أخبار العالمتقارير وتحقيقات

الحوار والدستور والمنفذ البحري.. آبي أحمد يطرح رؤيته أمام المعارضة الإثيوبية

كتبت: د. هيام الإبس

في خطوة تعكس رغبة في إعادة رسم المشهد السياسي الإثيوبي، عرض رئيس الوزراء آبي أحمد رؤيته للتحول الوطني أمام قادة عدد من الأحزاب المعارضة، خلال لقاء موسع ناقش ملفات شائكة تتعلق بمستقبل البلاد، وسط أزمات داخلية وإقليمية متراكمة.

إصلاحات دستورية ومؤسساتية في إطار وطني شامل

أكد آبي أحمد أن مشروع الإصلاح في إثيوبيا لا يتوقف عند إعادة صياغة الدستور، بل يمتد إلى تحديث القوانين وإعادة هيكلة المؤسسات، بما يضمن تأسيس دولة أكثر عدالة ومساءلة. وأشار إلى أن أي تعديل دستوري يجب أن ينبع من توافق وطني واسع، وليس بقرارات فوقية، مشددًا على أن الحوار الوطني هو حجر الزاوية في هذه العملية.

كما لفت إلى أن مفوضية الانتخابات والمجلس الوطني لحقوق الإنسان أصبحا مستقلين بالكامل، وتتم التعيينات فيهما من خلال جهات مدنية، بعيدًا عن التدخلات السياسية، ما يُعد خطوة مهمة نحو تعزيز النزاهة والشفافية في المشهد العام.

حوار لا يُقصي أحدًا.. وتعددية لا تعرف العنف

وخلال حديثه، دعا رئيس الوزراء الإثيوبي كافة القوى السياسية والاجتماعية للمشاركة الفاعلة في الحوار الوطني، مشددًا على أن “الطاولة مفتوحة للجميع، والآراء القوية يجب أن تُسمع”، حتى وإن لم يُؤخذ بها بالكامل، لأن الهدف هو بناء إجماع وطني حول مستقبل البلاد.

وبلهجة قاطعة، رفض آبي أحمد فرض الإرادة السياسية بالعنف، قائلاً: “الاعتقاد بأن القوة وحدها تصنع التغيير هو وهم يجب أن يُنبذ”، مؤكدًا أن التحول الديمقراطي لا يتحقق إلا عبر المنافسة الشريفة والقبول بالاختلاف.

اقتصاد إثيوبي يتغير: من الزراعة إلى التكنولوجيا

استعرض آبي أحمد أبرز التحولات الاقتصادية في بلاده، مشيرًا إلى أن الاقتصاد الإثيوبي بدأ يشهد نقلة نوعية من الاعتماد على الزراعة إلى مجالات التعدين، والتكنولوجيا، والسياحة، والصناعة. وكشف عن ارتفاع عائدات الدولة لأكثر من 4 مليارات دولار، وانخفاض الدين العام إلى 13% فقط.

كما أشار إلى توفير 4.5 مليون فرصة عمل محلية، وتمكين نصف مليون مواطن للعمل في الخارج، بالإضافة إلى دعم 60 ألف إثيوبي للعمل عن بعد مع شركات عالمية، وإنشاء أكثر من 1400 سوق أسبوعي لربط المنتجين بالمستهلكين.

المنفذ البحري.. قضية استراتيجية تتجاوز الجغرافيا

في معرض حديثه عن سعي إثيوبيا للوصول إلى منفذ بحري، أوضح آبي أحمد أن هذا الملف يتجاوز اعتبارات الجغرافيا والسياسة اليومية، قائلاً: “الحصول على منفذ بحري يتعلق بحياة الناس ومصالح الدولة الاستراتيجية، مثل الوقود والسلع الأساسية”.

وأكد على التزام بلاده بالحلول السلمية والقانونية، التي تحقق المنفعة المتبادلة وتعزز الاستقرار الإقليمي، رغم التوترات المستمرة مع الصومال، والتي تفجرت منذ توقيع أديس أبابا اتفاقية مثيرة للجدل مع “أرض الصومال” في يناير 2023، تمنحها حق استخدام السواحل مقابل الاعتراف باستقلال الإقليم.

وقد ردت الحكومة الصومالية بطرد السفير الإثيوبي، بينما توسطت تركيا في محادثات بدأت منتصف 2024، وأسفرت عن إعلان أنقرة في ديسمبر، والدعوة إلى مفاوضات مباشرة بدأت في فبراير 2025، يُنتظر أن تفضي إلى تسوية شاملة خلال 4 أشهر.

آبي أحمد: التعددية واحترام الانتخابات هما طريق المستقبل

واختتم رئيس الوزراء الإثيوبي كلمته بالتشديد على ضرورة ترسيخ ثقافة التعددية والتنافس الديمقراطي، قائلاً إن “احترام نتائج الانتخابات هو أساس الاستقرار”، وأن الحوار الوطني يجب أن يتحول من شعار إلى ممارسة حقيقية، تصنع مستقبلًا قائمًا على المشاركة لا الصراع.


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى