السودانشئون عربية

السودان :تصعيد عسكري في الولاية الشمالية وانتقال المعارك إلى مناطق استراتيجية

تحقيقات تكشف تورط كينيا في دعم مليشيا الدعم السريع بالسودان

 

كتبت: د. هيام الإبس

في تصعيد جديد للمواجهات المسلحة بالسودان، أعلنت المقاومة الشعبية المسلحة بمحلية وادي حلفا والوحدة الإدارية بمنطقة عبري في الولاية الشمالية، عن رفع حالة التأهب الأمني إلى الدرجة القصوى، وذلك عقب سيطرة مليشيا الدعم السريع على منطقة “المثلث” الاستراتيجية التابعة إداريًا للولاية.

وأكدت مصادر محلية انتشار مئات المقاتلين التابعين للمقاومة الشعبية مدعومين بمركبات عسكرية داخل شوارع المدينة، في تحركات تهدف لتعزيز الدفاعات المحلية. وصرح أبو عبيدة ميرغني برهان، المدير التنفيذي لمحلية وادي حلفا ورئيس اللجنة الأمنية، بأن القوات على الجبهة الغربية من نهر النيل مستعدة تمامًا للدفاع عن الولاية والبلاد بأكملها، مطالبًا المواطنين بعدم الانجرار وراء الشائعات التي تروجها منصات إعلامية تابعة للمليشيا، مؤكدًا أن الأوضاع الأمنية تحت السيطرة.

السيطرة على جبال “كرب التوم”

في السياق ذاته، أعلنت مليشيا الدعم السريع سيطرتها على منطقة جبال “كرب التوم”، ذات الأهمية الاستراتيجية الواقعة بين الولاية الشمالية وإقليم دارفور، وذلك بعد انسحاب قوات مشتركة تابعة للحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش السوداني إلى منطقة “جبل عطرون”. وتعد هذه السيطرة تقدمًا جديدًا قد يمهد لتوسع المليشيا شمالًا، ما أثار مخاوف شعبية وحكومية من نوايا هجومية محتملة على الولاية.

وتكتسب “كرب التوم” أهمية استراتيجية نظرًا لكونها ممراً رئيسيًا للإمداد العسكري واللوجستي بين دارفور وكردفان، كما تُعد بوابة لمناطق حيوية في شمال السودان قرب الحدود مع مصر وليبيا.

تحركات قبلية في دارفور

كشفت مصادر محلية من نيالا، حاضرة ولاية جنوب دارفور، عن وجود اتصالات سرية بين عدد من نظار القبائل المتحالفة مع الدعم السريع وضباط من الجيش السوداني، بهدف تأمين ممرات آمنة لأبناء قبائلهم في ظل الانهيار المتسارع في صفوف المليشيا نتيجة نقص حاد في الإمدادات العسكرية والغذائية، إلى جانب الهجمات المكثفة من سلاح الجو السوداني.

كينيا في دائرة الاتهام

وفي تطور خطير، كشف تحقيق استقصائي أجرته منصة “Bellingcat” بالشراكة مع صحيفة “Nation Daily” الكينية، عن تورط كينيا في نقل ذخائر وأسلحة إلى مليشيا الدعم السريع. وأظهر التحقيق، المدعوم بصور وفيديوهات وبيانات تحليل مفتوحة المصدر، أن صناديق ذخيرة وصلت إلى السودان عبر وسطاء إقليميين تحمل علامات وزارة الدفاع الكينية، وتم نقلها بغطاء لوجستي واستخباراتي. كما تم توثيق شحنات أسلحة صينية ضمن الدعم، مما يثير تساؤلات حول شبكات إقليمية تسهم في تغذية النزاع.

وسلط التحقيق الضوء على أدوار مشبوهة لدول مثل الإمارات وكينيا وتشاد في دعم الحرب الجارية بالسودان، ورفد مليشيا الدعم السريع بإمدادات تعزز قدراتها العسكرية في مواجهة الجيش النظامي.

أزمة “صمود” ومذكرة دعم أممية

وعلى الصعيد السياسي، وجه أكثر من 60 كيانًا سياسيًا ومجتمعياً سودانيًا مذكرة دعم إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، دعمًا للمبعوث الخاص إلى السودان رمطان العمامرة، في مواجهة مذكرة مضادة سبق أن تقدم بها تحالف “صمود”.

واتهمت المذكرة الرافضة لمواقف “صمود” الجهات الموقعة على الخطاب السابق بالافتقار للصفة التمثيلية أو التفويض الشعبي، معتبرة أن طعنهم في أداء المبعوث الأممي يمثل تجاوزًا واختراقًا لصلاحيات المنظمة الدولية. كما اتهمت هذه المجموعة بمحاولة تشكيل حكومة موازية، وبالتحالف الضمني مع قوات الدعم السريع.

وأكد الموقعون دعمهم الكامل لخارطة الطريق التي تتبناها الحكومة السودانية نحو التحول الديمقراطي، مشيدين بدور العمامرة في دعم عملية السلام، ومجددين الثقة في الأمم المتحدة كطرف فاعل في الحل السياسي.

مقترح لفترة انتقالية من 10 سنوات

من جهة أخرى، طرح تحالف “صمود” رؤية سياسية تدعو لفترة انتقالية مدتها 10 سنوات تتضمن مرحلتين، تركزان على إعادة الإعمار والترتيبات الأمنية والعدالة الانتقالية. وأعلن المتحدث باسم التحالف، بكري الجاك، بدء التواصل مع أطراف سياسية ومدنية منها الكتلة الديمقراطية، وحزب البعث، والمؤتمر الشعبي، والتجاني السيسي، ومبارك الفاضل، للوصول إلى توافق شامل بشأن إنهاء الحرب.

وأكد التحالف انخراطه في حوار مباشر مع حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد النور، في إطار مبادرة تسعى لتأسيس جبهة مدنية واسعة مناهضة للحرب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى