السرقة عند الأطفال ..المفهوم والأسباب وطرق الوقاية والعلاج
السرقة سلوك مرضي يعبر عن حاجة نفسية لدى الطفل تحتاج إلى إشباع
بقلم :الدكتور أيمن فرج البرديني
يعيش الأطفال عالمهم الخاص الذي يتفردون به عن عالم الكبار، كونه عالم مختلف له خواصه وطبيعته وأهميته المميزة التي تختلف عن عالم الراشدين، عالم لا نستطيع الدخول إلى عمقه إلا باستعادة شخصيتنا الطفولية، وهي الطريقة التي من خلالها نستطيع أن نحدد الدوافع الكامنة وراء سلوكيات الطفل ومن ثم نستطيع اختيار الأسلوب الأمثل للتعامل معه.
فالنظرة إلى الطفل كراشد تبعدنا عن فهم سلوكياته كما أنها تحرمه من أن يعيش طفولته، ومن هنا فإن الحديث عن السرقة عند الأطفال كونها من اهم المشكلات التي تواجه الأسرة والمجتمع يعد من الموضوعات الشائكة التي تتداخل فيها عوامل متعددة منها التنشئة الأسرية والبيئة الاجتماعية والتربية المدرسية.
فالسرقة مفهوم واضح لدى الكبار يعرفون أبعاده وأسبابه وأضراره، أما الطفل فإنه لا يدرك تماماً مفهوم السرقة وأضرارها على المجتمع ونظرة الدين والقانون والأخلاق إليها.
لذلك فالسرقة سلوك يقلق الأهل أكثر من غيره من سلوكيات الأطفال، وفي هذا المقال سوف نتطرق إلى دراستها كسلوك مشكل عند الأطفال، وسوف نتناول الأسباب التي تؤدي إليها إلي جانب الحديث عن مجموعة من الطرق المختلفة التي تساعد على الوقاية والتخلص منها بشكل نهائي.
تعريف السرقة لدى الأطفال:
نستطيع أن نعرف السرقة بأنها أخذ الطفل لممتلكات شخص آخر دون وجه حق ودون إذن هذا الشخص أو موافقته ومن دون نية إرجاعه، وذلك بقصد حرمانه من ملكه والانتفاع به بغرض التمليك، وهي عادة يكتسبها الأفراد أي أنها ليست وراثية أو فطرية، وهي سلوك مرضي يعبر عن حاجة نفسية لدى الطفل تحتاج إلى إشباع.
وقد تبدأ السرقة لدى الأطفال بصورة واضحة في سن ٤ سنوات، والطفل في هذه السن عندما يسرق يفعل ذلك بشكل عفوي أو تلقائي، لأنه لم يصل إلى مرحلة النضج العقلي أو الاجتماعي الذي يجعله يميز ما يملكه، وما يملكه الآخرون أو بين الملكية العامة والخاصة.
ومن خلال هذا المفهوم فإننا نلاحظ أن هناك بعض الأطفال يأخذون أشياء خاصة ببعض الأطفال الآخرين أو العاب خاصة بقاعة الروضة، ولا ينبغي اعتبار أن هذه “سرقة” حتى يصبح الطفل في عمر أكبر نسبيا، عادة ٥ سنوات، حين يفهم أن أخذ شيء يمتلكه شخص آخر من دون إذنه يعد خطأ.
أسباب السرقة عند الأطفال:
يقوم الأطفال بالسرقة لعدة أسباب منها:
١- الجهل بمعنى الملكية:
فالطفل عندما تمتد يده لسرقة لعبة أخيه أو زميله في الروضة، لايفعل ذلك بدافع السرقة ولكنه يجهل معنى الملكية، فهو يعتقد أن ما فعله ليس أمراً مشيناً ولا مذموماً، لأن نموه العقلي والاجتماعي لا يمكنه من التمييز بين ما له أو ممتلكاته وما ليس له أو ممتلكات الآخرين، ومثل هذا الطفل لا يمكننا اعتباره سارقاً، فالطفل يعيش عادة في منزل كل ما فيه مللك للكبار فما ليس له يعده ملكاً له وأحياناً يغلق الأمر عليه فلا يعرف إن كانت لعبة معينة ملكاً له أو لأخته، والآباء بشرائهم لعبة واحدة لجميع الأطفال أو ألعاباً مختلفة يلعب بها كل الأطفال دون تمييز يظنون أنهم يعلمونهم الإيثار بدلاً من الأثرة، والواقع أنهم يربكون تفكيرهم، فالطفل يشعر بالحاجة للملكية شعوراً تلقائياً في سن مبكرة جداً، لذا يجب أن يشجع الشعور بالملكية من وقت ظهوره ولكن لا يجوز أن يبالغ في تشجيعه فيتحول إلى أنانية وجشع التملك، ولا يجوز أن يهدم بحيث لا يجد الطفل فرصة لفهم حقوقه وحقوق غيره، وإذا أردنا أن يحترم الطفل ملكية غيره وجب أن نبدأ نحن باحترام ملكيته، فيجب بقدر الإمكان أن يكون للطفل ملابسه الخاصة فلا يجوز أن يستعمل ما له وما لغيره بدون تمييز، ويكون له أطباقه وملاعقه ومنشفته الخاصة به وغير ذلك، ويسهل إحضار ذلك بألوان مختلفة بحيث يسهل التفريق بين متعلقاته ومتعلقات غيره.
وفي الأسر التي بها أطفال ذو أعمار متقاربة تحدث أحياناً مشاحنات يحسن إذا تدخلت الأم أن تفصل بالعدل فكل طفل يستعمل حقه، ولكن يصح أن يعطى الخيار في أن يترك لعبته لأخيه أحياناً، ولابد من حدوث هذه المنازعات قبل أن يتعلم الطفل الأخذ والعطاء والتعاون يجئ متأخراً عن تعلمه الملكية واعتزازه بها.
فالشعور بالملكية وتمييز الطفل بين حقوقه وحقوق غيره أو اهتمامه بهذا التمييز يبدأ في المنزل مع الطفل إلى المدرسة ثم إلى المجتمع الأكبر، ففكرة الأمانة وعد الأمانة يمكن تكوينها بحيث تصبح فكرة عامة تبدأ بدورها في السنوات الأولى من حياة الطفل.
٢- الفقر والحرمان:
في كثير من الحالات تكون الدوافع للسرقة دوافع مباشرة ظاهرة، فكثيراً ما يسرق الطفل لسد رمق، ويلاحظ أن معظم هؤلاء الأطفال يعيشون عيشة الكفاف، أو يعملون بأجور زهيدة لا تكفيهم فيضطرون للسرقة لتعويض ما ينقصهم بسبب فقرهم وعدم وجود نقود يشترون بها ما يحتاجونه، ومن هؤلاء من يسرق نقوداً أو أدوات أو سلع، ومنهم من يخطف الأطعمة المعروضة على العربات وفي المحال التجارية وغير ذلك، فالطفل قد يلجأ للسرقة لشراء شيء أو حاجة هو محروم منها، بسبب فقر أسرته أو بخل والده الشديد، فيسرق الطفل إما لشراء طعام يشتهيه لأنه جائع وليس معه نقود أو يسرق لسد رمق اخوته الصغار وأمه المقعدة العاجزة عن أي عمل بعد وفاة الأب، وهذا النوع من أسهل الحالات علاجاً.
وفي بعض الحالات تحدث السرقة لإشباع ميل أو عاطفة أو هواية، فيسرق الطفل ليشتري لعبة هو محروم منها، وقد يسرق لتأجير دراجة يركبها أو لمشاهدة فيلم في السينما أو لدخول مدينة الملاهي للاستمتاع باللعب الموجودة فيها.
٣- التقليد والمحاكاة:
قد يسرق الطفل رغبة في تقليد من هم أكبر منه سناً كالوالدين أو الأخوة أو غيرهم ممن يؤثرون عليه في حياته، خاصة إذا نشأ الطفل في بيئة إجرامية يعمل فيها كل من الأب والأم باحتراف السرقة، فيشعر الأهل بالسعادة عندما يقوم ابنهم بسرقة شيء ما وبهذا يشعر الطفل بالسعادة ويستمر في عمله، وقد يلجأ الطفل للسرقة تقليداً لأمه، خاصة عندما يراها تمد يدها لحافظة أبيه لتستولي في تكتم وسرية شديدة على بعض النقود دون إخبار والده بذلك، كذلك يتأثر الأطفال بالبيئة المحيطة بهم ويقعون تحت تأثير الآخرين سواء كان ذلك عبر التأثير المباشر للأصدقاء فيلجئون للسرقة تقليداً لأصدقائهم رفقاء السوء، ولإثبات أنهم الأقوى أمامهم، ولعلهم يتنافسون في ذلك، أو يقعون تحت التأثير غير المباشر لعروض الأفلام ووسائل الإعلام التي تقدم مغامرات وممارسات تصور السارق على أنه بطل قوي يحقق إنجازات لا يقدر عليها الكثيرون، وهذا من ميادين القدوة السيئة التي تعزز هذا السلوك السيئ لدى بعض الأطفال، والطفل في جميع الحالات السابقة هو مقلد لنموذج سيئ اقتدى به سواء كان أحد الوالدين أو أحد أصدقائه أو أحد النماذج التي يراها في وسائل الإعلام.
٤– الغيرة والانتقام من الآخرين:
قد يلجأ الطفل للسرقة في بعض الأحيان بدافع الانتقام، فقد يسرق الطفل والده لأنه صارم وقاسٍ في معاملته له، فيتجه الطفل للسرقة انتقاماً من والده على معاملته القاسية والسيئة له، كردة فعل عدوانية من الطفل ورغبة في التمرد على السلطة.
وقد يسرق الطفل والديه إذا وجد أنهما انصرفا عنه وأهملا رعايته وشئونه، أو فقد الشعور بالأمن والرعاية والاستقرار نتيجة التفكك والاضطراب في الأسرة، فيلجأ الطفل للسرقة كرد فعل لتجاهلهما له، ورغبة منه في الإثارة وجذب الاهتمام، كأسلوب لا شعوري في إشباع حاجته إلى الأمن الذي يشعر بأنه مهدد أو كأسلوب للحصول على بديل مادي عن حنان الوالدين المفقود.
كذلك وبسبب إحساس الطفل بالغيرة نتيجة لتفوق أقرانه عليه أو بسبب استشعاره أن أحداً يميزهم عنه يسعى لسرقتهم من باب الإيذاء وليس من باب تحقيق الاحتياجات وفي هذه الحالة قد يسرق أشياء لا قيمةَ لها، وقد يسرق الطفل زميله في الروضة، لأنه يغار منه، لأن زميله طفل متفوق ومشهود له بالخلق الحسن، وله مكانة مميزة عند مدرسيه، في حين أن الطفل السارق على العكس من هذا، هنا يلجأ الطفل للسرقة بدافع الغيرة أولاً، وقد تتحول هذه الغيرة للانتقام في حالة قيام الوالدين أو أحد المدرسين بعقد مقارنة بين هذا الطفل المتفوق والطفل السارق، وبالطبع لا تكون المقارنة في صالحه، فيلجأ للسرقة بدافع الانتقام.
٥- الخوف من العقاب والتخلص من مأزق:
في بعض الأحيان يفقد الطفل إحدى لعبه، وهو يلعب مع زملائه خارج المنزل مثل كرته التي اشتراها له والده، أو ساعته، أو إحدى أدواته المدرسية فيخشى الطفل من إخبار والديه بذلك خوفاً من عقابهما له وقيامهما بضربه، وللتخلص من هذا المأزق يلجأ الطفل للسرقة، وغالباً ما يسرق نقود أحد والديه ليشتري لعبة أخرى شبيهة باللعبة التي فقدها، لإخفاء فعلته، واتقاء لعقاب والديه.
٦- حب الاستطلاع والاستكشاف:
أحياناً يكون سبب ودافع السرقة عند الأطفال هو سلوك الوالدين خاصة الأم، فشدة حرص الوالدين والسعي الدائم والمبالغ فيه للاحتفاظ بالأشياء الغالية والرخيصة وتغليق الأبواب ووضع الأقفال وإبعاد كل شيء عن متناول الطفل، والمبالغة في اتخاذ الاحتياطات الأمنية للحفاظ على الأشياء، يؤدي بالطفل بدافع حب الاستطلاع ومحاولة اختراق الحجب المفروضة والاستكشاف لمعرفة ما يقوم والديه بإخفائه عنه، والعبث به أو سرقته، وخاصة إذا نسيت الأم وتركت إحدى الخزائن مفتوحة فتجد الطفل قد سارع بانتهاكها.
٧- التدليل الزائد:
الطفل الذي تعود أن يدرك كل ما يتمناه ثم يفاجأ بالمنع أو الرفض لطلب من طلباته قد يلجأ إلى السرقة بسبب دوام تعوده على تلبية كل ما يريده، مع تقصير الآباء وسكوتهم عن بوادر هذا السلوك الشاذ وتبريرهم الخاطئ لفعل السرقة مثل قولهم بأن الطفل لا يزال صغيرا أو لا يدرك ما يفعل دون زجره ومعاقبته بالأسلوب المناسب، مما يشجعه على الاستمرار في هذا الاتجاه.
٨- التفاخر و المباهاة:
بعض الأطفال يعانون من الحرمان من اللعب أو الأدوات التي تروق لهم كالساعات أو الهواتف الحديثة، وذلك بسبب الفقر أو ضيق ذات اليد، وعندما يشاهدون هذه الأشياء مع أصدقائهم في المدرسة يشعرون بالغيرة والنقص، خاصة عندما يتفاخر أصدقاؤهم بهذه الأشياء، فيلجأ هؤلاء الأطفال لسرقة مثل هذه الأشياء، أو أفضل منها، ليتفاخروا بها على أصدقائهم، مدعين أن آباءهم قاموا بشرائها لهم.
وفي بعض الحالات قد يكون الطفل ابن لموظف بسيط أدخله والده مدرسة بها أبناء الطبقات العليا، فيسعى الطفل للحصول على مركز مرموق بين الزملاء فيلجأ للسرقة ليجاري زملاءه في الإنفاق أو يتفاخر بالإنفاق عليهم ليشعرهم بأنه ليس أقل منهم.
9- هوس السرقة:
وهي حالات مرضية تحتاج لاستشارة طبيب نفسي لعلاجها، مثل الرغبة المرضية في التملك، وهذه تحدث في بعض الأطفال المدللين الأنانيين الذين لا يشبعهم شيء، فبالرغم من سعي الوالدين لتوفير كل شيء لهم إلا أنهم لا يملأ عيونهم شيء، وتمتد أيديهم إلى كل ما تراه عيونهم، وهي حالة مرضية يلجأ فيها الطفل لسرقة أشياء ليس لها قيمة حقيقية، وفي نفس الوقت هو ليس في حاجةٍ إليها.
وقد يكون دافع السرقة أخراج كبت يشعر به الطفل بسبب ضغط معين، ولذا يقوم بالسرقة طلباً للحصول على الراحة، وقد يكون سبب الكبت إحباط أو ميلاد أخ جديد، وهذه الحالة تأتي في صورة نوبات وكل نوبة تكون مسبوقة بتوتر شديد لا يخف إلا بعد السرقة، وهي نوع من الفعل القهري وقد يشعر الطفل بالندم بعدها.
أساليب الوقاية من مشكلة السرقة عند الأطفال:
١- تعليم القيم:
على الأهل أن يعلموا الأطفال القيم والعادات الجيدة، والاهتمام بذلك قدر الإمكان، وتوعيتهم أن الحياة للجميع وليس لفرد معين، وحثهم على المحافظة على ممتلكات الآخرين، حتى في حال عدم وجودهم، فنشوء الطفل في جو يتسم بالأخلاق والقيم الحميدة يؤدي إلى تبني الطفل لهذه المعايير.
وغرس خلق الأمانة في نفوس الأطفال ليس واجب الآباء والأمهات فقط، بل هو واجب المجتمع ككل، فعلى معلمات الروضة والمدرسات في رياض الأطفال الاهتمام بغرس خلق الأمانة معنوياً ومادياً كسلوك إيجابي في نفوس الأطفال، من خلال توضيح أن الأمانة من الصفات الحميدة، واستخدام الأسلوب القصصي في إظهار قيمة الأمانة ومحاولة تمثيل شخصيات هذه القصة، ومكافأة الأطفال الذين يصدر عنهم سلوك يدل على الأمانة، كإعطائهم جوائز عينية، أو شهادات تقدير … الخ، مع اهتمام وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة بنشر قصص الفضيلة والأمانة والخلق القويم، وكيف أن الأمانة تلقى المكافأة، ورضا المجتمع وتقديره.
٢- يجب أن يكون هناك مصروف ثابت للطفل:
يستطيع أن يشتري به ما يشعر أنه يحتاج إليه فعلاً، حتى لو كان هذا المصروف صغيراً، ولو كان مقابل عمل يؤديه في المنزل بعد المدرسة، يجب أن يشعر الطفل بأنه سيحصل على النقود من والديه إذا احتاج لها فعلاً.
٣- عدم ترك أشياء يمكن أن تغري الطفل وتشجعه للقيام بالسرقة:
مثل النقود وغيرها من الوسائل التي تساهم بتسهيل السرقة.
٤- تنمية وبناء علاقات وثيقة بين الأهل والأبناء:
علاقات يسودها الحب والتفاهم وحرية التعبير حتى يستطيع الطفل أن يطلب ما يحتاج إليه من والديه دون تردد أو خوف.
٥- الإشراف المباشر على الطفل:
بالإضافة إلى تعليمهم القيم والاهتمام بما يحتاجونه فالأطفال بحاجة إلى إشراف ومراقبة مباشرة حتى لا يقوم الطفل بالسرقة وإن قام بها تتم معرفتها من البداية ومعالجتها، لسهولة المعالجة حينها.
كما يجب على الوالدين مساعدة الطفل على حسن اختيار رفاقه وأصدقائه، فعليهم أن يختاروا لأطفالهم الرفقة الصالحة، الذين يكتسبوا منهم كل خلق كريم وأدب رفيع وعادة فاضلة.
٦- الحرص على وجود القدوة والمثل الأعلى:
ليكن الوالدين ومن يكبرون الطفل سناً هم المثل الأعلى للطفل بمعاملته بأمانه وإخلاص وصدق، مما يعلم الطفل المحافظة على أشياءه وأشياء الآخرين.
٧- تعليم الأطفال حق الملكية:
يجب إفهام الطفل حقوقه وواجباته، وأن هناك أشياء من حقه الحصول عليها، وأشياء ليس من حقه الحصول عليها، وتعليمه كيفية احترام ملكية الآخرين، حتى يشعر بحقه في ملكية الأشياء التي تخصه فقط، ونعلمه كيف يرد الأشياء إلى أصحابها إذا استعارها منهم وبإذنهم، وإذا حدث واعتدى الطفل على ملكية أخيه فعلينا أن نعلمه خطأه من خلال درس عملي، فلنأخذ منه إحدى لعبه أو أدواته ونعطيها لأخيه، فإذا ثار واعترض علمناه أنه كما يثور لأننا اعتدينا على ملكيته، فإن أخاه ثار أيضاً، لأننا اعتدينا على ملكيته، وبذلك سيتيقن الطفل أنه من غير المستحب الاعتداء على ملكية الآخرين.
علاج مشكلة السرقة عند الأطفال:
١- التصرف بموضوعية:
عند حدوث سلوك السرقة يجب على الأهل البحث عن الخطأ والأسباب التي دعت إلى ذلك السلوك سواء كان ذلك من داخل البيت أو من خارجه والتصرف بأقصى سرعة.
٢- السلوك الصحيح:
يجب أن يفعل الأهل ما يرونه في صالح أطفالهم وذلك بمعالجة الأمر بروية وتأني، وذلك بأن يعيد ما سرقه إلى الشخص الذي أخذه منه مع الاعتذار منه ودفع ثمنه إذا كان الطفل قد صرف واستهلك ما سرقه.
٣- مواجهة المشكلة:
معالجة الأمر ومجابهته بجدية سيؤدي إلى الحل الصحيح وذلك لخطورة الموقف أو السلوك وذلك يتطلب معرفة السبب وراء سلوك الطفل هذا المسلك الغير مناسب ووضعه في مكان الشخص الذي سرقه وسؤاله عن ردة فعله وشعوره إذا تعرض هو لذلك.
٤- الفهم:
يجب علينا أن نفهم لماذا قام الطفل بذلك وما هي دوافعه وذلك قد يكون مرجعه إلى الحرمان الاقتصادي بسبب نقص مادي يشعر به الطفل أو لمنافسه زملاؤه ممن يملكون النقود، وقد يكون السبب الحرمان العاطفي وذلك لشعور الطفل بالحرمان من الحنان والاهتمام ممن هم حوله، وقد يكون لعدم إدراك الطفل لمفهوم السرقة وما الفرق بينها وبين الاستعارة، وبالتالي الفهم الصحيح للسبب يترتب عليه استنتاج الحل المناسب، فإذا كان الدافع اقتصادي يتم تزويد الطفل بما يحتاجه من نقود وإفهامه بأن يطلب ما يحتاجه، أما إن كان الحرمان عاطفياً فيجب إظهار الاهتمام به وبحاجاته وقضاء الوقت الكافي معه وقد يكون لعدم الإدراك وهنا يجب التوضيح للطفل ما تعني السرقة وما الفرق بينها وبين الاستعارة، وشرح القواعد التي تحكم الملكية له بأسلوب بسيط وتجنب العقاب حتى لا يترتب عليه الكذب.
كما يجب عدم معايرة الطفل أمام إخوته أو أصدقائه في المدرسة في حالة السرقة، وأن يبتعد الوالدان عن مناداته أمام الآخرين بألفاظ تجرح كرامة الطفل كمناداته “يا لص .. يا سارق”، وعدم عقابه أمام الآخرين، لأن الوالدين لو فعلا ذلك فإنهما يدمران صحة الطفل النفسية، ويدفعانه لمعاودة السرقة، انتقاماً منهما لمعايرتهما له أمام إخوته وأصدقائه وجرح كرامته.
٥- التزام الهدوء:
عند حدوث السرقة يجب عدم التصرف بعصبية ويجب أن لا تعتبر السرقة فشل لدى الطفل، ولا يجب أن تعتبر أنها مصيبة حلت بالأسرة، بل يجب اعتبارها حالة خاصة يجب التعامل معها ومعرفة أسبابها، وحلها وإحسان طريقة علاجها، ولكن دون المبالغة في العلاج، وأن لا تكون هناك مبالغة في وصف السرقة، والمهم في هذه الحالة أن نخفف من الشعور السيئ لدى الطفل بحيث نجعله يشعر بأننا متفهمون لوضعه تماماً، وأن لا توجه تهمة السرقة للطفل مباشرة.
٦- المراقبة:
على الأهل مراقبة سلوكيات أطفالهم كالسرقة والغش، ومراقبة أنفسهم لأنهم النموذج لأبنائهم وعليهم مراقبة سلوكياتهم وألفاظهم وخصوصاً الألفاظ التي يلقبون بها الطفل حين يسرق كما يجب أن يشرح له أهمية التعبير، ومعرفة الأهل أن الأطفال حين يقعون في مشكلة فإنهم بحاجة إلى مساعدة وتفهم الكبار ومناقشتهم بهدوء.
ويجب أن لا يصاب الآباء بصدمة نتيجة سرقة ابنهم وأن لا يأخذوا في الدفاع عنه حتى لا يتطور الأمر ويبدأ الطفل بالكذاب توافقاً مع دفاع أهله عنه بل الواجب أن يتعاونوا من أجل حل هذه المشكلة.