الدعم السريع تسيطر على المثلث الحدودي بين السودان ومصر وليبيا بدعم قوات حفتر

الدعم السريع تفرض سيطرتها على المثلث والجيش السوداني يتهم الإمارات
كتبت: د. هيام الإبس
في تطور استراتيجي لافت، أعلنت قوات الدعم السريع، اليوم الأربعاء، سيطرتها الكاملة على منطقة المثلث الحدودي الاستراتيجية التي تجمع بين السودان ومصر وليبيا، عقب انسحاب الجيش السوداني منها، فيما يشتد الجدل الداخلي بشأن خريطة دارفور الجديدة التي طرحها مني أركو مناوي، حاكم الإقليم.
انسحاب الجيش السوداني من المثلث الحدودي
الجيش السوداني أعلن صباح اليوم الأربعاء إخلاءه لمنطقة المثلث الحدودي في خطوة وصفها بأنها “ترتيبات دفاعية لصد توغل قوات تابعة للمشير خليفة حفتر داخل الأراضي السودانية”.
وجاء ذلك بعد تصاعد التوتر في المنطقة منذ 6 يونيو الجاري، عندما توغلت عناصر من كتيبة “سبل السلام” التابعة للجيش الليبي بقيادة حفتر لمسافة 3 كيلومترات داخل السودان، مما أدى إلى اشتباكات أسفرت عن مقتل عنصرين وأسر آخرين من الجنود الليبيين، بحسب بيان الجيش السوداني.
الدعم السريع تفرض سيطرتها والجيش يتهم الإمارات
سيطرة الدعم السريع على المثلث الحدودي تمنحها نفوذاً استراتيجياً على معابر حيوية بين الدول الثلاث. وقد اتهم الجيش السوداني ميليشيا الدعم السريع، بدعم مباشر من الإمارات العربية المتحدة، بالتنسيق مع قوات حفتر في تنفيذ الهجوم، واصفاً الخطوة بأنها “تصعيد خطير وانتهاك للقانون الدولي”.
من جهتها، نفت قوات حفتر هذه الاتهامات، مؤكدة أن دورية تابعة لها تعرضت لهجوم أثناء تأمينها للحدود الليبية. في المقابل، اتهمت وزارة الخارجية السودانية الإمارات بتمويل وإمداد الدعم السريع بالأسلحة، مشيرة إلى أن الحدود الليبية باتت ممرًا للأسلحة والمرتزقة.
خريطة دارفور تثير الجدل في الداخل
في موازاة هذه التطورات، فجّر مني أركو مناوي الجدل بنشر خريطة جديدة لإقليم دارفور، تضم أجزاء واسعة من الولاية الشمالية، وتلغي حدودها مع ليبيا، لتصبح جزءًا من دارفور، وهو ما أثار غضب قطاعات واسعة في الشمال السوداني.
الخريطة – التي قال مناوي إنها تم إجازتها من مجلس السيادة وأصبحت رسمية منذ مطلع 2025 – تُعيد ترسيم الحدود استنادًا إلى خرائط 1956، في سابقة أثارت مخاوف من تغييرات جغرافية غير توافقية في ظل الانقسام الحالي.
اتهامات بتدخل خارجي واسع ودعم عسكري
أكد مناوي، في تصريحات، دخول نحو 400 مركبة عسكرية من ليبيا لدعم الدعم السريع، مشيرًا إلى استمرار التدخل الخارجي. وسبق أن اتهم الجيش السوداني الإمارات بدعم مباشر لهذه التحركات، بينما تتزايد الاتهامات لـ حفتر باستضافة قوات الدعم السريع في قواعد ليبية أبرزها قاعدة معطن السارة، التي تحوّلت – وفق مصادر سودانية – إلى مركز تدريب وإمداد عبر مساعدات قادمة من أبوظبي.
طموحات لتأسيس دولة مستقلة في الغرب
في أخطر ما صدر عن قيادة الدعم السريع، أعلن رئيس المجلس الاستشاري للمليشيا أن “المعركة العسكرية انتهت”، وأن القوات تتجه نحو “تأسيس الدولة السودانية الجديدة”، مؤكداً توجههم نحو تشكيل كيان سياسي منفصل في مناطق سيطرتهم.
وفي مارس 2025، وقّعت الدعم السريع ميثاقًا سياسيًا في العاصمة الكينية نيروبي مع حركات مسلحة وشخصيات سياسية ينص على تشكيل حكومة موازية في مناطق السيطرة، في خطوة رفضتها كل من الأمم المتحدة، والاتحاد الإفريقي، ومصر، والسعودية، وقطر.
تداعيات إقليمية واحتمالات التقسيم
سيطرة الدعم السريع على المثلث الحدودي تطرح تساؤلات حول مستقبل وحدة السودان، وتثير مخاوف من ظهور دولة أمر واقع في غرب البلاد. الخرائط الميدانية تشير إلى أن الدعم السريع بات يسيطر على كتلة جغرافية متصلة من حدود أفريقيا الوسطى جنوباً إلى ليبيا ومصر شمالاً، مما يعزز فرضية انفصال فعلي على الأرض.
رغم هذه الوقائع، يواصل المجتمع الدولي رفض أي محاولات لتقسيم السودان، ويؤكد تمسكه بالحل السياسي الشامل. لكن في المقابل، تتسع رقعة الاشتباكات، ويتدهور الوضع الإنساني، وسط انسداد سياسي وتعقيد في المشهد الإقليمي.