتحديات المرحلة، وامتلاك الشجاعة والقرار الحاسم.

المسيرات تُشعل نيالا.. ضربات دقيقة لمواقع المليشيا

ميدانياً، شنت المسيّرات العسكرية التابعة للقوات النظامية، خلال الساعات الماضية، هجمات مركّزة استهدفت مواقع تابعة لمليشيا الدعم السريع ومجموعات المرتزقة في عدة مناطق استراتيجية، كان أبرزها مجمع موسيه والمنطقة الصناعية بمدينة نيالا، حاضرة ولاية جنوب دارفور.

استهداف مجمعات حيوية للمليشيا في نيالا
بحسب مصادر ميدانية، ركزت الضربات الجوية على مخازن ومواقع تمركز للمليشيا المسلحة في المنطقة الصناعية ومحيط مجمع موسيه الشهير، حيث يُعتقد أن المليشيا تتخذها مراكز للقيادة والإمداد الفنى واللوجستى.
وأكدت المصادر أن الضربات حققت إصابات مباشرة وأوقعت خسائر بشرية ومادية كبيرة، مشيرةً إلى تصاعد أعمدة الدخان من مواقع الاستهداف وسط حالة من الفوضى داخل صفوف المليشيا.
قصف تجمعات للمرتزقة فى بارا وكازقيل
وفى محور شمال كردفان، نفذت المسيّرات غارات نوعية على تجمعات لمجموعات مرتزقة في مناطق بارا وكازقيل، وذلك ضمن عمليات التمشيط الجوي الجارية لإضعاف البنية القتالية لعناصر الدعم السريع وحلفائها.

وأفادت التقارير بأن الغارات جاءت بعد عمليات رصد دقيقة لتحركات المقاتلين الأجانب والمحليين، وقد أسفرت عن تدمير آليات وأسلحة متوسطة كانت بحوزة العناصر المستهدفة.
استمرار العمليات لتأمين المدن الحيوية
وتأتى هذه التطورات ضمن سلسلة من العمليات الاستباقية التى تنفذها القوات النظامية لتأمين المدن والطرق الحيوية، وقطع خطوط الإمداد عن المليشيا فى ظل الأوضاع الأمنية المعقدة التى تعيشها البلاد.

فيضان القاش يضرب كسلا

نهر القاش يفاجئ ولاية كسلا بأول زيارة هذا الموسم ويجتاح شمال الدلتا
شهدت ولاية كسلا شرق السودان، فجر اليوم، أول تدفق لنهر القاش هذا الموسم، حيث اجتاحت مياهه مناطق واسعة من محلية شمال الدلتا، متسببة في تدمير عدد من المنازل، وإحداث أضرار مادية جسيمة وسط حالة من الهلع بين السكان المحليين.

دمار واسع بمنازل المواطنين في شمال الدلتا
وتسببت المياه الغزيرة المتدفقة من النهر فى انهيار منازل عديدة، خاصة فى القرى الواقعة بمحاذاة مجرى القاش، ما أدى إلى نزوح بعض الأسر المتضررة، التى قضت ساعات الفجر الأولى فى العراء، فى ظل غياب وسائل الإيواء العاجلة، مع تخوفات من ارتفاع منسوب النهر خلال الساعات المقبلة، بالتزامن مع استمرار الأمطار فى المرتفعات  الإريترية.

تحذيرات من موجات فيضانية قادمة
وقد حذرت السلطات المحلية من إمكانية حدوث فيضانات جديدة فى حال استمرار تدفق مياه النهر بهذه الوتيرة، مطالبة سكان المناطق المنخفضة بأخذ الحيطة والحذر، ومراقبة حركة النهر عن كثب، تحسباً لأى تطورات طارئة قد تهدد الأرواح والممتلكات.

غياب واضح للتدخل الرسمي الفورى
وأفاد شهود عيان من شمال الدلتا، بأن المناطق التى اجتاحها النهر لم تشهد تدخلاً سريعاً من السلطات المختصة حتى اللحظة، فى ظل تعقيدات المشهد الأمنى واللوجستى العام، ما دفع الأهالى للاعتماد على جهودهم الذاتية فى إجلاء المتضررين ومحاولة بناء متاريس ترابية لمنع توسع الكارثة.

نداءات استغاثة ومطالب بالتدخل العاجل
ووجه المواطنون فى المناطق المنكوبة نداءات عاجلة للجهات الحكومية والمنظمات الإنسانية للتدخل الفورى وتقديم المساعدات، خاصة المأوى والغذاء، وتوفير مضخات لتصريف المياه، تحسباً لأى موجات إضافية من المياه خلال الأيام المقبلة.
ويُعد نهر القاش واحدًا من الأنهار الموسمية التى تعتمد على الأمطار الصيفية، ويشتهر بعدم انتظام جريانه، مما يجعل فيضاناته غير متوقعة وخطيرة فى كثير من الأحيان، وقد شهدت ولاية كسلا تاريخيًا عدة كوارث بسبب فيضانات القاش.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى