الصراط المستقيم

الزلازل عبر وآيات وأحكام

إعداد الدكتور عبد المنعم ابراهيم عامر.

الأسباب التي دفعتني للحديث في موضوع الزلازل :- التذكير بنعمة الاستمتاع باستقرار الأرض قال تعالى: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (30) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (31) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (32) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ} [النازعات: 30 – 33]

التذكير بنعمة الأمن ونعمة السكن في البيوت قال تعالى:{وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا} [النحل: 80]

التذكير بكمال قدرة الله قال تعالى: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} [الأنعام: 65].

الوقوف على بعض ما يخوف الله به عباده من آيات قال تَعَالَى : { وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلا تَخْوِيفًا }.

الوقوف من هذه الآيات موقف الخائف الراجى: فَلَيْسَ جَمِيعُ الْخَوَارِقِ بَرَكَةً ، فَإِنَّ التَّحْقِيقَ يَقْتَضِي عَدَّ بَعْضِهَا بَرَكَةً مِنَ اللَّهِ كَشِبَعِ الْخَلْقِ الْكَثِيرِ مِنَ الطَّعَامِ الْقَلِيلِ وَبَعْضُهَا بِتَخْوِيفٍ مِنَ اللَّهِ كَكُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ كُنَّا نَعُدُّ الْآيَاتِ بَرَكَةً وَأَنْتُمْ تَعُدُّونَهَا تَخْوِيفًا

ذكر الزلزلة في القرآن الكريم:

ترد في القرآن الكريم في معرض الحديث عن الزلازل مصطلحات غاية في الدقة، ونتناول هنا كلمات وآيات القرآن الكريم حول الزلازل:

الكلمات:الزلزلة.زلزال الأرض.الرجفة.الراجفة.الرادفة.الصيحة.الخسف.الصدع

الزلزلة:

يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} [الحج: 1، 2]، ويقول أيضًا: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} [الزلزلة: 1 – 5]

– الرجفة:

يقول تعالى: {يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا} [المزمل: 14]، {يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (6) تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ} [النازعات: 6، 7]، {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (91) الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 91، 92].

قال تعالى: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ} [الأعراف: 155].

{وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ * فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ} [العنكبوت: 36، 37].

من أهلكهم الله بالرجفة (الزلزلة):

قوم سيدنا صالحا عليه السلام:

قال تعالى (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ ) [الأعراف: 78].

والرجفة هي الزلزلة، ولا منافاة بين تسميتها صيحةً وتسميتها رجفةً؛ لأن المَلَك يصيح بهم من فوقهم، فإذا صاح بهم رجفت بهم الأرض وارتعدت، ففارقت أرواحهم أبدانهم ().

قوم سيدنا شعيب عليه السلام:

قال تعالى: (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ) [الأعراف: 91].

أي: فاستحقوا الإهلاك فأخذتهم الرجفة وهي الزلزلة الشديدة المهلكة ().

السبعون من قوم سيدنا موسى عليه السلام:

قال تعالى: (وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا) [الأعراف: 155].

أي: فلما أخذتهم الزلزلة الشديدة، وقيل: إنهم زلزلوا حتى ماتوا يوماً وليلة.

ذكر الزلزال والزلزلة في السنة:

لا تقوم الساعة حتى تكثر الزلازل:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ العِلْمُ، وَتَكْثُرَ الزَّلاَزِلُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَتَظْهَرَ الفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الهَرْجُ – وَهُوَ القَتْلُ القَتْلُ – حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ المَالُ فَيَفِيضَ»

أحكام خاصة بالزلازل وما يستحب فعله عندها:

الصَّلاَةُ لِغَيْرِ الْكُسُوفِ مِنَ الآْيَاتِ كا لزَّلْزَلَةِ:

قَال الْحَنَفِيَّةُ: تُسْتَحَبُّ الصَّلاَةُ فِي كُل فَزَعٍ: كَالرِّيحِ الشَّدِيدَةِ، وَالزَّلْزَلَةِ، وَالظُّلْمَةِ، وَالْمَطَرِ الدَّائِمِ لِكَوْنِهَا مِنَ الأَْفْزَاعِ، وَالأَْهْوَال. وَقَدْ رُوِيَ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ( صَلَّى لِزَلْزَلَةٍ بِالْبَصْرَةِ()) ().

وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: لاَ يُصَلَّى لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إِلاَّ الزَّلْزَلَةُ الدَّائِمَةُ، فَيُصَلَّى لَهَا كَصَلاَةِ الْكُسُوفِ؛ لِفِعْل ابْنِ عَبَّاسٍ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا

– أَمَّا غَيْرُهَا فَلَمْ يُنْقَل عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: ( وَلاَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ الصَّلاَةُ لَهُ ). وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ يُصَلَّى لِكُل آيَةٍ . ().

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لاَ يُصَلَّى لِغَيْرِ الْكُسُوفَيْنِ صَلاَةُ جَمَاعَةٍ، بَل يُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلَّى فِي بَيْتِهِ، وَأَنْ يَتَضَرَّعَ إِلَى اللَّهِ بِالدُّعَاءِ عِنْدَ رُؤْيَةِ هَذِهِ الآْيَاتِ، وَقَال الإِْمَامُ الشَّافِعِيُّ – رَحِمَهُ اللَّهُ -: لاَ آمُرُ بِصَلاَةِ جَمَاعَةٍ فِي زَلْزَلَةٍ، وَلاَ ظُلْمَةٍ، وَلاَ لِصَوَاعِقَ، وَلاَ رِيحٍ، وَلاَ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآْيَاتِ، وَآمُرُ بِالصَّلاَةِ مُنْفَرِدِينَ، كَمَا يُصَلُّونَ مُنْفَرِدِينَ سَائِرَ الصَّلَوَاتِ ().

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لاَ يُصَلَّى لِهَذِهِ الآْيَاتِ مُطْلَقًا . ().

قال ابن حجر: الزَّلْزَلَةُ وَنَحْوُهَا مِنَ الْآيَاتِ أَوْلَى بِذَلِكَ لَا سِيَّمَا وَقَدْ نَصَّ فِي الْخَبَرِ عَلَى أَنَّ أَكْثَرَ الزَّلَازِلِ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ.

الأمر بالصدقة:

و قَالَ ﷺ عند الكسوف:: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ، فَادْعُوا اللَّهَ، وَكَبِّرُوا وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا»().

التضرع بالدعاء ونحوه:

قال ابن رجب: كما يشرع الدعاء والتضرع عند ذلك؛ لئلا يكون عند ذلك غافلا().

قلت: ؛ولقوله تعالى: { فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا } [الأنعام: 43]

وقال العلامة زكريا الأنصاري رحمه الله:” ويستحب لكل أحد أن يتضرع بالدعاء ونحوه عند الزلازل ونحوها من الصواعق والريح الشديدة، وأن يصلي في بيته منفردا لئلا يكون غافلا ; لما ثبت عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ ، أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا عَصَفَتِ الرِّيحُ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا ، وَخَيْرَ مَا فِيهَا ، وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا ، وَشَرِّ مَا فِيهَا ، وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ ، قَالَتْ: وَإِذَا تَخَيَّلَتِ السَّمَاءُ ، تَغَيَّرَ لَوْنُهُ ، وَخَرَجَ وَدَخَلَ ، وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ. فَإِذَا مَطَرَتْ ، سُرِّيَ عَنْهُ. فَعَرَفْتُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَأَلْتُهُ. فَقَالَ: لَعَلَّهُ يَا عَائِشَةُ ! كَمَا قَالَ قَوْمُ عَادٍ : ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ ‌قَالُوا ‌هَذَا ‌عَارِضٌ ‌مُمْطِرُنَا ﴾ [الأحقاف: 24] ().انتهى. ().

البدار بالتوبة إلى الله سبحانه , والضراعة إليه وسؤاله العافية , والإكثار من ذكره واستغفاره:

قال ابن رجب:” وقد روي عن طائفة من علماء أهل الشام، أنهم كانوا يأمرون عند الزلزلة بالتوبة والاستغفار ،ويجتمعون لذلك، وربما وعظهم بعض علمائهم وأمرهمونهاهم، واستحسن ذلك الإمام().

و قال ابن باز:” الواجب عند الزلازل وغيرها من الآيات والكسوف والرياح الشديدة والفياضانات البدار بالتوبة إلى الله سبحانه , والضراعة إليه وسؤاله العافية , والإكثار من ذكره واستغفاره، كما قال ﷺ عند الكسوف: «هَذِهِ الآيَاتُ الَّتِي يُرْسِلُ اللَّهُ، لاَ تَكُونُ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنْ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، فَافْزَعُوا إِلَى ذِكْرِهِ وَدُعَائِهِ وَاسْتِغْفَارِهِ» ().

رحمة الفقراء والمساكين والصدقة عليهم:

ويستحب أيضا رحمة الفقراء والمساكين والصدقة عليهم؛ لقول النبي ﷺ: (ارْحَمُوا تُرْحَمُوا) ()،رواه أحمد، (الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ) ()، وقوله ﷺ: (مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ) ()،

– عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ قَالَ: كَتَبَ إِلَيْنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي زَلْزَلَةٍ كَانَتْ بِالشَّامِ : أَنِ اخْرُجُوا يَوْمَ الِاثْنَيْنِ مِنْ شَهْرِ كَذَا وَكَذَا ، وَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُخْرِجَ صَدَقَةً فَلْيَفْعَلْ ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ : { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى } .

؛كما قَالَ ﷺ عند الكسوف:: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ، فَادْعُوا اللَّهَ، وَكَبِّرُوا وَصَلُّوا وَتَصَدَّقوا.

التكبير والتهليل والتحميد.

عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ ، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ ﷺ بِالنَّاسِ ، فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ، ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ، وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ، ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ ، ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ مَا فَعَلَ فِي الْأُولَى ، ثُمَّ انْصَرَفَ ، وَقَدِ انْجَلَتِ الشَّمْسُ ، فَخَطَبَ النَّاسَ ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ ، لَا يَنْخَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَادْعُوا اللهَ وَكَبِّرُوا ، وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا”. ثُمَّ قَالَ: يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ ، وَاللهِ مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ ، أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ ، يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ ، وَاللهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ ، لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا ().

و- الصلاة على النبى ﷺ:

عَنِ الطُّفَيْلِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “جَاءَتِ الرَّاجِفَةُ، تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ”. فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ جَعَلْتُ صَلَاتَيْ كُلَّهَا عَلَيْكَ؟ قَالَ: “إِذًا يَكْفِيكَ اللَّهُ مَا أهَمَّك مِنْ دُنْيَاكَ وَآخِرَتَكَ”()

التَدَاعَى لأصحاب الكوارث والزلازل وإعانتهم على هذه النائبة:

فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: (كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ،…)().

وقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «تَرَى المُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ، كَمَثَلِ الجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى عُضْوًا تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالحُمَّى»().

قَوْلُهُ: ( كَمَثَلِ الْجَسَدِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى جَمِيعِ أَعْضَائِهِ وَوَجْهُ التَّشْبِيهِ فِيهِ التَّوَافُقِ فِي التَّعَبِ وَالرَّاحَةِ.

قَوْلُهُ: ( تَدَاعَى) أَيْ دَعَا بَعْضُهُ بَعْضًا إِلَى الْمُشَارَكَةِ فِي الْأَلَمِ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ تَدَاعَتِ الْحِيطَانُ أَيْ تَسَاقَطَتْ أَوْ كَادَتْ .

قَوْلُهُ: ( بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى) أَمَّا السَّهَرُ فَلِأَنَّ الْأَلَمَ يَمْنَعُ النَّوْمَ وَأَمَّا الْحُمَّى فَلِأَنَّ فَقْدَ النَّوْمِ يُثِيرُهَ

التدابير من الزلازل قبل وقوعها:

الإستعاذة من الخسف والزلازل:

عَنْ جُبَيْرِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ : “لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَدَعُ هَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ حِينَ يُمْسِي وَحِينَ يُصْبِحُ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي ، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَتِي وَقَالَ عُثْمَانُ : عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي ، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي ، وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي ، وَمِنْ فَوْقِي ، وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي.

التعوذ من التردي والهدم ونحوهما من آثار الزلازل:

عَنْ أَبِي الْيَسَرِ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كَانَ يَدْعُو ” اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَدْمِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ التَّرَدِّي ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْغَرَقِ وَالْحَرَقِ ، وَالْهَرَمِ ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَتَخَبَّطَنِي الشَّيْطَانُ عِنْدَ الْمَوْتِ ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ فِي سَبِيلِكَ مُدْبِرًا ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ لَدِيغًا “().

الدعاء على المشركين بالزلزلة:

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَوْمَ الْأَحْزَابِ :” اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ ، سَرِيعَ الْحِسَابِ ، اهْزِمِ الْأَحْزَابَ وَزَلْزِلْ بِهِمْ”

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى