اعداد / محمد رضوان
دنشواي هى إحدى قرى محافظة المنوفية بغرب الدلتا ، انتفض فيها الفلاحين ضد ظلم الحاكم وعدوان المحتل البريطاني يوم 13 يونيو 1906.
ويروي كتاب التاريخ أن بعض أفراد جيش الإحتلال البريطاني ذهبوا لصيد الحمام فى قرية دنشواي، وعلى الرغم من تحذير الفلاحون أصحاب أجران القمح للضباط الإنجليز بعدم الصيد خشية حرق القمح ولكن الجنود تجاهلوا التحذيرات وأخذوا يصوبون بنادقهم تجاه أبراج الحمام، مما أدى إلى اشتعال النيران فى الجرن الخاص بالشيخ ( محمد عبد النبي) مؤذن القرية فاصيبت زوجة الشيخ وفقدت وعيها بعد أن أصابها عيار طائش. مما أدى لاشتباك بين خمسة من ضباط الانجليز و الفلاحين الذين هبوا للدفاع عن ممتلكاتهم ،وتم قتل عدد من المصريين بالنار بينهم إمرأة ، ووفاة ضابط انجليزي بضربة شمس.
انتهى الحادث وكان رد فعل الانجليزي وبالأخص المعتمد البريطاني (اللورد كرومر ) قاسيا جدآ وسريعا ، فقد أقام محكمة عرفية عقدت اولى جلساتها يوم 24يونيو 1906.
الصقت التهمة ب36 مصريا ,(خلال 4 أيام) حكم باعدام الإمام حسن محفوظ وثلاثة قرويين وسجن آخرون تراوحت أحكامهم بين الاشغال الشاقة المؤبدة، وخمسة عشر سنة وسبع سنين وسنة وأخرون بالجلد خمسين جلدة.
غضبة شعبية عارمة
وهنا.. سادت الدهشة والمفاجأة الشعور العام للشعب المصري، بدايةً لصرامة الأحكام وظلمها البيّن، وتحول إلى غضبٍ عارمٍ مكبوت، فقام مصطفى كامل (1874-1908) مؤسس الحزب الوطنى بحملةٍ صحفيةٍ داخليةٍ وأخرى دوليةٍ وجولةٍ في أوروبا للتشهير بمظالم الاحتلال وفضح سياسته، وأثار الرأي العام الأوربي، حتى في بريطانيا نفسها .
وتأثر بالحادثة الكاتب الإنجليزي الكبير جورج برنارد شو عام 1906وكتب يقول :” إذا كانت الإمبراطورية البريطانية تود أن تحكم العالم كما فعلت في دنشواي، فلن يكون على وجه الأرض واجبٌ سياسيّ مقدسٌ وأكثر إلحاحاً من تقويض هذه الإمبراطورية وقمعها وإلحاق الهزيمة بها”.
جلاد دنشواي
وأما إبراهيم بك الهلباوي الذي عمل محاميًا للخديوي في محاكمة المصريين في حادثة دنشواي، فقد غضب عليه الناس ولقبوه جلاد دنشواي وقاطعه كثير منهم، فلما أحس بفداحة سقطته قرر أن يدافع عن الورداني بنفسه.. ونقلاً عن مذكراته التي أصدرتها «الهيئة العامة للكتاب» عام 1995 وقف في محاكمة إبراهيم الوردانى المتهم بقتل رئيس الوزراء بطرس باشا غالى ( رئيس محكمة دنشواي) يقول:
“المصريون كلهم كرهوا محاكمة دنشواي، واحتقروا كل من شارك فيها ودافع عن المحتلين الإنكليز.. ولست هنا في مقام التوجع ولا الدفاع عن نفسي.. ومع ذلك أستطيع أن أؤكد أن الشعب المصري يحتقر كل من يدافع عن المحتلين أو يأخذ صفهم أو يبرر جرائمهم.
الشعراء يخلدون الحادثة
وتسابق الشعراء والكتاب والصحافة إلى تخليد الحادثة، فكان من أثرها أن تبلور المقت الشعبي للاحتلال الإنجليزي ورفضه، وبقي يعتمل في نفوس المصريين ويشحنهم أكثر فأكثر.
قال الشاعر حافظ ابراهيم في الحادثة:
قتيل الشمس أورثنا حياة
وأيقظ هاجع القوم الرقود
فليت كرومر قد بات فينا
يطوق بالسلاسل كل جيد
لننزع هذه الأكفان عنا
ونبعث في العوالم من جديد
وقال الشاعر احمد شوقى :
يا دنشواي على رباك سلام
ذهبت بأنس ربوعك الأيام
يا ليت شعري في البروج حمائم
أم في البروج منيّة وحِمام؟