السعودية : قُبلات حميمة وعناق علني بالرياض ..ليست هذه بلاد الحرمين !!
بقلم / الدكتور محمد النجار
لم أكد اخرج من المسجد بعد الصلاة لأستكمل الاذكار والاستغفار في الطريق إلا وفاجئني شاب وكأنه يتربص بي عند باب المسجد بعد أداءه للصلاة بسرعة ويفاجئني : هل رأيت القبلات الحارة والعناق علنا في السعودية وفي قلب عاصمتها الرياض ؟ فلم أعره اهتماما لكثرة مثل هذه الاخبار والمبالغات، ولاحظ الشاب عدم اهتمامي ، فأعاد السؤال بإصرار وكأنه يريد أن يصعقني فعلا لأنني من محبي السعودية ولي فيها كثير من الاحبة ، فرددت عليه بأنني لم أر هذا وربما هذه من الاشاعات التي تريد الاساءة للسعودية بلد الحرمين الشريفين “مكة والمدينة” بل وتسعى لضم “المسجد الاقصى”. لينال رعايتها والدفاع عنه في وجه الصهاينة اليهود والصهاينة العرب ايضا ، ولكن الشاب أصر على صحة الخبر ، وقال :إن لم تكن مصدقا لي ، فارجع لوسائل الاعلام الخليجية وستتحقق بنفسك .
وأسرعت الخطى لفتح وسائل الاعلام الخليجية وكادت تنكسر قدمي من لهفتي على تكذيب هذا الشاب ، وفتحت وسائل الاعلام !!..وياليتني مافتحت !، فقد صُعقت من رؤية الخبر في جريدة “ارم نيوز” الاماراتية بنشرها صورة فاضحة لشاب وفتاة في حالة عناق و قبلات أمام جميع الشباب دون خجل أو خوف أو حياء في مهرجان “سباق الألوان الترفيهى” الذى أقيم في منطقة البوليفارد شمال العاصمة الرياض يوم السبت 26 اكتوبر 2019، وسأنشر لكم تلك الصورة لربما يساوركم شك عن هذه الصورة الوقحة التي يبنغي ألا تُنشر في وسائل اعلام دولة مسلمة فضلا على انها دولة الحرمين الشريفين.
وقرأت تعليقات القراء السعوديين من الجنسين في تويتر على هذه الصورة ، ووجدت غالبيتها تستنكر وترفض هذه الصورة بل كثيرون لايصدقون ان هذا الفعل الفاحش ربما كان على ارض غير السعودية من شدة الاستغراب والاستنكار..
انها صدمة كبيرة ليس للاخوة السعوديين والسعوديات بل لكل مسلم غيور على دينه ومقدساته..إنها صدمة حقيقية تتصادم مع العادات والتقاليد العربية في السعودية “بلد الحرمين الشريفين” فضلا عن مخالفتها لشعار العلم الأخضر الذي يشير الى الدين الاسلامي وما تفتخر به السعودية بتطبيقها للشريعة الاسلامية.
وأتذكر كم كنت سعيدا عندما وطأت قدماي أول مرة مطارا بالسعودية وأنا استنشق عبق الشريعة الاسلامية التي كانت تشتاق لها نفسي وروحي ، وكنت أشعر بالفخر وأنا أتجول في الاسواق السعودية وأرى هيبة هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي تتجول وينصح مندوبها النساء – دون النظر للديانة او الجنسية – بالحشمة والملابس الطويلة وتغطية الجسد وعدم التبرج ، وكانت النساء تستجبن لأنها تشعر بأنها ليست أوامر البشر بل هي الاوامر الآلهية التي نزلت من السماء لحماية المرأة والرجل والمجتمع كله ، ولم يكن يجرأ رجل او امرأة تخالف تلك التعاليم حتى لو كانوا غير مسلمين، وكانت روحي تحلق مع القرآن الكريم أنا واولادي الصغار في المسجد الذي يمتلأ بالمصلين رجال ونساء والباعة والمتسوقين حيث تُغلق كافة المحلات أثناء الصلاة ولا يرتفع صوت غير صوت الصلاة ، وكنت اشعر بالطمأنينة عندما أشاهد الأجهزة القضائية والتنفيذية وهم يجلدون العصاة في الشوارع على الجرائم الصغيرة والمتوسطة ، كما شاهدت مرات كثيرة بالساحات العامة تنفيذ القصاص علنا في القتلة و المجرمين والعتاة بقطع أعناقهم ورؤسهم يوم بعد صلاة الجمعة عند المساجد حتى يرتدع الطغاة والمجرمون ، وترتدع كل من تسول له نفسه الإقبال على الجريمة . ولم يكن هذا شعوري وحدي بل شعور كل مسلم خاصة القادمين للملكة للأقامة والعمل ، وكان الكل يتمنى ان تنتقل تلك الصورة لبلادهم في تطبيق الشريعة الاسلامية ، وفي محاسبة القتلة والمغتصبين والمتحرشين وكافة السفلة والمجرمين .
ولهذا كان حب السعودية وهيبتها تملأ قلوب جميع المسلمين لأنها كانت تمثل راية العالم الاسلامي كله ، ولا أحسب أني مخطئ في قولي بأن الخيرات التي كانت تتدفق عليها من الارض والسماء إنما هي بركات ذلك المنهج الاسلامي والشريعة التي كانت تتبعها بالاضافة الى دعاء المخلصين من ابناء الامة الذين كانوا سعداء بتطبيق هذا المنهج وتلك الشريعة ، وكانوا يدافعون عنها في كل محفل وعلى استعداد للدفاع عنها بأرواحهم.
إن ما تمر به السعودية حاليا ، وتراجعها عن هذا المنهج الاسلامي والاستجابة للتطبيع مع العدو الصهيوني ، ومايراه المسلمون لما تقوم به هيئة الترفيه السعودية – “التي ربما أُنشأت لتكون بديلا لهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر” – من فعاليات وبرامج لمثل هذه الصورة القبيحة وما سمعنا عنه سابقا مثل الديسكو الحلال وغيره ، انما هو تراجع واضح – يلحظه القاصي والداني- في منظومة القيم والاخلاق التي يُراد للسعودية ان تتراجع عنها و عن شريعتها الاسلامية بذريعة التحول للانفتاح والعصرنة ، والحقيقة انما هو تحول للتخلف والانحدار الاخلاقي والاجتماعي والاقتصادي تطمح له القوى المعادية للاسلام والمسلمين المتمثلة في الصهيونية العالمية التي ترتب للتطبيع بين السعودية والعالم العربي لالتهام المسجد الاقصى وكامل ارض فلسطين لتتفرغ للسيطرة على كل العالم العربي والاسلامي .
انها صيحة المحبين لبلاد الحرمين الشريفين ، فهل من مستجيب قبل فوات الأوان؟
د.محمد النجار الاثنين 28/10/2019 الموافق 29صفر1441هـ