السودانشئون عربية

الحكومة السودانية تؤدي القسم وسط تصاعد الأزمات الحقوقية والإنسانية


كتبت: د. هيام الإبس

في مشهد يعكس تعقيدات المرحلة السياسية التي يمر بها السودان، أدى الوزراء الجدد ووزراء الدولة، اليوم الثلاثاء 29 يوليو ، القسم الدستوري أمام رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، وذلك بحضور رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس، ورئيس القضاء، والأمين العام لمجلس السيادة الفريق محمد الغالي علي يوسف.

حكومة الأمل: مشروعات لا تشريفات

ضمّت التشكيلة الجديدة وزراء الزراعة والري، النقل والبنية التحتية، التربية والتعليم الوطني، والتعليم العالي، إلى جانب وزراء الدولة في وزارات الخارجية، الرعاية الاجتماعية، والموارد البشرية.
وخلال مراسم القسم، شدد البرهان وإدريس على أهمية العمل بروح الفريق الواحد، مؤكدين أن الحكومة الجديدة تواجه تحديات مصيرية في لحظة دقيقة من تاريخ السودان، تتطلب الانسجام الكامل بين مؤسسات الدولة للخروج من الأزمة الوطنية الراهنة.

في السياق ذاته، أكدت وزيرة الدولة بوزارة الرعاية الاجتماعية أن حكومة الأمل ليست حكومة تشريفات، بل حكومة مشروعات وإنجازات، معلنة التزامها بتنفيذ برامج حقيقية تُلبي طموحات السودانيين في التغيير والتنمية.


السودان يطلب رسميًا إنهاء بعثة تقصي الحقائق الأممية

في تطور لافت على صعيد الملف الحقوقي، أبلغت الحكومة السودانية الخبير الأممي رضوان نويصر، خلال زيارته لبورتسودان، برغبتها في إنهاء مهمة بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة، والتي شُكلت للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023.

وجاء هذا الإعلان رغم تقارير دولية تؤكد وجود أدلة كافية على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في الخرطوم وود مدني، بما في ذلك مجازر، وعمليات إعدام ميداني، واستخدام أسلحة كيميائية في بعض المناطق، إضافة إلى قصف عشوائي للمدنيين.

الحكومة السودانية: لا نقبل الادعاءات دون معلومات

وزير العدل السوداني، عبد الله درف، أكد في تصريحاته أن الحكومة لا تقبل الاتهامات أو الحديث عن محاكمات غير عادلة دون معلومات تفصيلية، مضيفًا أن القانون السوداني يضمن حق الدفاع والمناهضة القانونية في مراحل التحقيق والمحاكمة.
وأشار إلى أن القوانين السودانية متوائمة مع الدستور والمواثيق الدولية التي صادق عليها السودان، نافيا ارتكاب أي مخالفات ممنهجة في الإجراءات القضائية.

خبراء: لا يحق للسودان إنهاء عمل البعثة

في المقابل، شدد خبراء قانونيون على أن الحكومة السودانية لا تملك قانونيًا صلاحية إنهاء عمل البعثة الأممية، والتي أُنشئت بقرار من مجلس حقوق الإنسان في أكتوبر 2023، بهدف التحقيق في الانتهاكات الواسعة خلال الحرب.

وحذّر المحامي معز حضرة من أن الحكومة تسعى للتنصل من مسؤوليات قانونية جسيمة، خاصة في ظل تقارير تتحدث عن محاكمات جائرة ضد مدنيين على خلفيات عرقية أو سياسية.

محامو الطوارئ: جرائم موثقة

بدورها، كشفت رحاب مبارك، عضو مجموعة “محامو الطوارئ”، أن لدى بعثة الأمم المتحدة أدلة موثقة من منظمات حقوقية حول جرائم ضد المدنيين ارتكبتها مجموعات إخوانية تقاتل إلى جانب الجيش، مثل كتيبة البراء وقوات درع السودان.
وأكدت أن تلك الجرائم شملت الإعدام، بقر البطون، وترويع السكان، خاصة في الخرطوم وود مدني.


كارثة إنسانية جديدة: وفاة أطفال بمعسكر “لقاوة” بدارفور

في مؤشر إضافي على تفاقم الوضع الإنساني، أعلنت شبكة أطباء السودان عن وفاة 13 طفلًا خلال يونيو الماضي في معسكر “لقاوة” للنازحين بمدينة الضعين، شرق دارفور، بسبب سوء التغذية الحاد والنقص الشديد في الغذاء والرعاية الصحية.

ويؤوي المعسكر أكثر من 7,000 نازح، معظمهم من النساء والأطفال، في ظروف مأساوية وسط اعتداءات متكررة من جماعات مسلحة، ما يهدد حياة السكان ويمنع وصول المساعدات الإنسانية.

دعوات للتدخل العاجل

دعت الشبكة المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري لتقديم الغذاء والرعاية الصحية الأساسية، وتأمين المعسكرات، وحماية المدنيين من الهجمات المسلحة، وضمان وصول المساعدات دون عراقيل.


في الختام

بين تشكيل حكومة جديدة تسعى لحمل راية “الأمل”، وتصاعد الانتقادات الحقوقية والدولية لانتهاكات جسيمة في الحرب، يجد السودان نفسه أمام تحديات مزدوجة: إنقاذ ما تبقى من الدولة، والوفاء بالتزاماته تجاه حقوق الإنسان في وقت تنزف فيه البلاد على أكثر من جبهة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى