السودان فى المقدمة.. خمسة نزاعات منسية خلال العام 2024

كتبت: د.هيام الإبس
جاء السودان فى مقدمة البلدان التى لم تجد الحرب العنيفة الدائرة فى أرضه منذ نحو 19 شهراً الاهتمام الكافى إعلامياً على المستوى العالمى
نشرت وكالة “فرانس برس”، تقريراً حديثاً، سلط الضوء على العديد من النزاعات التى لا تحظى بالتغطية الإعلامية فى أماكن عديدة فى العالم، بعكس الحربين اللتين تصدرتا عناوين الأخبار بانتظام خلال العام 2024، فى الشرق الأوسط وأوكرانيا.
حيث جاء السودان فى مقدمة البلدان التى لم تجد الحرب العنيفة الدائرة فى أرضه منذ نحو 19 شهراً الاهتمام الكافى إعلامياً على المستوى العالمى.
فالسودان يشهد منذ أبريل 2023 حرباً بين القوات شبه العسكرية والجيش، وتسبب الصراع، الذى تعتبره الأمم المتحدة أحد أسوأ الكوارث الإنسانية فى التاريخ الحديث، فى مقتل ما بين 20 ألف و150 ألف شخص بالإضافة إلى ما يقدر بنحو 11 مليون نازح.
ويضاف إلى تداعيات هذا النزاع المتواصل، شبح المجاعة، حيث يحتاج 26 مليون شخص، أى حوالى نصف السكان، إلى المساعدات الغذائية بشكل متواصل.
ووفقا للتقرير وجهت مراراً وتكراراً اتهامات للأطراف المتنازعة بارتكاب جرائم حرب لاستهدافهم المدنيين عمداً.
وفى نهاية أكتوبر، حذرت الأمم المتحدة من الحجم “المذهل” للعنف الجنسى المتفشى منذ بداية النزاع، مؤكدةً أن حالات الاغتصاب، بما فى ذلك الاغتصاب الجماعى، مستشرية.
النزاع الثانى الذى تناوله التقرير يتعلق بجمهورية الكونغو الديموقراطية، حيث يواجه منذ نهاية العام 2021 شرق جمهورية الكونغو الديموقراطية عودة ظهور حركة “إم 23” (حركة 23 مارس) وهى تمرد تدعمه رواندا استولى على مساحات كبيرة من الأراضى إثر مواجهات مع القوات المسلحة الكونغولية والميليشيات التابعة لها.
وقد أدى هذا التمرد إلى تفاقم أزمة إنسانية مستمرة منذ ثلاثين عاماً فى شمال كيفو (شرق)، وهى منطقة غنية بالمعادن، حيث يوجد مئات الآلاف من النازحين فى ملاجئ مؤقتة على مشارف غوما، عاصمة الإقليم.
وانتهى توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين كيجالى وكينشاسا فى بداية أغسطس إلى استقرار خط المواجهة، لكن “حركة 23 مارس” استأنفت الهجوم فى نهاية أكتوبر، واستولت على عدة مواقع.
ومع ذلك، يتشبث البلدان المتجاوران بالحوار، فقد التقى وزيرا خارجيتهما فى بداية نوفمبر، وأكدا من جديد على ضرورة احترام وقف إطلاق النار.
وأشار التقرير إلى النزاعات التى تجتاح منطقة الساحل، فالعديد من دول منطقة الساحل من تعانى من هجمات جهادية.
وبدأت بوكو حرام، أحد التنظيمات الجهادية الرئيسية فى المنطقة، تمرداً فى نيجيريا فى عام 2009، مما أسفر عن مقتل نحو 40 ألف شخص وتشريد أكثر من مليونى شخص، قبل أن تنتشر فى البلدان الحدودية.
أما فى تشاد، تتواصل الهجمات التى تشنها جماعة بوكو حرام أو جماعة منشقة عنها فى منطقة بحيرة تشاد.
وأطلق الجيش عملية عسكرية فى نهاية أكتوبر بهدف “القضاء على القوة الضاربة” لبوكو حرام.
وفى ما يسمى بمنطقة “الحدود الثلاثة”، تواجه مالى وبوركينا فاسو والنيجر الجهاديين فى منطقة الساحل المنتسبين إلى تنظيم داعش وتنظيم القاعدة.
وقامت هذه الدول الثلاث، بقيادة أنظمة عسكرية فى أعقاب الانقلابات بين عامى 2020 و2023، بطرد الجيش الفرنسى من أراضيها وشكلت تحالف دول الساحل للتعاون فى مواجهة التهديد الجهادى.
ولم تحقق الهجمات نجاحاً فى الوقت الحالى وتسببت فى مقتل ما يقرب من 7آلاف مدنى وعسكرى فى بوركينا فاسو منذ يناير، وأكثر من 1500 فى النيجر وأكثر من 3600 فى مالى، وفقاً لمنظمة أكليد غير الحكومية مع تزايد الصعوبات للحصول على المعلومات.
وأشار التقرير إلى حالة عدم الاستقرار السياسى المزمن التى تعانى منها دولة هايتى منذ عقود.
وتفاقم مستوى عنف العصابات، المتأصل بشكل فعلى فى الدولة الكاريبية منذ فبراير الماضى، حيث تسيطر العصابات على 80% من العاصمة بورت أو برنس.
وسجلت الأمم المتحدة 4544 حالة وفاة بسبب أعمال العنف منذ بداية العام، مؤكدةً أن الاحصاءات “ربما تكون أعلى”.
وتستهدف أعمال العنف بشكل خاص الأطفال فى بعض الأحيان، حيث يتم تشويه الضحايا أو رجمهم أو قطع رؤوسهم أو حرقهم أحياء أو دفنهم أحياء.
ودفعت أهوال العنف أكثر من 700 ألف شخص، نصفهم من الأطفال، إلى الفرار من منازلهم، بحسب المنظمة الدولية للهجرة.
وبدعم من الأمم المتحدة وواشنطن، بدأت بعثة دعم الشرطة المتعددة الجنسيات بقيادة كينيا فى الانتشار هذا الصيف.
وتناول التقرير الصراع الدموى فى بورما، الذى اشتغل منذ منذ العام 2021 بعد الانقلاب الذى قاده المجلس العسكرى ضد حكومة منتخبة ديموقراطياً.
وتصاعدت حدة الحرب الأهلية، التى تسببت فى مقتل أكثر من 5300 مدنى وتشريد أكثر من 3,3 مليون شخص وفقاً للأمم المتحدة، خلال العام الماضى بسبب صعود القوات المعارضة للمجلس العسكرى.
وفى الأشهر الأخيرة، هاجم المتمردون ماندالاى، ثاني أكبر مدينة فى البلاد، بالصواريخ والمسيّرات، وفى نهاية أكتوبر سيطروا على الطريق الذى يربطها بالصين، الشريك التجارى الرئيسى للبلاد.
والسيطرة على هذا المحور تحرم المجلس العسكرى من الضرائب المربحة وتهدد قواعده فى السهول الوسطى.
وفى مواجهة هذه الصعوبات، دعا المجلس العسكرى الجماعات المسلحة فى نهاية سبتمبر إلى بدء محادثات السلام، وهو المقترح الذى ظل حتى الآن حبراً على ورق.