الصراط المستقيم

السيرة النبوية (18).. يا أعداء الامة .. أين السيف ؟

بقلم : الدكتور محمد النجار 

ذكرنا في الحلقة السابقة (17) أوائل النساء اللائي أسلمن ، وشراء أبي بكر الصديق لإخوانه في العقيدة من العبيد والموالي والضعفاء  الذين كانوا يعانون من تعذيب قريش لهم بسبب اسلامهم ، وهذا أبلغ رد على المستشرقين والعلمانيين على افتراءاتهم بانتشار الاسلام بحد السيف .

ونبدأ  الآن في الحلقة (18) بإذن الله  عنوان الحلقة (( يا أعداء الامة .. أين السيف ؟)).

استمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو  سرا  لعبادة  الله وحده ونبذ الأصنام ، وكان حذرا  من تعصب قريش لشركها وأوثانها ، وكان لا يدعو في المجالس العمة لقريش  واقتصرت دعوته على من يثق بهم أو يتصل به بقرابة أو سابق معرفة  حتى لا تصطدم الدعوة مع اصحاب القلوب الغليظة واصحاب المصالح الذين سيقفوا ضدها بالمرصاد ، فإن كل دعوة اصلاح حتما تصطدم بالمفسدين  واصحاب الاهواء الذين يعيثون في الارض فسادا ولا يعرفون لهم ربا سيحاسبهم عما اقترفت ايديهم وان لهم موعد حتمي يقفون فيه امام رب العالمين .

أين الإرهاب وأين السيف لإدخال الناس في الاسلام ؟؟

قد رأينا في الحلقات الماضية ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يخُفي دعوته ولا يُظهرها ، ويستسرها ولا يُعلنها ورغم ذلك اكتسبت كثيراً ممن اقتنعوا ، والتحقوا  بها من كبار القوم واصغرهم ، من الفقراء والاغنياء ، ومن النساء والرجال ، و العبيد والموالي والاحرار ..

فأين السيف الذي يتحدث عنه المستشرقون؟؟

وأين الارهاب الذي يتحدث عنه العلمانيون  الذي استخدمه محمد صلى الله عليه وسلم لإدخال الناس في دين الله ؟

استخدام قريش الحراب ضد المؤمنين :

لم يستخدم محمد واصحابه أي عنف ضد قريش خلال ثلاثة عشر سنة قضاها في الدعوة الى الله  .

بل أن قريش هي التي استخدمت القسوة والعنف في تعذيب المؤمنين .

لقد أذاق ابو جهل  لعنه الله (( سمية )) أشد العذاب ، ونكل بها أشد التنكيل ، لقد تفنن في تعذيبها والتغليظ في إيذائها . لم يرحمها كونها امرأة ، ولم يشفق عليها   كونها امرأة عجوز كبيرة في سنها .

وبلغت قسوته وجبروته أن ضربها  بحربته في موضع عفتها ، وسقطت شهيدة مضمخة في دمائها ، ولا يوجد في جسدها  مكانا إلا عليه علامات الألم والضرب والتعذيب..

ورغم ما حدث لسمية من تعذيب إلا  أنها لم تتراجع عن دينها  ،ولم تستسلم رغم ايذائها  .

إنها القوة الايمانية للمؤمن  التي تستند على ركن الله الشديد .

فأين السيف الذي استخدمه محمد حتى يؤمن به هؤلاء  الاقوياء ..أو أولئك المستضعفين؟؟

النبي ينشر  دعوته بالإقناع  في مكة:

نشر النبي صلى الله عليه وسلم كلمة الله بالإقناع ، وبلغ ذلك حدا  بعيدا بين الرسول وبين اليهود في مكة .

وقضى ثلاثة عشر  عاما وسلاحه الوحيد القول والكلام مع اهل مكة .. بل وجزيرة العرب كلها ، أهل اللغة وبلاغة اللسان.

ولذلك كان الكلام سلاحه ، والكلام المتميز بالسهولة والبساطة والألفاظ على قدور المعاني ،وهو في هذا كله لا يخرج عن “السهل الممتنع”.

وقد أوجز الجاحظ بلاغة النبي وقدرته البيانية في عبارات رائعة فقال :

(( ألقى الله على كلامه المحبة ، وغشاه بالقبول ، وجمع له من المهابة والحلاوة ، وهو مع استغنائه على عادته ،وقلة حاجة السامع الى معاودته ، لم تسقط له كلمة ولا زلت له قدم ، ولا بارت له حجة، ولا قام له خصم ، ولا أفحمه خطيب ، بل ينبذ الخطب الطوال بالكلام القصير ، ولا يلتمس إسكات الخصم إلا بما يعرفه الخصم ،ولا يحتج إلا بالصدق . ثم لم يُسمع الناس بكلام  أعم نفعا ، ولا أصدق لفظا ولا أعدل وزنا  من كلامه صلى الله عليه وسلم  .

أي إرهاب وأي سيف ؟؟

إن الرجل حين يقاتل من حوله إنما يقاتلهم بالمئات والألوف .. وقد كان المئات والألوف الذين دخلوا في الدين الجديد يتعرضون لسيوف المشركين ولا يُعَرِضُون أحدا لسيوفهم ، وكانوا  يلقون عنتا ولا يصيبون أحدا  بعنت ، وكانوا  يُخرجون من ديارهم لياذاً بأنفسهم وأبنائهم من كيد الكائدين ، ونقمة الناقمين ، ولا يُخرجون أحداً من داره .

فهم لم يُسْلِمُوا على حد السيف خوفا من سيوف المشركين ووعيد الأقوياء المتحكمين .. ولما تكاثروا  وتناصروا حملوا السيف ليدفعوا الأذى ويبطلوا  الإرهاب والوعيد ، ولم يحملوه ليبدأوا  واحدا  بعدوان أو يستطيلوا على الناس بالسلطان.  )))

مرحلة جديدة للدعوة الاسلامية

دخل في الاسلام عدد من كبار  قريش وإن كان قليلا ، ووصلت دعوة الاسلام الى كل بيت من بيوت قريش ، فكان الناس بين مؤمن بهذه الدعوة الإلهية وهؤلاء كانوا من الذين يتميزون بصفاء النفس الذي لم يعكره التعصب الأعمى ، وبين كاره لدعوة الحق متعصبا  لدين الاباء والاجداد  أو  خائفا على مصالح قد يحرمه منها الدين الجديد .

فكان الوضع بين متبع لدعوة الاسلام وهم قلة ، وبين غير مهتم بهذا الدين  وإن كانوا  الاكثرين.

وكان الاكثرون الذين التحقوا بدعوة الحق هم الضعفاء .. الذين كانوا يشعرون بالقهر والظلم في مجتمعهم وعدم الانصاف والعدلة في القيم المادية و الانسانية التي تحكم مجتمعهم ..ويحلمون في التخلص من تلك العبودية المبنية على الاستبداد والعبودية والقهر  والاسترقاق.

لذلك دخل  الضعفاء والعبيد في الاسلام أمثال عمار بن ياسر وأبيه وأمه ، وخباب بن الأرت ، وبلال الحبشي وغيرهم كثير ، والدعوة بينهم ، يستطيبون سماعها ويصدقون الاستجابة لها ويستعذبون كل ألم  وعذاب في سبيلها .

وكانت الاستجابة للدعوة لا تعتمد على معجزة ولا دليل يُتحدى به ، بل يرون الحق سائغا ، وهو يدعو الى نفسه وما نزل من القرآن يستجيبون له ، أنهم يرونه الحق الواضح ، وفي الداعي وهو محمد الصادق الأمين ، وانما يقدم الدليل للمرتاب ، ويوضح اذا كان الحق يحتاج  الى مقدمات ونتائج ، فإن النبي هو الأمين ، وان الذي يسمعون هو القرآن ، وأن الذين اذا استجابوا من الكبراء هم فضلاء الجماعة  وأمناؤها   .

وكانت الدعوة الفردية مستمرة في الخفاء ، وتكتسب مسلمين جدد في كل يوم وإن كانوا  بأعداد قليلة ، لكن الخفاء لن يستمر طويلا ،لأن الخفاء لا يخلو من إبهام أو  تهوين. كما ان النماء مطلوب للدعوة حتى تنطلق في ارجاء الارض .

ورغم سرية دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحرصه على ابلاغ دعوته سرا على من يثق فيهم ، فقد اخفى الشئ ، واستسر به إلا ان الدعوة سرت في قريش ، وفشا امرها في مكة حتى تحدث بها كل الناس ، فأغاظت قريش وأغضبتها  ، وظهر فيهم الحسد والبغي لرسول الله صلى الله عليه وسلم .

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم طبيعة قريش وأمزجة زعماءها  ومصالحهم ، فظل يدعو  للإسلام سرا  ثلاث سنوات لم يُبادئ  قريش جهرا  بدعوتهم الى الله الواحد الأحد  حتى جاءه الامر الإلهي من الله بمعالنة قريش ودعوتهم الى الله ، ومع ذلك كان الامر  بالإعلان عن دعوته بالتدريج حيث أمره الله بدعوة أقاربه وعشيرته  :

(( وأنْذِرْ عشيرَتَك الأقربين…..))  سورة الشعراء 214

فاذا كانت قريش تُعادي رسول الله صلى الله عليه وسلم وتناصب أتباعه العداء وتؤذيهم اشد الوان العذاب وهو لم يزل يدعو الناس سرا ولم ينكر عليهم عبادتهم الاصنام ، فكيف سيكون عداؤهم عندما  يعلن دعوته وينكر عليهم عبادتهم الاوثان ؟؟

إنه هم كبير  وحمل ثقيل على كاهل رسول الله صلى الله عليه وسلم !!

جاء في التاريخ الكبير  لابن الأثير :

لما أنزل الله تعالى على رسوله(( وانذر عشيرتك الأقربين)) اشتد ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم وضاق ذرعا ، فجلس في بيته كالمريض ، فأتته عماته يُعُدْنَه ، فقال : ما اشتكيت شيئا ، ولكن الله أمرني أن أنذر عشيرتي .

فَقُلْنَ له : فادعهم ولا تدع  أبا  لهب فيهم ، فإنه غير مجيبك!!

فدعاهم ومعهم نفر من بني المطلب بن عبد مناف ، فكانوا خمسة واربعين  .

فصعد النبي صلى الله عليه وسلم على جبل الصفا ، ونادى علي قومه حتى يدعوهم الى الله :

عن ابن عباس رضي الله عنهما  قال :

لما نزلت  (( وأنذر عشيرتك الاقربين )) صعد النبي صلى الله عليه وسلم على جبل الصفا، فجعل ينادي  :

“يَا بَنِي فِهْرٍ، يَا بَنِي عَدِيٍّ، يَا بَنِي هَاشِمٍ”ٍ. كل بطون قريش حتى اجتمعوا، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولاً لينظر ما الأمر، فجاء -كما يقول ابن عباس في رواية البخاري- أبو لهب وقريش (يذكر أبا لهب خاصة لموقفه في هذا الحدث(

فقال  :”أَرَأَيْتُكُمْ  لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ  أَنَّ خَيْلاً بِالْوَادِي تُرِيدُ أَنْ تُغْيرَ عَلَيْكُمْ، أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟”

ومع أن هذا أمر غاية في الخطورة ويحتاج إلى رويّةٍ وتثبُّت، إلا أنهم قالوا : نعم  ، مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إِلاَّ صِدْقًا.

فقال  ”   : فَإِنِّي نَذِيرٌ لكم  بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ” .

بمعنى  :  إذا كنتم تصدقون إنذاري لكم بخيلٍ وأعداء، فيجب أن تصدقوا إنذاري لكم بعذاب شديد إذا بقيتم على ما أنتم عليه من عبادة الأوثان، وتحكيمها في حياتكم.

فقال ابو لهب : تباً لك سائرَ اليوم ! ألهذا جمعتنا ؟؟

فنزلت الآيات :  (( تبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ، ما أغنى عنه مالُه وما كَسبْ، سَيَصْلى ناراً ذات لهبٍّ )) .

وفي رواية البخار ي عن ابي هريرة  رضي الله عنه قال :

قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزل الله عز وجل (( وأنذر عشيرتك الأقربين )) قال :

(( يا معشر  قريشٍ – أو كلمة  نحوها – اشتروا  أنفسَكم ، لا أغني عنكم من الله شيئا ، يابني  عبد منافٍ ، لا أغني عنكم من الله شيئا . يا عباسُ بن عبدالمطلب ، لا أغني عنك من الله شيئا . ويا صفيةُ  عمة رسول الله ، لا أغني عنك من الله شيئا . ويافاطمةُ بنت محمدٍ ، سَليني ما شئتِ من مالي ، لا أغني عنك من الله شيئا )).

فكانت هذه اقصر طريق  بالتعريف بمقام نبوته صلى الله عليه وسلم ، فقد تحقق إبلاغه رسالته لقريش الأقربين ، وكانت موعظة وانذارا في بلاغة واضحة ، وحكمة بالغة لانظير لها في تاريخ النبوات ..

وفي رواية : ناداهم بطناً بطناً ، ويقول لكل بطن :

(( انقذوا أنفسكم من النار …)) ثم قال : يافاطمة ! أنقذي نفسك من النار ، فإني لا أملك  لكم من الله شيئا ، غير أن لكم رَحِمًا  سأَبُلُّها  بِبِلالِها  ))  البخاري ومسلم.

سكت القوم ،  ولكن أبا لهب قال : تبا  لك سائر اليوم أما دعوتنا  إلا لهذا ؟؟   .

دروس مستفادة  من موقف أبي لهب :

  1. تُظهر مقاومة أبي لهب ضد أبن اخيه محمد صلى الله عليه وسلم مدى طغيان المادة وتأثيرها على فقدان البصر والبصيرة ورؤية الحق ، وانسجام طبيعة أبي لهب المادية وحبه للمال والترف والركون الى الدنيا  وعدم التفكير في الاخرة والتوجه الى الله ويَظهر  ذلك في قول الله تعالى (( تبت يدا أبي لهب وتب ، ما أغنى عن مالُه وما كسب ..))
  2. دقة تقدير (عبدالمطلب – جد النبي صلى الله عليه وسلم) في نظرته لأبنه (أبي لهب) ،فرغم كثرة ماله فلم يختاره لكفالة ابن اخيه محمد ، واسناد كفالته لأبي طالب رغم انه فقير ذو عيال  ، لكنه يتمتع بمكانة رفيعة لدى قريش ، كما انه يستطيع حماية محمد صلى الله عليه وسلم .
  3. معرفة عمات النبي صلى الله عليه وسلم  بأخيهم ابي لهب  وتوقع موقفه ضد دعوة  النبي ومقاومته المتوقعة ضد ابن اخيه صلى الله عليه وسلم ، ولذلك طلبوا من النبي عدم دعوة أخيهم ابي لهب لحضور  عرض دعوته .
  4. اعتراض ابي لهب (كبير المعارضة)عم الرسول صلى الله عليه وسلم ،حتى يعلم الناس ان دعوة النبي ليست عصبية اسرة او قبيلة ، وانما رسالة الله تعالى الى عباده اجمعين وليست رسالة للعرب وحدهم.
  5. لا انساب دم وقبيلة في الاسلام وانما النسب التقوى ( يا معشر قريش ، اشتروا انفسكم، لا أغني عنكم من الله شيئا ، يا بني عبدالمطلب لا أغني عنكم من اله شيئا ، يا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا ،يا فاطمة بنت رسول الله سليني ما شئت من مال، لا أغني عنك من الله شيئا) رواه مسلم

فهل كانت دعوة النبي قريشا للإسلام سهلة ؟؟

ولماذا تعترض قريش على شهادة التوحيد ” لا إله إلا الله ” ؟

أليست كلمة سهلة على اللسان يرددها الانسان ؟

أليست شهادة حق تنطق بها الألسنة وتشهد عليها القلوب؟

هل يمكن لقريش ان تقتنع بما يدعوهم اليه محمد صلى الله عليه وسلم ، وهل يتجاوبوا مع دعوته في أن الله واحد لا شريك له ،وانه مالك الملك ، وانه المدبر لكل شئ ، وهل يدركوا أن آلهتهم التي يعبدونها ويتقربون اليها  لا تُبصرُ  ولا تسمع ، ولا تملك لهم نفعا ولا ضرا ؟

قد تدرك قريش إن الهتهم لا تضر ولا تنفع ، ولا تبصر ولا تسمع ! وأن الله وحده هو الذي يبصر ويسمع وهو الذي بيده النفع والضر، واذا كانوا يدركون هذه الحقيقة ، فلماذا  لا يتخلوا  عن عبادة اصنامهم واوثانهم ؟؟

والاجابة على عدم استجابتهم لدعوة الحق وبقائهم على الباطل بعبادة اصنامهم  فيما يلي :

  1. بقاؤهم على عبادة الاصنام تُدِرُ عليهم الارباح والاموال في مواسم الحج.
  2. لن يتركوا عبادة الاباء والاجداد  لتوارثهم خدمة  هذه الاصنام وحمايتها  لأن العرب يعترفون لقريش بالسيادة والفضل نظير هذه الخدمة .
  3. تخشى قريش أن تؤمن بالله واليوم الاخر حسب الدين الاسلامي فيتركون ملذاتهم وشهواتهم ولهوهم ولعبهم.

انتهت الحلقة السابعة عشر (18) ، ونلتقي معكم  بإذن الله في الحلقة الثامنة عشر(19) يوم الجمعة القادم  مع فقه السيرة وظلال النبوة.   مع ملاحظة  احتفاظي بالمراجع لعدم امكانية نشرها في الجريدة في الوقت الحاضر..

 

د. محمد أحمد  النجار 
 الحمعة 13 ربيع أول 1439هـ
الموافق 1ديسمبر 2017

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.