السودان

السودان يستنكر قرارات واتهامات أمريكية ويصفها بـ”الابتزاز السياسى”

كتبت : د.هيام الإبس

 

 

السودان يستنكر قرارات واتهامات أمريكية ويصفها بـ”الابتزاز السياسى” ويصف اتهامات استخدام الأسلحة الكيميائية بـ”الكاذبة”

استنكرت الحكومة السودانية ما وصفته بـ”الابتزاز السياسي وتزييف الحقائق” من قبل الإدارة الأمريكية على خلفية قرارات صدرت مؤخراً بشأن الوضع في السودان، وقال وزير الثقافة والإعلام، الناطق الرسمي باسم الحكومة، خالد الإعيسر، إن الحكومة “تتابع وباستنكار شديد، ما صدر عن الإدارة الأمريكية من اتهامات وقرارات تتسم بالابتزاز السياسي وتزييف الحقائق.
وأضاف الإعيسر في بيان، أن الولايات المتحدة “دأبت، على مدى سنوات طويلة، على انتهاج سياسات تعرقل مسيرة الشعب السوداني نحو الاستقرار والسلام والازدهار”، مشيراً إلى أن استئناف مثل هذه السياسات “ليس مستغرباً” مع تحقيق الدولة”تقدماً ملموساً على الأرض”.

وقالت وزارة الخارجية الأمريكية أمس، إنها تعتزم فرض عقوبات على السودان، على خلفية اتهامات باستخدام أسلحة كيميائية في عام 2024. مشيرة إلى أن العقوبات ستشمل قيوداً على الصادرات الأمريكية وخطوط الائتمان الحكومية، وذكرت أنها  ستدخل حيز التنفيذ في 6 يونيو 2025 بعد إشعار عام.
وأشار وزير الثقافة والإعلام، الناطق الرسمي باسم الحكومة، خالد الاعيسر، إلى أن ما وصفه بـ”فبركة الاتهامات وترويج الأكاذيب” – بما في ذلك المزاعم الأخيرة التي قال إنها تفتقر لأي أدلة – يُمثل امتداداً لنهج أمريكى قديم يستند إلى خارطة الطريق التي تبنتها الإدارة الأمريكية السابقة عام 2005، والتي يتم تعديلها مرحلياً بما يخدم المصالح الأمريكية على حد قوله.
وأضاف أن هذه المزاعم، التي استهدفت مجدداً القوات المسلحة السودانية، تأتي في وقت حققت فيه الأخيرة تقدماً ميدانياً غيّر من معادلات المعركة، بالتوازي مع خطوات سياسية تمثلت في تعيين رئيس وزراء، في ما اعتبره تطوراً مفصلياً في مسار إعادة بناء مؤسسات الدولة، ولفت إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها الولايات المتحدة إلى استخدام أدوات مماثلة، دون أن تحقق أهدافها السابقة.
وأشار الإعيسر إلى التصريحات التي أدلت بها السيناتور الأمريكية سارة جاكوب، والتي انتقدت خلالها موقف الإدارة الأمريكية من انتهاكات الدعم السريع في السودان التي ارتكبت بدعم من دولة الإمارات، ودعت إلى فرض حظر على تزويد الأخيرة بالسلاح. واعتبر أن هذه التصريحات تعبّر عن وجود أصوات داخل الولايات المتحدة “تعي حقيقة الأزمة، وتدرك حجم المظالم الواقعة على الشعب السوداني”.
وتابع الإعيسر قائلاً: “نذكّر بأن الولايات المتحدة سبق أن قصفت مصنع الشفاء في أغسطس 1998، استنادً إلى مزاعم ثبت لاحقاً زيفها، إذ تبين أن المصنع مخصص لإنتاج الأدوية، واليوم، تعود ذات المزاعم عبر اتهامات لا تستند إلى أي أساس بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية”.
وأضاف أن “واشنطن تلتزم الصمت حيال الجرائم الموثقة ضد المدنيين في دارفور ومناطق أخرى، والتي تتحمل مسؤوليتها دولة الإمارات من خلال دعمها الواسع للميليشيات، عبر تزويدها بطائرات مسيّرة، وأسلحة أمريكية متطورة، وتمويل مالي اعترفت به لجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة”.
وأكد أن الرواية التي تروج لها الإدارة الأمريكية دولياً، ليست – بحسب تعبيره – سوى “محاولة جديدة لتضليل الرأي العام، وتوفير غطاء سياسي لجهات فقدت شرعيتها، وتورطت في ارتكاب انتهاكات ضد المدنيين”.

وأردف أن “الإدارة الأمريكية سبق أن سعت لفرض الاتفاق الإطاري على الشعب السوداني بما يضمن بقاء الميليشيات ضمن مرحلة انتقالية مصطنعة، متجاهلة تطلعات السودانيين في بناء دولة مدنية عادلة تقوم على القانون والسيادة، من خلال انتخابات حرة وشفافة”.
وأكد الإعيسر أن “الشعب السوداني وحكومته يدركان طبيعة هذا الابتزاز السياسي المستمر”، مشيراً إلى أن ما يجري اليوم ليس إلا تكراراً لأخطاء سابقة في تعامل واشنطن مع قضايا السودان، غير أن “الفرق هو أن هذه التدخلات – التي تفتقر إلى الأسس الأخلاقية والقانونية – سلبت الإدارة الأمريكية ما تبقى من مصداقية، وأضعفت فرص تأثيرها في الشأن السوداني نتيجة لقراراتها الأحادية والمجحفة”.
وختم بالقول: “على الحكومة الأمريكية أن تعي أن حكومة السودان، المدعومة بإرادة شعبها، ماضية في طريقها حتى تحقيق النصر الكامل في معركة الكرامة، ولن تُثنيها أي محاولات تستهدف عرقلة تطلعات السودانيين نحو حياة كريمة وتحرير البلاد من قبضة الميليشيات وتدخلات دول العدوان”.

يذكر أن الولايات المتحدة فرضت في يناير 2025 عقوبات على الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، مشيرة إلى أنه يفضّل الحسم العسكري على الانخراط في مسار تفاوضي لإنهاء النزاع.
كما وجّهت اتهامات لقوات الدعم السريع وميليشيات متحالفة معها بارتكاب جرائم وصفتها بـ”الإبادة الجماعية”، وأدرجت عدداً من قادتها ضمن قائمة العقوبات، من بينهم قائد القوات محمد حمدان دقلو الشهير بـ”حميدتى”.

الناطق باسم الجيش .. نخوض حربنا بأساليب نظيفة ولا نستخدم أي أسلحة محرمة مطلقاً

من جانبه، أكد الجيش السوداني اليوم الجمعة، أن اتهامه باستخدام أسلحة كيميائية مبررات خطيرة و مضللة، وقال الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة، العميد نبيل عبد الله، نحن نخوض حربناً المشروعة بأساليب نظيفة ولا يستخدم أي أسلحة محرمة مطلقاً، وأضاف: “هم يعلمون ذلك، وفي نفس الوقت يتعمدون غض الطرف عن المجرمين الحقيقيين وهم مليشيا آل دقلو”، على حد قوله.
جاء هذا التقرير مع عقوبات أمريكية فُرضت على قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان بعد اتهامه بارتكاب انتهاكات تضمنت القصف العشوائي للمدنيين، واستخدام التجويع كسلاح حرب.

ووفقًا للأمم المتحدة، فإن الحرب المستمرة بين الجيش السوداني وميليشيا قوات الدعم السريع أسفرت عن أكثر من 24 ألف قتيل، ودفعت أكثر من 14 مليون شخص للنزوح داخل البلاد وخارجها، في ظل أزمة إنسانية خانقة ونقص حاد في الغذاء والدواء.

نزوح عشرات الآلاف في غرب كردفان وشمال دارفور خلال مايو

من جهة أخرى، أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إن تصاعد القتال في مناطق مختلفة في جميع أنحاء السودان يدفع المدنيين إلى ترك منازلهم واللوذ بالملاجئ.
وفي ولاية غرب كردفان، قالت المنظمة الدولية للهجرة إن تفاقم انعدام الأمن أجبر ما يقرب من 47,000 رجل وامرأة وطفل على مغادرة مدينتي الخوي والنهود هذا الشهر. وكان العديد من هؤلاء الأشخاص نزحوا داخلياً بالفعل، وهم الآن مجبرون على النزوح للمرة الثانية.

وفى ولاية شمال دارفور، أفادت المنظمة بأن حوالي 1,000 شخص نزحوا من معسكر أبو شوك ومدينة الفاشر خلال الأسبوع الماضي وحده بسبب انعدام الأمن، ولجأ معظم هؤلاء الأشخاص إلى مناطق أخرى من محلية الفاشر بحثاً عن الأمان، بينما فر آخرون إلى الطويلة.

وبذلك يصل إجمالي عدد النازحين من أبو شوك والفاشر هذا الشهر إلى 6000 شخص. وتشير التقديرات إلى أن ولاية شمال دارفور تستضيف أكثر من 1.7 مليون نازح.
وذكَّر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بأنه وشركاءه عززوا حجم المساعدات في الطويلة خلال الأسابيع الأخيرة.

حالات كوليرا ومياه غير آمنة

وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إن ارتفاع أسعار المواد الغذائية يؤدي إلى تفاقم الأزمة، وأعرب كذلك عن القلق إزاء زيادة حالات الكوليرا في بعض المناطق بولاية الخرطوم.
وأضاف أن الوضع في الخرطوم نفسها يتفاقم بسبب انقطاع التيار الكهربائي شبه الكامل خلال الأسبوع الماضي، والذي أفادت تقارير بأنه ناجم عن هجمات بطائرات مسيرة على البنية التحتية الحيوية للطاقة.
وأدى ذلك إلى تعطيل الوصول إلى المياه والرعاية الصحية بشدة، بما في ذلك في المستشفيات حيث تشتد الحاجة إليها.
وأشار مكتب أوتشا إلى أن السكان يلجؤون إلى مصادر مياه غير آمنة، مما يزيد من خطر تفشي الأمراض المنقولة بالمياه.

لاجئون يصلون من جنوب السودان
وقال مكتب أوتشا إن الاحتياجات في ولاية النيل الأبيض، تتزايد مع وصول مزيد من الأشخاص من جنوب السودان المجاور، هرباً من انعدام الأمن وتدهور الأوضاع هناك.

وعلى مدار الأسابيع الست الماضية، عبر أكثر من 25,000 لاجئ من جنوب السودان، معظمهم من النساء والأطفال، إلى النيل الأبيض بحثاً عن الأمان، وفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بناء على معلومات وردت من الحكومة هناك.

وأكد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية على أنه رغم أن العاملين في المجال الإنساني يبذلون قصارى جهدهم لمساعدة المحتاجين، فإن هناك حاجة ملحة لمزيد من الوصول والتمويل المرن.
وأوضح أنه حتى الآن، لم يتم تلقي سوى 552 مليون دولار أمريكي من التمويل لخطة الاستجابة الإنسانية لهذا العام، وهذا يمثل ما يزيد قليلاً عن 13 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب والبالغ 4.2 مليار دولار أمريكي.

السيطرة على مدينة الدبيبات بجنوب كردفان

فى غضون ذلك ، أعلنت القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح، اليوم الجمعة، استعادة السيطرة على مدينة الدبيبات الواقعة في ولاية جنوب كردفان، بعد معارك ضارية يخوضها الجيش برفقة الكتائب المساندة له ضد قوات الدعم السريع.

وذكرت القوة المشتركة في بيان، أن “الزحف مستمر نحو المناطق الأخرى”،محذرة قوات الدعم السريع: “عليكم إيجاد مخرج لأن العاصفة قادمة بقوة”، طبقاً لما ورد.
وتعتبر منطقة الدبيبات أهم مراكز الثقل الميداني لقوات الدعم السريع في جنوب كردفان، وتبرز كموقع حيوي، لوقوعها في نقطة تقاطع تربط شمال كردفان بجنوبها، فضلاً عن قربها من مناطق حيوية لإنتاج النفط والمحاصيل، ما يمنح السيطرة عليها بعداً استراتيجيًا في مجريات الصراع.
وكانت ولاية جنوب كردفان ساحة مواجهة خلال الحرب الأهلية مع الحركة الشعبية قبل انفصال الجنوب في العام 2011. ولا تزال تحتضن مجموعات مسلحة محلية، وسط  مخاوف من انخراطها في الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى