السودان : اتفاقية جوبا تعود بقوة مع الحكومة الجديدة

Table of Contents
Toggleتصعيد على حدود إفريقيا الوسطى وفوضى أمنية تضرب نيالا
✍️ كتبت: د. هيام الإبس
يشهد المشهد السياسي السوداني توترات متصاعدة، في ظل مساعي رئيس الوزراء الجديد، د. كامل الطيب إدريس، لتشكيل حكومة تكنوقراط غير حزبية، وهو ما أثار اعتراضات من قِبل أطراف اتفاق جوبا للسلام، التي ترى أن استحقاقاتها السياسية مهددة بالتهميش.
اعتراضات قوى السلام: مناوي يلوّح بالتصعيد
شنّ مني أركو مناوي، حاكم إقليم دارفور، هجوماً لاذعاً على بعض المسؤولين، متهماً إياهم بتسريب محاضر اجتماعات بعد تزويرها، بهدف “الاغتيال المعنوي”. وهدد مناوي بالتصعيد الإعلامي، محذراً من “الأساليب الجبانة التي لا تليق بالحكام”، على حد وصفه.
يأتي ذلك في أعقاب اجتماعٍ عُقد ببورتسودان بين د. كامل إدريس وعدد من أطراف اتفاق جوبا، لمناقشة حصة الحركات المسلحة في التشكيل الوزاري، وسط أنباء عن تمسك تلك الحركات بحقائبها الوزارية الممنوحة بموجب اتفاق السلام الموقع في 2020.
كامل إدريس: حكومة كفاءات لا محاصصات
رئيس الوزراء د. كامل إدريس أكد، في خطابه الأخير، عزمه تشكيل حكومة من 22 وزارة تضم كفاءات مدنية مستقلة “بعيدة عن المحاصصات الحزبية”، داعياً الكفاءات الوطنية لتقديم سيرهم الذاتية.
وشدد إدريس على أن اختيار الوزراء سيتم وفقًا لمعايير الكفاءة والنزاهة والخبرة، لا على أساس الانتماء السياسي أو الجغرافي، مؤكداً احتفاظه بحق اختيار الفريق الحكومي دون تدخل.
اجتماع بورتسودان: تأكيد على اتفاق جوبا
في المقابل، أكّد اجتماع بورتسودان، الذي ضم رئيس الوزراء وأطراف العملية السلمية، على الالتزام الكامل باتفاق جوبا للسلام، مشددًا على أهمية احترام العهود، والتركيز على دعم القوات المسلحة في الحرب الجارية، وتوفير الأمن والمعيشة للمواطنين.
وتنص المادة 8.3 من اتفاق جوبا على احتفاظ الموقعين على الاتفاق بمناصبهم الحكومية حتى نهاية الفترة الانتقالية، مع منحهم الحق في ترشيح البديل حال شغور الموقع، وهو ما تتمسك به الحركات المسلحة.
معتصم صالح: لا لإقصاء الهامش
وفي مقال نشره الأسبوع الماضي، أكد معتصم أحمد صالح، الأمين السياسي لحركة العدل والمساواة، أن التلويح بإلغاء اتفاق جوبا “دعوة خطيرة لهدم ما تبقى من الاستقرار”، واصفًا الحملات ضد الاتفاق بأنها “محاولة لإعادة الهيمنة المركزية وإقصاء قوى الهامش”.
وقال صالح إن التمسك بالاستحقاقات المنصوص عليها في الاتفاق لا يعد ابتزازًا سياسيًا، بل هو دفاع عن الحقوق، داعيًا إلى احترام الاتفاقيات ومخاطبة جذور التهميش.
تحفظ شرق السودان على تعيين إدريس
من جانبه، أعلن الأمين داوود، رئيس الجبهة الشعبية المتحدة لشرق السودان، تحفظه على تعيين د. كامل إدريس رئيسًا للوزراء، مشيرًا إلى غياب التشاور مع مكونات الشرق، محذرًا من عواقب تهميش الإقليم.
تحليل سياسي: لقاء حاسم في توقيت دقيق
وصف الإعلامي والمحلل السياسي مجدي عبد العزيز، اجتماع بورتسودان، بأنه من أبرز خطوات إدريس منذ توليه المنصب، مشيرًا إلى أن مشاركة أطراف السلام أمرٌ جوهريٌّ في أي عملية سياسية مقبلة، خاصة وأن هذه القوى انتقلت من العمل المسلح إلى المساهمة في بناء الدولة.
الحدود الملتهبة: نزاع دموي في جنوب دارفور
ميدانيًا، شهدت منطقة “أم دافوق” بولاية جنوب دارفور أحداث عنف دامية، أسفرت عن مقتل 4 سودانيين وإصابة آخر، إثر اشتباكات بين قبيلة التعايشة السودانية وقبيلة الكارا من إفريقيا الوسطى، بعد هجوم على رعاة سودانيين في منطقة “أم سيسية”.
وقد تصاعدت حدة النزاع في المناطق الحدودية مع جمهورية إفريقيا الوسطى، وسط موجات نزوح وغياب أمني، بعد مقتل 10 سودانيين آخرين في حوادث متفرقة، شملت مناطق “إنجليز” و”ترفيلة”، بحسب ما نقلته منصة دارفور24.
نيالا تحت قبضة الفوضى: جرائم ونهب واختطاف
في مدينة نيالا، عاصمة جنوب دارفور، يتواصل الانفلات الأمني بصورة مروعة، مع انتشار جرائم القتل خارج القانون، والنهب، والابتزاز، والاختطاف للحصول على فدية، وسط اتهامات مباشرة لقوات الدعم السريع بإدارة هذه الفوضى.
وأفادت مصادر محلية بأن مئات المقاتلين المنسحبين من جبهات القتال في الخرطوم والجزيرة وسنار، انخرطوا في عمليات سلب ونهب، مما اضطر العشرات من التجار والموظفين للاختباء داخل منازلهم.
معتقلات سرية واختفاء قسري
تحدثت تقارير عن اختفاء أكثر من 100 شخص خلال شهرين، وسط أنباء عن وجود معتقلات سرية تديرها قوات الدعم السريع، من أبرزها “غابة النيم” ومبنى الاستخبارات العسكرية السابق، حيث يُحتجز فيها مدنيون وضباط متقاعدون بتهم “التخابر مع الجيش”.
الدعم السريع ينفي ويحمّل أطرافًا أخرى المسؤولية
من جانبه، نفى مستشار قائد قوات الدعم السريع، مصطفى محمد إبراهيم، تورط قواته في هذه الانتهاكات، مؤكداً أن “عناصر متفلتة استغلت ظروف الحرب”، واتهم أطرافاً من النظام السابق بتحريك العصابات لزعزعة الاستقرار، مشيرًا إلى تنفيذ خطة أمنية شاملة للسيطرة على الوضع.